ديسمبر 30، 2009

صلاة

Eyes__Prayer_and_Rose_by_laverinne هي

تعشق الصلاة معه وتتمنى لو تضع يدها في يده حين تعلن لله أنها تحبه وأنها تريد منه طفلاً صغيراً يشبهه.

هو

يسلم ثم ينظر نحوها كي يقطف بعينيه قطفة أولى من خشوع وجهها حين تسلم, ثم يجد نفسه منجذباً نحوها ولا يطيق الانتظار فيميل عليها ويقبل تحت الحجاب ما بين عنقها وكتفها.

هي

يعجبها تلهفه وتتمنى لو يعلم كم تعشقه, تتمنى لو تبدأه هي فتقبله وتخلع عنه بعضاً من ملابسه, لكنها بعد شهر من زواجهما ما زالت تخجل منه, أو ربما تخاف من أن يسألها كيف وأين ومتى تعلمت أنوثتها.

هو

يمزج كلمات الصلاة في الغرفة ودعائه بأن يرزقه الله طفلة مثلها بكلمات العشق, وحديث طويل ينتهي في الفراش..

هي

تترك نفسها له, وتستمتع أكثر ما تستمتع باستنشاق أنفاسه المتلاحقة والسماع لدقات قلبه التي أصبحت أقوى. ثم حين ينتهي كل شيء تشعر بخجل شديد فتختبئ من نفسها في غابة الشعر الكثيف على صدره وتتظاهر بالنوم بينما يغزوها شعور قوي بعدم الرضا.

هو

يحتضن جسدها الدافئ ويتساءل إن كانت تحبه كما يحبها أم أنها فقط تقوم بواجبها نحوه, ثم يصاب بإحباط شديد حين يفكر في أنها نامت دون أن تخبره وأن كل ما فعله وقاله لم يكن مصوباً بدقة نحو ما أراد, وأنها بعد لم تعلم كم يحبها, وكم أوحشته وهي بين يديه.

هما

تتبادل عيونهما قدراً هائلاً من فرحة غامرة حين يقطع السكون صوت المؤذن لصلاة الفجر.

ديسمبر 25، 2009

ليلة عيد

صحيح إن ليلة راس السنة لسة ما جتش, وصحيح إن مافيش مناسبة غير تاسوعة يعني, لكن النهاردة أنا فرحان بعد شهوووور من نكد متواصل.. وبما إني فرحان قوي فالليلة عندي ليلة عيد. قلت أعمل احتفال فاتمشيت شوية على البحر (وأنا ليا أربع أيام ما خرجتش من القوضة أساسا غير للصلاة) وجبت كوكاكولا (أي والله) وقررت أسمع فيروز قبل ما أرجع للمذاكرة, وقلت تسمعوها معايا :)

ديسمبر 23، 2009

My Mood

تصدق حبيبي?
بتنأوز عالحكي..
متل الطفلة الشقية
بدها تسرق خبرية ..
تسمع عنك شي.. كلمة تطمني.. تردلي الروح

حتى المطارح.. عم تسأل شوبكي
وينو اللي قلك يا حبي...
ما حانعرف معنى الغربة
رحت وهيك تركتلي قلبي .. عم بيلم جروح
عم بيلم جروح


كلمات منير بو عساف.. غناها فضل شاكر.. ولحنها

ديسمبر 22، 2009

سوء تفاهم

Lonely_by_crimsonxxraine وحدي أستطيع أن أستبدل الأبيض والأسود في عينيك بألوان الفرحة... وحدكِ تستطيعين أن ترسمي خريطة جديدة لملامحي وتثيرين بين عضلات وجهي نزاعاً على أحقية كل منها في الابتسامة. لكننا مع هذا نروض منزلينا كي لا يلتقيان صدفة, ونقبض على جماح شرفتينا, ويحكم كل منا إغلاق الستارة, فتظلين بالداخل وحدك, وأظل وحدي!!

الإهداء لتسنيم

ديسمبر 21، 2009

Hayley Westenra

ديسمبر 20، 2009

من الفولكلور السوهاجي التونسي المشترك :)

_

إحنا التونسية..
توينا اندلينا.
لا معانا بندج,
ولا سلاح فـ ادينا
لو حكمونا
ع البلد سدينا

هذه أغنية كان يرددها الأطفال في القرية التي أنتمي إليها (تونس) منذ أكثر من خمسين عاماً, ويظهر فيها واضحاً الاعتزاز القروي بالنسل والنسب والأصل دون وجود مبررات منطقية لذلك. لقد لاحظت هذا حتى على زملائي القرويين الذين درسوا معنا في الجامعة, فأغلبهم لديه قدراً من الاعتزاز بالنفس قد يبلغ التعالي والغرور, رغم أن المستوى المادي لهؤلاء متوسط أو متدني بعض الشيء. وأنا لا أرصد هذا كصفة إيجابية أو سلبية أنا فقط لاحظته وأردت أن أشارككم فيه.

شرح معاني المفردات ومواطن الجمال :)

"توينا اندلينا" أي نزلنا للتو, كما لو أن أهل تونس كانوا يسكنون القمر ثم إذا هم يهبطون (اندلينا أي نزلنا) على الأرض.

"بندج" جمع بندقية ومن الواضح من خلال الصورة أن أهل تونس يعرفون كيف يديرون حال بلد بأكملها وبلا أي طريقة واضحة.

في الأفراح تظهر في القرية بعض الأغاني التي قد يكون لها مضامين جنسية أحياناً أو لا أخلاقية بعض الشيء مثال هذا الأغنية التالية:

زعلان ليه تعالى لما أقولك..
زعلان ليه تعالى لما أقولك..
انت كيلو لحمة وأنا كيلو لحمة
ناكل لما نشبع والعضم لامك

هذه الأغنية التي تبرز معنى شاذاً على مجتمع القرية تقولها النسوة بما فيهن الأم في سعادة بالغة, المقاطع التالية من الأغنية تستبدل اللحم باللب فيصبح القشر لامك وهكذا..

الملاحظ أن أغلب أغاني الأفراح في قريتنا تعتمد على استبدال كلمة في المقطع الأساسي بكلمة أخرى ليتكون مقطع جديد, مثلاً يقولون:

وأنا جلت لامي (أي قلت لأمي)
الهاي الهاي (لا معنى لهذه الصيحة)
لتجوزيني
الهاي الهاي
واحدة تخينة
الهاي الهاي
وعفصتني

المقطع التالي يمكنكم أن تخمنوه:

وأنا جلت لامي
الهاي الهاي
لتجوزيني
الهاي الهاي
واحدة رفيعة
الهاي الهاي
وشوكتني

ويستمر الإبدال والاستبدال كي تنبني مقاطع الأغنية. يلاحظ أيضاً على الأغاني الشعبية الفلكولورية استخدام صيحات لا معنى لها مثل:

سك سك يا وحش
سك سك يا عفش
سك سك ع اللمونة
وبحبك يا ابن المجنونة
سك سك

هذه هي الأغاني التي تغنى بالقرية, في الأحياء الفقيرة بالمدينة تغنى أغنيات أخرى مثل التالية:

أنا عايزة الميكانيكي يجي يصلح الماتور

أنا عايزة الميكانيكي يجي يصلح الماتور

حط إيده يا

على شعري يا

خفت أقوله لأ

ليبوظ الماتور

وتستمر الأغنية في التأكيد على بعض الإشارات الجنسية إلى أن يتم الميكانيكي إصلاح "الماتور" طبعا بعدما يتم تدمير ما تبقى من صبر لدى السامع :)

بالطبع يوجد في التراث الشعبي الصعيدي الكثير من المواويل والأشعار والأغاني الهادفة, والتي غنى منها منير وغنت منها دنيا مسعود الكثير.. لكنني أردت هنا أن ألقي الضوء على منطقة لا يراها الكثيرون.

ديسمبر 19، 2009

هيباتيا الإسكندرية

أحب الإسكندرية بكل ما فيها وأعشق تاريخها, وأعتقد أن حبيبتي لابد أن تكون نسخة طبق الأصل من هيباتيا أو هيبيشا كما تنطق بالإنجليزية (لكم أكره هذا النطق).. هيباتيا التي درست الرياضيات والفلسفة والدين فكانت منارة تضيء لمن حولها. أتساءل هل أحبت بالفعل كما يقولون أم أن هذا النوع من البشر ينشغل بالعلم عن العاطفة؟ مسكين أورستس ومن على شاكلته... أنتظر بفارغ الصبر عرض فيلم أجورا (الكلمة تعني السوق في أثينا القديمة) كي أراها لحماً ودماً من خلال الرائعة ريتشيل وايز..

ديسمبر 18، 2009

لحظة من تأمل

7024_312539350270_570200270_9538782_2628230_n عندما كنت طفلاً –وأنا بما سأقوله لا أدعي أبداً أنني كنت طفلاً عبقرياً فأنا كنت عادياً جداً ومازلت- كنت أفكر في أوجه التشابه بين الذرة والمجموعة الشمسية. فكنت أقول لنفسي إن الذرة نواة حولها إليكترونات, والأرض نواة وحولها القمر, والشمس نواة وحولها الكواكب, وربما يكون للمجرة نواة لا نعرفها, وربما تكون كل المجرات هي في الأساس ذرات مكونة لحجر في يد طفل عملاق يلقيه على شاطئ بحر هائل الحجم على كوكب ما.

عندما كنت طفلاً كنت أنظر إلى الأرض على أنها واحدة من سبع وكنت أظن أن الأراضين مكورة على بعضها كما أكور أنا أغلفة البسكويت الذهبية وألعب بها.. وخلف هذه السموات وفوق هذه الأراضين لابد من صانع ينظر إلينا جميعاً, ويرى أعمالنا.

وكنت مثل أي طفل في سني أدخل في تلك المتوالية التي تبدأ بأنني جئت من نسل أبي وأن أبي يعود لآدم وأن آدم خلقه الله, فأجد نفسي عند سؤال لا إجابة له: من يا ترى خلق الله (ولله المثل الأعلى)؟

العجيب أنني بعد عشرين عاماً مازلت أطرح على نفسي أسئلة وجودية لا أجد لها إجابة.. منذ قليل من السنوات تفكرت في الكيفية التي يراقبنا بها المولى عز وجل, وكيف يستطيع أن يكون مع بلايين البشر وما لا يعد من المخلوقات في نفس الآن, وتوصلت إلى أن هذا ربما يتم من خلال الزمن, فالله يقول في حديثه القدسي "لا تسبوا الدهر, فإنه مني" وفي رواية أخرى "فأنا الدهر". ربما يكون الزمن هو وسيلة الله كي يكون أقرب إلينا "من حبل الوريد".

لم أندهش حين سمعت خبر شيخوخة النعجة دولي المبكرة فقد كان يثبت ما أفكر به. فالزمن هو البعد الرابع لكل الموجودات وهو الذي يحدد وقت هلاك الحيوانات والجمادات وهو مرتبط بطريقة ما بالله الذي يرانا ويسمعنا جميعاً, لا مشكلة في فهم سماع الله لنا جميعاً إن كان الصوت الذي يخرج من أفواهنا له هو أيضاً بعد رابع غير داخل في تكوينه متصل بالذات الإلهية.

الدين الإسلامي لا يقدم إجابات عن السؤال السابق (كيف يرانا الله ويسمعنا جميعاً في ذات الآن؟) ولا عن بقية الأسئلة التي تدور بعقلي.. فديننا يعد الكثير من علامات الاستفهام أموراً غيبية واجب الإيمان بها, وخطر التفكر فيها. وهو يقدم لنا الله بصفاته السلوكية. فالله هو الرحمن الرحيم الملك القدوس إلى غير هذا من أسماء الله وصفاته. لكنه لا يخبرنا عن أي من صفات الله غير السلوكية. والإشارة الوحيدة إلى رؤية الله موجودة في قصة سيدنا موسى حين لم يستقر به الجبل "وخر موسى صعقا" (الأعراف 143) دون أن يرى الله.

نحن نؤمن في أن الله موجود من خلال الاستدلال, فالله لم يره أحد. والاستدلال على وجود الله ليس بالأمر الجديد, فقد كانت حكمة الأعراب تصل إليه, وجملة الراعي الشهيرة في هذا خير مثل: " إن البعرة تدل على البعير، وإن الأثر يدل على المسير؛ فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، أفلا تدل على السميع القدير؟". لكن الاستدلال العقلي شيء والإيمان القلبي شيء آخر. ومن يحب تنتابه دائماً شكوك وأفكار تدور كلها حول حبيبه. ويرغب دائماً في أن يطمئن إلى أن كل هذا المقدار من الحب لن يضيع. الله لم ينكر على عبده إبراهيم حين أراد أن يرى قدرته كي يطمئن. "قال أولم تؤمن. قال بلى ولكن ليطمئن قلبي" (البقرة260).

تدور في عقلي الكثير من الأسئلة التي ربما من الحكمة ألا أنطق بها.. بحثت عن إجابة في ترجمة معاني القرآن, وأنا اخترت الترجمة لأنني حين أقرأها أشعر بأن الكلمات والمعاني تلبس أثواباً مختلفة علي. وفي رحلتي نحو إيمان مطمئن قررت أن أقرأ بعض النصوص من العهد القديم إلا أنني لم أكمل القراءة لأسباب تتعلق بعدم اتساق ما قرأت مع مفهومي عن الكتب السماوية التي يمكن أن نتعبد بتلاوتها. ثم انتقلت إلى المسيحية, وقرأت فلم أجد إنجيلاً وإنما أناجيل تحكي عن حياة السيد المسيح وتهمل فترة من حياته تصل إلى خمسة عشر عاماً. لم أجد في المسيحية الكتاب المقدس الذي كنت أظنه وما قرأته لم يتعد كونه أحاديث للمسيح أو حكايات عنه تضع المزيد من علامات الاستفهام ولا تجيب عن أي منها. انتقلت بعد هذا إلى كتابات اللادينيين فإذا هم يزعمون أنهم أصحاب دين!! هم يقولون أنهم لا يؤمنون بوجود أصدقاء تخيليين يساعدونهم ويرزقونهم ويشفونهم مثلما يؤمن البوذيون والمسلمون والمسيحيون واليهود. فهم يؤمنون في الأصدقاء الحقيقيين الذين يقرضونهم حين يتعثرون ويقفون إلى جوارهم حين يمرضون. لكن المنطق الذي ينطلقون منه مغلوط من الأساس. فالثابت أننا لا نعلم كل شيء, وأن الأصدقاء الحقيقيين (بتعبيرهم هم) موجودون لكن هناك من خلقهم. فجميع الأفكار التي استند إليها اللادينيون في تفسير الخلق من أول النشوء والارتقاء إلى الانفجار العظيم غير منطقية, ولا يمكن أن يصدقها عقل, وقد دحض مثل هذه الأفكار كثير من العلماء منذ قرون مضت وكان من أبرز هؤلاء الحسن البصري. البهائيون أيضاً لم يكن عندهم أي إجابة, فالكتاب الأقدس الخاص بهم مضحك في بعض نصوصه, والديانة كلها ما هي إلا إسلام متحلل محرف ومخفف.

يرى الكثيرون أن العقل البشري أقل من أن يسأل عن خالقه, وأنه لن يستطيع أن يفهم, لكنهم لم يتحدثوا عن القلب وكيف يستقر إن لم يطمئن. الثابت أن جميع الأنبياء والرسل كانوا يتفكرون في الله وفي خلق السماوات والأرض قبل بعثتهم. ربما لهذا منحهم الله شرفي النبوة والرسالة.

غريب أن تكتشف بعد ربع قرن من مشيك على الأرض أنك لم تعد تعطي نفسك ساعة كي تفكر في خالقك, وأن آخر مرة فعلت فيها هذا كان منذ سنوات كثيرة, وأنك تلهو وتمرح وتغيب عقلك, بل وتستند في هذا التغييب عن الدين بالدين.

ديسمبر 17، 2009

الفبركة والبحث العلمي

CMHRimage

 الآن وبعد عشر سنوات تقريباً بدأت الرؤية تتضح..

بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية يجد الطالب نفسه أمام الكثير من الكليات والتخصصات. ويبدأ في التشتت إن كانت لديه خيارات كثيرة وهو لا يعلم أن العدس هو الكهرمان.

فالعلوم كلها تنقسم إلى قسمين أساسيين, الأول هو العلوم الطبيعية, والثاني هو العلوم الإنسانية. أما العلوم الطبيعية فتتراكب فيها المعرفة, ويعلو البناء. فما توصل إليه عالم يصبح بداية طريق البحث للعالم الذي يليه. أما في العلوم الإنسانية فالخطوط فيها متوازية والمباني صغيرة الحجم لا تزيد عن دورين أو ثلاثة. كما لو كان مقاولوها يخشون قرارات الإزالة !!!

الآن وبعد عشر سنوات من دراستي للتربية عرفت لماذا أكرهها ولماذا أقول لنفسي دائماً إنني لم أقبض على علم في هذا المجال. الحقيقة أنني أتعامل مع التربية على أنها علم طبيعي. هذه هي الخدعة التي خدعها لنا جون ديوي ببنائه المنهج شبه التجريبي في البحث التربوي. والمنهج شبه التجريبي لمن لا يعلم هو منهج بحثي يقوم على التعامل مع الظواهر الإنسانية كما لو كانت طبيعية, وإنطلاقاً من هذه المسلمة يتم إجراء التجارب على البشر بإدخال أحد العوامل إلى حيز تواجدهم وملاحظة تأثير هذا العامل على عامل آخر تابع. هذه العلمية يطلق عليها "بحوث العملية والناتج".

لكن خدعة جون ديوي هذه لم تستمر طويلاً وبدأت الأصوات تتعالى وتنادي بأن التربية علم إنساني ينبغي أن يعتمد في دراسته وبشكل أساسي على المنهج الكيفي.

أنا أكره التربية إذاً ليس لشيء إلا لأن مبانيها قميئة وأنا أريد أن أقف على ارتفاع كبير.

تخرج الآداب خارج دائرة المقارنة, فهي ليست علوماً وهي تعترف بهذا, ومن هنا فالبحث فيها أوضح وأكثر اتساقاً. أما ما يحدث في علم مثل التربية فهو ما يحدث حين يتوهم كلب بلدي عادي أنه كلب حراسة بوليسي, فيبدأ بالنباح والشمشمة بينما يفضحه شكله ولون جلده.

الآن فقط عرفت أن العدس هو الكهرمان, ومن لا يحب السبيط لا يجب عليه أن يقرب الكاليماري. ومن يحب أن يقف على ارتفاع عال كان عليه من البداية أن يختار أحد المباني الشاهقة.

لماذا أتحدث في أنواع العلوم والبحث التربوي وأذكر كل هذه الأنواع من الأطعمة؟ ربما لأنني اكتشفت أن البحث العلمي في بلادنا هو نوع من أنواع الطبيخ المقنن. أغلب الأبحاث التربوية تتعامل مع الظواهر الإنسانية بالمنهج شبه التجريبي الذي تحدثت عنه سابقاً فتبحث أثر س على ص عند الطلاب ع ويمكن لمن يقوم بالأبحاث الجديدة بعد هذا أن يغير س ويجعلها ش مثلاً فيصبح البحث جديداً, ويهتف الجميع معجبين بدال كبيرة يجرها الباحث خلفه في فخر.

ما يحدث في البحث التربوي المصري هو نوع من الفبركة المقننة والقليل جدا  من الناس يدعون إلى التغيير ويرغبون في تجشم عناء المحاولة.. ومن هؤلاء أستاذي صلاح الخراشي. الرجل عالم بحق, وحين تكلم انطبعت كلماته على ما يدور بذهني. هو أحد القلائل الذين يرغبون في عمل بحوث جادة تخاطب مشكلات حقيقية بينما يحب الكثيرون أن يتمادوا في اn581432827_657734_3272لسهل الذي "يؤكل عيش". إحدى الزميلات قالت لي إن الأساتذة لديهم (في أحد الجامعات الإقليمية) يقولون إن هناك تطورات مهولة في البحث التربوي منها أن بحوث الأثر (مسمى ثان لبحوث العملية والناتج) لم تعد تذكر بهذا الاسم ولكن أصبحت بحوث الفاعلية!!! كما ترون فالتطور كبير والفرق شاسع بين أثر استخدام كذا وفاعلية استخدام كذا!!!

الخلاصة أن الباحثين المصريين في المجال التربوي لا يختلفون كثيراً عن طلبة المدارس في يوم الامتحان. فكلا الفريقين يفبرك, وكلا الفريقين يغش إلا من رحم ربي.

ديسمبر 09، 2009

من العهد الجديد

هنيئًا للمساكينِ في الرُّوحِ
لأنَّ لهُم مَلكوتَ السَّماواتِ.
هنيئًا للمَحزونينَ، لأنَّهُم يُعزَّونَ.
.....
هنيئًا لكُم إذا عَيَّروكم و اضطَهَدوكم
وقالوا علَيكُمْ كذِبًا كلَّ كلِمةِ سوءٍ مِنْ أجلي.
افرَحوا و ابتَهِجوا، لأنَّ أَجرَكم في السَّماواتِ عظيمٌ.

العهد الجديد- إنجيل متى

ديسمبر 07، 2009

لقاء مع الرخاوي في قناة أنا

بعد طول انتظار الكاتب والمبدع والقاص والمترجم الكبير عمرو محمود السيد يتواضع ويظهر كضيف عادي في قناة “أنا” في برنامج مع الرخاوي تقديم مروة الشافعي وإعداد مروة أشرف.

صحيح إن شكلي في البرنامج في الضياع وكأني جاي من نوبة خدمة طول الليل في الجيش وكمان طالع تخين وفشلة, وصحيح انهم غلطوا في اسمي وكتبوه “عمرو جبريل” (وده بيفكرني بشركة المرعبين المحدودة هههههه) لكن دمي شربات والله وكنت نجم الحلقة.. ده الجزء الأول وجاري البحث عن بقية الأجزاء..

:)

على فكرة أنا نزلت الجزء اللي باطلع فيه على يوتيوب لمشاهدة أفضل..

سكر

gkj المطر الذي أفسد زينة حبيبتي وجعل الكحل يسيل على خديها مظلوم بلا شك, فهو لم يكن يعرف أنها تذوب مثل أي قطعة سكر..

ديسمبر 01، 2009

هي.. هو.. نحن

هي:

تتثاءب في كسل أمام الشوتايم, وتغمض عينيها في استمتاع واضح بينما أداعب فراءها ثم تنهض من بين يدي متجهة نحو طبق الحليب الممتلئ.

هو:

تمتلئ أذنيه بآيات من قرآن يتلوه عبد الباسط بعد صلاة الفجر في مذياع المقهى.. ويهرول مبتعدا عن قطرات الماء التي تتناثر كل يوم في مثل هذا الموعد بين الكراسي والمناضد فيتجه نحو محل الجزارة, وينتظر وجبة الإفطار من عظم ومن فضلات تقطيع اللحم..

نحن:

أسرة محافظة أحبت قطتنا السيامية قطاً بلدياً أصفر, فلم تنهرها أمها, ولم يعترض أخوتها, ولم تكترث هي لاندهاشنا واستنكارنا ولم تتوقف بعد زواجها به عن مشاهدة الشوتايم.

نوفمبر 18، 2009

قرار وتجربة

قبل أن أخلد إلى النوم تفكرت في قيمة التفاعل عبر الإنترنت في حياتي. لم أستغرق الكثير من الوقت قبل أن أكتشف أنه أضاف كثيراً, لكنه للأسف أخذ أكثر مما أضاف. التفاعل عبر الإنترنت جعلني أكون صداقات أثيرية لم أكن أحلم بتكوينها, وعرفني على شخصيات مميزة, وبفضله ضحكت من قلبي كثيراً لكنه أيضاً ترك جروحاً لن تندمل وسلبني الابتسامة في الكثير من الأحيان. ما أريدكم أن تعلموه هو أنني لم أنو فعل ما أنا مقدم عليه سوى بعد تفكير وأن القرار الذي أنا بصدد اتخاذه الآن لم يكن ناتجاً عن نوبة غضب.

لقد قررت أن أختفي من عالم التدوين لفترة لا يعلمها إلا ربي, فلا أدون ولا أقرأ التدوينات ولا أعلق عليها, كما قررت ألا أتواجد على موقع الفيسبوك ثانية على الأقل كتجربة. ومن يعلم ربما تكون الحياة بدون التدوين والفيسبوك أكثر استقراراً وهدوءاً.

تميم البرغوثي

16335_202292359514_110578249514_3973371_2402182_n قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
...................
أصل المحبة بسيطة ومصر تركيبة
ومصر حلوة ومُرَّة وشِرْحة وكئيبة
دا نا اختصر منصب الشمس وأقول شمعة
ولا اختصر مصر وانده مصر يا حبيبة

نوفمبر 16، 2009

كويز

To_Question_by_todo_el_mundo

زهرة ورطتني في الكويز ده. ياللا بقى ربنا يسامحها.

- من أنت؟

ايييييييييييييه... طيب انتم فاضيين؟ أصل الإجابة على السؤال ده هاتبقى طويلة حبتين(أصل أنا متواضع حبتين ههههه). بداية أنا أحسن واحد يجاوب كويزات هع هع هع.. (سمعنا صلاة النبي بقى عشان الحسد). يعني مش بنخاف من الأسئلة, يعني اللي ف قلبنا على لسانا ومش بنحذف حاجة. وأنا صاحب المدونة دي يعني الفرح فرحنا واللي يضرب نار في فرحنا ما نحبوش واللي يقول بقين حلوين نحيوه. ولما تقرا المدونة هاتعرف إن أنا الذي نظر الأعمى.. يعني مدون وأديب كفاءة ومنطقة. أي والله.

إجابة أخرى: أنا العلم فرحان وبيرفرف من حبة هوا, واقف على حافة الغرور ونصه مدفون في التراب.. وأنا أحياناً مفرش سرير فرحان برحلة خلوية, وطول الطريق عمال يتصور جمال المكان اللي رايحه واللي هايقوله ويعمله, ولما يروح المكان المقصود يفرشوه الناس ويقعدوا عليه فما يشوفش أي حاجة ويتدعك بين الرجلين وتقع عليه بقايا الأكل. ومن قسم الأقمشة إلى قسم المأكولات.. أنا قمع أيس كريم بيبسط ناس كتير وهو بيسيح على شكل دموع بيضا بتخرج من أصل تكوينه.

- وما الذى تفعله هنا؟

ناقص تقولي ومن هم شركاءك في التنظيم!! إيه الكويز قليل الذوق ده.. وانت مال [تيييييييييييت]؟ أنا واقف ف نت الحكومة. ثم مين قال إني هنا؟ أنا هناك أساساً.

- إسرائيل تقصف كل جنوب ممكن بحثا عنك ، أي شمال تقصد؟

شمال إسرائيل طبعاً.. عشان أفضل أجري وبيوت الإسرائيليين تتقصف من حواليا.. هع هع هع.

- أنت مكلف بحذف حرف من حروف اللغة العربية .. أيها ستختار ولماذا؟

أحذف الراء والسين عشان الناس اللي عندهم لدغة لما يندهوني ما يقولوش يا "عمي" بدل من عمرو, وعشان ما يتكثفوش لما أتريق عليهم...

- لو قدر لك أن تدخل السجن فما هي القضية التي تتمنى أن تدخل بها إليه؟

يا ساتر يا رب. سجن!!! لازم يعني؟ بس آخد الفاموليا معايا. وتبقى القضية اختلاس وغسيل أموال, أهو برضه الكام سنة سجن يجيبوا تمنهم وأضمن مستقبل الأولاد. ويا ريت برضه المدام تبقى مختلسة كبيرة, أهو بدل من قعدتها معايا في الزنزانة بلا شغلة ولا مشغلة هههههههه.

- نحن لا نعيش حياتنا بل نتعلم فيها كيف نعيش. ما تعليقك؟

لو كان الموضوع كده يبقى اللي في مصر كلهم ربنا يرحمهم لأن التعليم عندنا أقل تقدما من صناعة الصواريخ عند الإغريق.

- على مفترق طريق لافتتان ، اليمنى تقول ( إلى حلمك) واليسرى تقول : (إلى ما لم يحلم به البشر) ، أي الطرق ستسلك؟

إلى حلمي طبعاً, وأغير اليافطة وأكتب “المتجه إلى حلم عمرو السيد يصعد الكوبري” هع هع هع.

- بجملة واحدة فقط أكتب تعريفاً لكل كلمة من الكلمات التالية:

- الوطن: جميزة ع الترعة في بلدنا بينام فيها كل طيور أبو قردان.

- الأم: مدرستون.

- الليل: عينين حبيبتي, وضحكة صافية طالعة من قلبها.

- الحب: يجوز.. مع إنه مرهق قوي يعني.

- أمريكا:I don't speak English

- المرأة: حيوان خرافي نسمع عنه في الحواديت نمنا وصحينا الصبح لقيناه مالي الشوارع.

- الرجل: سمكة زينة لا تؤكل.

- الصمت: إيعا إيعا عشان بيخلي صوتي عامل زي صوت الضفادع.

- الانترنت: وحوي, وحوي, وحوي.

- أختر منصباً واتخذ قرارا؟

المنصب: مأذون شرعي

القرار: أجوز كل البنانيت الوحشين, وأقعد بقى أنقي بين البنانيت الحلوين, هع هع هع.

-قيس، عنترة، جميل…. الذين يقولون شعرا….. وليلى وعبلة وعزة ”صموت”لماذا هذا التغييب للمرأة؟

ده مش تغيب, ما هو بعد ما المسرحية تخلص ليلى وعبلة وعزة بيجيبوا السنجوتشات وحلة المحشي اللي قعدوا يعملوها ويلفوا فيها طول الليل عشان قيس وعنتر وجميل ياكلوا ويعرفوا يكتبوا شعر.. هههههههههه

- إلى أين تمضي كلمات الحب بعد أن نقولها?

الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من عدم. مؤكد موجودة بس بصورة تانية.

- هل تجد علاقة بشكل أو بآخر بين المرأة وقطاع الطرق؟

الاتنين بياخدوا فلوسنا.

-هذا فراق بيني وبينك .. متى ولمن تقولها ؟

أقولها دلوقتي للي صمم الكويز ده.

-كيف هو غداً ؟

زي النهاردة وامبارح بس الفرق إنه هايبقى بشكل مختلف يعني على رأي الجماعة الأجانب Old wine in new bottles.

- تمرر التاج لمين؟

مش هاعمل الحركة العفشة دي ف حد.

نوفمبر 15، 2009

درويش

the_loss_by_montroytana

أنتَ أنتَ ولو خسرتَ
أنا وأنتَ اثنان في الماضي،
وفي الغد واحد.
مَرَّ القطار ولم نكن يَقِظَيْنِ،
فانهض كاملاً متفائلاً

نوفمبر 12، 2009

هُناكَ طلبَ مِنَّا الذينَ سَبَونا أنْ نُنشِدَ لهُم، والذينَ عَذَّبونا أنْ نُفَرِّحَهُم. قالوا: «أنشِدوا لنا مِنْ أناشيدِ صِهيَونَ». فكَيفَ نُنشِدُ نشيدَ الرّبِّ في أرضٍ غريبةٍ؟

المزمور 137 – العهد القديم

نوفمبر 09، 2009

اللقاء

Meeting_by_just_Marga

وبعدَ زمانٍ ..
تُحدّثُني ..
وأحَدّثُ فيها التي
لمْ تعُد مثلَها ...
أُحاوِلُ ألاّ أُفرّقَ بينهُما ..
كِلا الكائِنين مَلاكٌ ..
كِلا الكائنينِ هلاكٌ،
كِلا الكائنينِ بهِ مسحةٌ
منْ محطاتِ قلبي ..
كلا الكائنينِ يقولُ ابتعِدْ ..
كلا الكائنينِ يقولُ اقتَرِبْ.
أخافُ عليها ..
أخافُ عليّ،
إذا ما ابْتَعَدْتُ،
إذا ما اقْتَرَبْتُ ..
أخافُ،
إذا قُلتُ
أوْ لمْ أقُلْ.
إلهي،
إلامَ على عاتِقي
يَتَرَبّعُ هذا الجَبَلْ؟

كلمات: إبراهيم محمد إبراهيم.. أحد الشعراء المجيدين الذين عرفني عليهم فيس بوك

نوفمبر 06، 2009

ليتها تكون مسرحية متقنة

___died_by_DyingS0ul هناك بعض الأشياء التي قد تحدث فتكشفنا أمام أنفسنا, وتعري مشاعرنا وأفكارنا التي نتظاهر بأنها ليست موجودة إلى درجة تجعلنا نصدق أنها ليست موجودة بالفعل.

بالأمس حلمت أنني أنبش قبر أبي وأخرجه, ثم عدت به إلى بيتنا وجلسنا معاً, تناولنا العشاء الذي لم يأكل منه إلا أقل القليل, ملت عليه وقبلت يده ثم وضعت رأسي على كتفه الأيسر وبكيت, بينما ضحك هو من قلبه.

قمت من النوم محاولاً ألا أنخرط في البكاء, لكن شعوراً بالفضيحة كان يعتصر قلبي. منذ أن توفي أبي وأنا أكرر كلمات لا أشعر بها عن أننا مؤمنون وأن ذلك قضاء الله إلى غير هذه القوالب الجاهزة, بل كنت أضحك وأمزح مع أصدقائي الذين أتوا للعزاء. لكن هذا الحلم أتى ليفضحني أمامي, فعرفت أنني لم أصل بعد إلى الرضا بقضاء الله, وأنني فشلت في الكذب على نفسي.

كان هذا الحلم بمثابة اعتراض من عقلي الباطن على الواقع بإخراج أبي من قبره. عقلي الواعي يعترض أيضاً بين الحين والحين, فأرى أبي خارجاً من غرفته, أو أسمعه ينادي علي, أو أسمع صوت هاتفه المحمول يدق (الهاتف تحطم في الحادث). بل إنني أفكر أحياناً في أن كل ما حدث في بيتنا ويحدث ما هو إلا مسلسل كتلك المسلسلات التي نراها في التلفاز... أو أنه مسرحية متقنة سيظهر أبي بعد انتهاء فصولها كي يحيي الجمهور هو وبقية الممثلين من المعزين.

منذ أن عدت إلى المنزل وأنا أراه في كل خطوة أخطوها داخل البيت.. ولا ينتهي حديثي عنه مع أصدقائه الذين يأتون بين الحين والآخر للاطمئنان علينا. أقول للجميع أننا بخير, بل وأضحك, لكنني حين أذهب للنوم أكتشف أنه لم يعد هنا, وأنني لست بخير على الإطلاق. أحياناً أردد كلمات نزار وأنا أنظر إلى أرجاء بيتنا.

هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصن صبي
جريدته.. تبغه.. متكاه
كأن أبي, بعد, لم يذهب..
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله, بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً, أشف من المغرب؟
بقاياه, في الحجرات الفساح
بقايا النسور على الملعب..
أجول الزوايا عليه, فحيث
أمر.. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا, والحديث
حديث الكؤوس على المشرب

منذ أن توفي وأنا أشعر بأن كتابة الأدب وقراءته صارتا رفاهية بعيدة, وأمراً تافهاً لا يناسب فجيعتي في رحيله.

أنا كعادتي كثير السفر وكلما ركبت القطار شعرت بألم كبير, ورغبة في ثني الحديد بيدي لو أستطيع. أردد طول الطريق بالفصحى "قتل القطار أبي", وأنا للحق لا أدري هل قتله القطار أم قتلته أنا!

نوفمبر 04، 2009

لم يستدل على حبيبي يا ألم

love

نفسي أكون ساعي بريد مهمل
وأغير العناوين على الجوابات
الفرحة على عنوان عينيكي
والألم في جيوبي أخبيه م السعاة
وأكتب على ضهر الجواب
لم يستدل على حبيبي يا ألم
ابعد خلاص

شعر: مصطفى السيد سمير.          من قصيدة: التوهة في ألوان عينيكي

نوفمبر 02، 2009

غواية

عطشان, والأمطار تهطل بمكر على فيه حبيبتي.

أكتوبر 31، 2009

308936 لم أستمتع في حياتي برواية استمتاعي برواية "الخروج من التابوت" ولم أستمتع بقصة استمتاعي بـ"الرجل". قرأت له ما يزيد على أربعين كتاباً كان آخرهم "الشفاعة" وشاهدت كل حلقات برنامجه العلم والإيمان التي عرضت على سنوات طويلة (400 حلقة تقريباً تم عرضها في فترة تجاوزت العشر سنوات). شكلت وجهته في العلم والدين والحياة الأساس الفكري لدي. استفدت من شكه ومن إيمانه, من إخفاقاته ومن نجاحاته, فكيف لا أحزن حين يموت؟

أفكر أحياناً أن كل من أعرفهم وتعلقت بهم سيتركون الحياة ويغادرون لأجد نفسي في دنيا لا أعرف فيها أحداً, وأعيش في ماض حبسته مجموعة من الصور وشرائط الفيديو..

أسألكم جميعاً الدعاء لمصطفى محمود.

أكتوبر 30، 2009

جمال بخيت

1375291265_a5efd1fc45 استيقظت هذا الصباح وأنا أريد أن أقرأ وبشدة قصيدة “مش باقي مني” لجمال بخيت. لا أدري لماذا أعود لهذه القصيدة بين حين وآخر, على الرغم من أني أرى بها بعض نواحي الضعف الفني. ربما أكثر ما يميز هذه القصيدة هو الصدق الذي يملأ أسطرها, وربما أعود إليها كثيراً لهذا السبب. أحب بشكل استثنائي بعض الأسطر التي ميزتها بالأحمر.

مش باقى منى غير شوية ضى ف عينيا
أنا هاديهوملك
وامشى بصبرى ف الملكوت
يمكن ف نورهم تلمحى خطوة
تفرق معاكي
بين الحياة والموت

مش باقى منى غير شوية نبض ف عروقي
خُدى.. وعيشى..
وافتحى لى تابوت
أفرح بريحة ورد فرعوني
وربنا ف عوني
اذا دخلت الجنة ولاّ النار
هاشتاق إلى ضحكتك
وقعدتى ف الدار
والقهوة متحوجة
من طيبة العطار..
ف كل يوم الصبح
باشرب حليب قبطي
وف النهار والمسا
بامسك ستار الكعبة لو سبتي
واثبت اذا هربتي
اهديكى عمرى وحسى وجوارحي
اهديكى جرحي
هو اللى باقى ف دنيتى لما خلص فرحي
مش باقى مني
غير شوية لحم ف كتافي
بلاش يتبعتروا ف البحر
بلاش يتحرقوا ف قطر الصعيد
ف العيد
بلاش لكلب الصيد.. تناوليهم
خدى اللى باقى من الأمل فيهم
وابنى لى من عضمهم
فى كل حارة مقام
وزورينى مرة وحيدة
لو كل ألفين عام
ألم الجراح يتلم
مش باقى منى غير شوية دم
متلوثين بالهم
مُرين وفيهم سم
كانوا زمان شربات
والنكتة سكرهم
شربتهم الخفافيش
فى قلب أوكارهم
مش باقى منى غير شوية دم.. مااقدرشي
اسقيكى.. مواجعهم
وبرضه مااقدرشي
أرميكى..
وأبيعهم
يمكن ف مرة تعوزى تطلبينى شهيد
هاحتاج يوميها الدم
يمضى على شهادتي
مش باقى مني
غير شوية قوة ف إرادتي
على شوية شِعر من خطي
حاسبى عليهم وانتى بتخطي
وانتى ف صبح الدلال
بتعطرى شطى..
مش باقى مني
غير شوية ضى ف عينيا
انا مش عايزهم
لو كنت يوم هالمحك
وانتى بتوطي
فى معركة مافيهاش
ولاطيارات ولاجيش
وانتى ف طابور العيش
بتبوسى إيد الزمن
ينولك لقمة
من حقك المشروع
مش باقى منى.. غير
شهقة ف نفس مقطوع..
بافتح لها سكة
ما بين رئة.. وضلوع..
ما بين غبار.. ودموع..
وانا تحت حجر " المقطم "
ف الدويقة باموت
انا.. والعطش.. والجوع..
يئن تحتى التراب
وانا صوتى مش مسموع..
ياحلمنا الموجوع..
من المرور ممنوع..
مستنى لما يمر
موكب سلاطينك..
مش باقى مني
غير شوية رحمة من طينك..
على شوية صبر من دينك..
مش باقى منى غير حبة غُنا تايهين
ف الضلمة مش لاقيين
حس الفواعلية..
ولا صوت مراكبى عَفي
فوق المعدية..
ولا صوت بناتى العذاري
فى كل صبحية..
والغنوة.. امنية
" ياما نفسى اقابل حبيبى..
وانا ع الزراعية "..
صوتك وصوتهم غاب..
وانا تحت حجر المقطم.. باموت لوحديا..
الليلة راحت عيوني
تطل ع البستان..
وجناين الرمان..
رجعت لى توصف عناد الغل والدخان
وسحابة سودا تضلل
على الغُنا الغلبان..
رجعت لى توصف هبوب الموت
على الالوان..
رجعت لى توصف..
.. خيال الذل..
ف موائد الرحمن..
مش باقى منى غير شوية كُفر بشروقك
وانا..
منبع الايمان..
مش باقى منى..
غير شوية ضى..
وعينيا
مش قادرة تلمحنى..
فى وحدتى محنى..
خايف أموت م الخوف
والضعف يفضحنى..
السجن عشش ف قلبي
وماشى ف شوارعك..
نفس اللى باعنى وخدعني
بالرخيص بايعك..
هاشيل حمولى انا
ولا هاشيل حملك؟!
ماعدت املك شيء..
فيكى.. ولا فيا
ولا قيراط ولا بيت..
ولا نسمة صافية تلاغى النيل بحرية..
مش باقى مني
غير شوية حب جارحني
ولا باقى مني
غير شوية ضى ف عينيا

الرقص متوقف على القدرة!

benbella-nasser-4 خرج أحمد بن بيلا الذي قضى ما يقرب من ربع قرن في السجون والمعتقلات ليجمع الشتات في الجزائر. من حسن الحظ أن تطابقت وجهته مع رؤى ناصر, فقد كانا يشتركان في إيمان عميق بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. خرج أحمد بن بيلا الذي لم يكن يتكلم العربية متوجهاً للقاهرة لمقابلة ناصر, ورفض أي علامة من علامات الترحيب لأنه كان يعتبر نفسه مصرياً! جاء أحمد لمصر طالباً المساعدة, فجهزه ناصر بالسلاح, وتوسط لدى الجانب الهندي لجلب المزيد من الأسلحة, وتوسط لدى الجانب السعودي فحصل منه على الأموال وتفويض بإنفاقها كمساهمة لإعانة الجزائر على القيام بثورتها في طريقها نحو الحرية.

قامت ثورة الجزائر مستلهمة خطواتها من ثورة يوليو, وأيدها المصريون في مظاهرات ضجت بها شوارع المحروسة. يقول الصحفي الجزائري ناصر الدين السعدي في مقال بعنوان "ناصر أكبر مجاهدي الثورة الجزائرية في عيون الاستعمار" أن هناك ثلاثة أسباب أساسية لقيام ثورة الجزائر من بينها: "وجود سند عربي قوي هو النظام الذي أفرزته ثورة 23 يوليو بمصر وتبنيه خطابا قوميا تحرريا مبنيا على المواجهة مع الاستعمار ووحدة الصف ودعم قوى النضال الوطني في كل مكان".
قامت الثورة ورفعت علم الجزائر الجديد الذي يرمز فيه الأبيض للسلام والأخضر للإسلام والنماء أما الأحمر فهو دماء مليون شهيد راحوا فداء الحرية.

في الأيام القليلة الماضية امتلأت المنتديات ومجموعات الرسائل الإليكترونية بصورة لعلم الجزائر تتوسطه راقصة مكتوب تحت رجليها: "ارقصي يا خضرا.. لأ مش قادرة". بالإضافة للكثير من الأفيشات التي تصور مباراة مصر والجزائر كحرب دامية, أو كما عبر أحدهم كفيلم "خادش للحياء". تتعالى الأصوات بسحق image003 الجماهير الجزائرية, والتآمر من أجل إقلاق اللاعبين بمجرد وصولهم لمصر حتى لا تكون لديهم فرصة للنوم وبالتالي يخسرون أمام المنتخب المصري. يتبادل المصريون رسائل إليكترونية وأخرى عبر المحمول تحذر من تواجد الأطفال والنساء والشيوخ في المدرجات, وتقول إن بلد المليون شهيد ستصبح بلد المليون شهيد والفريق الفقيد!! والحقيقة أننا أمام هذا كله نجد أنفسنا أمام سؤال واحد.. ما الذي حدث؟

الغريب أن هذه الروح العدائية نجدها لدى الجماهير الجزائرية أيضاً عندما نكون على أرضهم, والأغرب هو التفسير الذي نشرته صحيفة الجارديان بقلم برايان أوليفر. فقد حاولت الصحيفة أن تفسر وتؤرخ للعداء الكروي بين الدولتين بتلك المباراة التي حدثت بينهما في تصفيات كأس العالم (إيطاليا 90) والتي صعد فيها المصريون على حساب المنتخب الجزائري فجن جنون المشجعين الجزائريين وقذفوا المقصورة الرئيسية بالطين والطوب وهاجموا الحكم وأصابوا أحد أطباء المنتخب في عينه مما أفقده البصر جزئياً.

تقول الصحيفة أن أصل هذا العداء يعود إلى مشكلة سياسية كروية, بدأت مع امتناع مصر عن اللعب مع أحد الفرق الجزائرية التي كونها لاعبون جزائريون انفصلوا عن فرقهم في فرنسا, في محاولة لمساندة ثورة بلادهم!!

لا أعلم من أين جاء أيان هوكي -صاحب كتاب Feet of the Chameleon والذي نقل عنه برايان- بهذه المعلومة. لكن ألم تساند مصر الجزائر في ثورتها بجهود المخابرات, وبالسلاح, والمال, والرجال؟! ألم تختلط الدماء بالدماء والأصوات بالأصوات؟!

لا يبدو لي أن ما يحدث بين مصر والجزائر على المستويين الشعبي والرياضي من قبيل المصادفة, ولا أرى أن هذه المناوشات والحوادث الصغيرة تشعل النار بين شعبين مشيا معاً على طريق التخلص من المستعمر, وبذلا الكثير من أجل ما كانا يعتقدان أنه حرية.

مع هذا يبقى السؤال أمامنا كما هو بينما تستمتع شعوب العالم بالفرجة علينا وعلى ما وصلنا إليه من وحدة صف, ومن حرية.

العداء الدامي لدى المصريين هو نتاج طبيعي لثقافة الزحام التي نعيشها, ولتدني مستوى التفكير وعدم معرفة أبسط الحقائق التاريخية عن البلدين. فشعبنا لا يقرأ وينشغل أغلب أفراده بمحاولات إشباع حاجاتهم الفسيولوجية الأساسية. من الطبيعي جداً أن نصل لهذه الغوغائية ونحن بهذا الفقر, وهذا الجهل. من الطبيعي أن نصبح بهذه الغوغائية بعدما صارت أغنية العنب العنب أكثر شهرة وتكراراً من النشيد الوطني!!

أعتقد أن مصر أيضاً من حقها أن ترقص فرحاً بأبنائها.. هذا إن كانت قادرة!

أكتوبر 28، 2009

عزاء

Consolation_by_StacyLeeArt

"أبوك ما كانش ينفع يموت على سريره بعد الخير اللي عمله, ربك عايز يديله الشهادة..اصبر واحتسب"

هكذا قال لي الشيخ في قريتنا في اليوم الأول بعد الوفاة, فكتمت بكائي وصبرت.

ثلاثة أيام من الوقوف المتصل تمر ثقيلة متباطئة. أردد طول النهار جملة واحدة: "شكر الله سعيكم". ثم أصافح وأقبل وأحضن, يردون علي "عظم الله أجركم, سبحان من له الدوام".. وأرد "سبحان الدائم الباقي".

تبدو كلمات التعزية الروتينية بلا معنى. أترك المعزين و أقف خارج "دوار" العائلة, فأتذكر وجه أبي بين الكفن, وأراني وأنا أقبل جبهته الباردة, وأحتضن جثته وأبكي. ثم يدور المشهد داخل المسجد, فأرى المصلين الذين لم أدر بهم وقتها, وأستمع لصوتي وأنا أصلي بهم صلاة الجنازة وتختلط قراءتي الخفيضة بنشيج عال متصل. أحمل النعش معهم وأمشي على الجسر الترابي نحو المدافن. يمنعونني من النزول إلى القبر خوفاً علي من الصدمة, فأقف في سكون.

"اجمد.. انت دلوقتي مسئول عن أمك واخواتك".

"شد حيلك"

أكره تلك الجمل التي تشير إلى النتيجة ولا تذكر شيئاً عن الطريقة, لكنني أقرر بيني وبيني أنني أقوى من المصاب, وأنني سأضحك!

يمر اليوم كأي يوم ثم يأتيني أبي قبل النوم, أرى وجهه وقد هشمه القطار, وأسمع صوت جارتنا وهي تقول "أبوك ضربه القطر" ألهذا قلت أنك راض عني يا أبي؟ الآن فقط فهمت.

أغمض عيني, وأقرأ بعضاً من القرآن فأرى المسجد وصلاة الجنازة, وما يقرب من ألف نفس ينتظرونني على الطريق لمدة خمس ساعات هي المسافة بين قريتنا وبين القاهرة.

"ما حدش هايدفن أبويا غيري اللي مستعجل يروح".

تختلط الصور في ذهني فأرى أمي وهي تبكي بين كتفي, وأراني وأنا أمشي بين المنتظرين على الطريق, عيونهم معلقة بمشيتي: "هو ده ابنه.. لا حول ولا قوة إلا بالله"

أمسك القلم وأكتب في استمارة شهادة الوفاة:

اسم المتوفي: محمود السيد عبد النعيم.

سبب الوفاة: نزيف حاد بالمخ. نتيجة حادث قطار

اسم المبلغ: عمرو محمود السيد.

تبدو الكلمات أكثر سخرية من أي نص سمعته أو قرأته قبل هذا. لم يخطر ببالي من قبل أني سأدفن أبي أو سأحمل جثته أو سأكتب شهادة وفاته بيدي. ولم أعرف –سوى بعد أن رحل- أنني أعيش بروحين وأن لي صوتين, ولم أشعر -سوى بعد أن رحل- بأن ظهري قد تعرى وانكشف.

في كل مكان أذهب إليه تسبقني سيرته: "انت ابنه؟ أبوك خيره على الكل, ربنا يرحمه ويصبرك". أبي كان يسعى في خدمة الجميع وخيرهم, وقد حاول من عرف بوفاته أن يرد الجميل, فتم محضر الحادث حتى قبل تقرير الطبيب الشرعي, وتم إيقاف تسجيل الوفيات في مكتب صحة أول لمدة يومين حتى أذهب أنا وأبلغ كي لا يسقط قيده, وتمت باقي الأعمال الورقية دون أن أضع يدي فيها.

الغريب أنني لم أعد حزيناً عليه, بل على العكس أعتقد أنه الآن فقط استراح, وأشعر بالسعادة من أجله ويقتلني الشوق إليه. أستطيع أن أقول أن علاقة جديدة من نوع آخر بدأت بيني وبينه فأنا أعود إلى كل نصائحه, أتذكر كلماته كلها كأني أسمعها الآن وللمرة الأولى. صار فكرة في عقلي لا تفارقه, وصارت ذكرياتي معه مجموعة من الصور تتقلب أمامي بشكل مستمر.

الحياة أصبحت أكثر تعقيداً, وألماً, لكنني مع هذا مليء بالتفاؤل, والأمل..

أكتوبر 18، 2009

وهل أخبرتكم قبل هذا عن ابنة سويفت؟

لماذا نحب الأعمال الرومانسية؟ أعتقد أننا نحبها لأننا نرى فيها نجاحاً فشلنا في تحقيقه. إننا نرى حلماً أردناه يوماً في واقعنا ولم نحققه لسبب أو لآخر.

أفكر أحياناً في أن الحب ما هو إلا ضرب من ضروب الذل الإرادي وهدر الكرامة المقصود, يرتاده الفرد كي يودي باستقراره الانفعالي, فيربط أكثر أجزاء قلبه إيلاماً بوتر قوي يصله بمن يحب, فإذا ما غاب الطرف الآخر اشتد الوتر فقلق وتوتر, وإذا ما هجره وقرر الابتعاد, انتزع الوتر قلبه فأماته كمداً. هذا بالإضافة إلى أن الكثير من العلاقات العاطفية تتحول في أغلب الأحيان إلى نوع من العذاب المكرور المتصل يجعلنا لا نجد ملجأمن الواقع المؤلم إلا في الخيال.

مع كل هذا فأنا أحب كثيراً الكلمات التي تغنيها تايلر سويفت في أغنيتها الرائعة Love Story خاصة ذلك السطرالذي يقول ما ترجمته “إنها قصة حب فحسب يا حبيبي وما عليك سوى أن تقول نعم”. هل يمكن أن يتم حل جميع مشكلاتنا بهذه البساطة؟ جرب أن تقول نعم, لربما تحل :)

حسناً, هذه جرعة من الأمل الرومانسي المحلق لصوت أحبه وأعتقد أنكم ستحبونه أيضاً..

(ملحوظة: مش عارف ليه حاسس إني بقيت باكتب التدوينات كإنها مترجمة هههههه)

أكتوبر 17، 2009

عزازيل

The_aspects_of_Life_and_Death_by_meluseena واليوم, لماذا أخاف الموت؟ خليق بي أن أخاف من الحياة أكثر. فهي الأكثر إيلاماً! ولماذا تتفرق سحب الإيمان مني كل حين؟ إيماني مثل سحابات الصيف الرقيق, ولا ظل له. أنا لن أبني كنيسة أبداً, ولن تقوم فوقي كنيسة أبداً, لأنني لست صخرة مثل بطرس الرسول, ولأن إيماني مشوب بشكوك كثيرة.

يوسف زيدان. عزازيل..

أكتوبر 15، 2009

قهوة سادة... على المسرح

coffee شاهدت متأخراً جداً العرض المسرحي قهوة سادة والذي يعد نتاجاً لورشة الارتجال لأستوديو التمثيل بمركز الإبداع التابع لوزارة الثقافة المصرية..

قد أبدو للبعض كلاسيكياً جداً ومتحجر التفكير حين أقول إن العرض لم يعجبني على الإطلاق وإنني لم أر فيه مسرحاً من الأساس. فالعرض لا يقوم على أي بناء مسرحي معروف بل هو يخرج خارج قوانين اللعبة, فيعتمد في الأساس على مجموعة من الاستكشات التي لم يضعها مؤلف وإنما ابتدعها الجميع, أو نقلها بعضهم. بعض هذه الاسكتشات كان مقتبساً من نكات تقال في الشارع المصري كل يوم, وبعضها كان به الكثير من الفن والجرأة.

لا يعتمد هذا العرض على فكرة أساسية وإنما هي مجموعة من الأفكار التي يشرب عليها الممثلون بين كل اسكتش وآخر "قهوة سادة" (بينما كنت أشرب أنا قهوة سادة على روح المسرح الذي أعرفه). فيتحدثون عن الغنى الفاحش لرجال الأعمال, وتأخر سن الزواج, والهجرة غير الشرعية, والفتاوى المجانية, والخلجنة, ومشكلة رغيف العيش, والمحاباة في الوسط الفني, وتفشي الجهل وأشياء أخرى. ولكل مشكلة من هذه المشكلات اسكتش أو أكثر, ويربط بين هذه الاسكتشات كلها وقفة واحدة أصبحت سخيفة في منتصف العرض يشرب فيها الممثلون القهوة على صوت تسجيل للزمن الذي مضى يعكس مدى الاختلاف بين ماضي هذا البلد وما آل إليه الحال في وقتنا الراهن. لكن هذا الرابط الشكلي لا يحول العرض من مجموعة اسكتشات متناثرة إلى عرض مسرحي (طبقا لمفهوم المسرح قبل تقديم هذا الشيء).

يعتمد العرض على الصراخ والعويل بالدرجة الأولى, ولا أعرف كيف لم يصب المشاهدون بالصداع, ولماذا لا يخفض الممثلون أصواتهم قليلاً. لا أنكر أنني ضحكت من خفة دم بعض هذه الاسكتشات لكن هذا ليس دليلاً على أن ما قدم ينتمي للفن. فنحن نضحك من تصريحات عادل إمام, فهل تعد تصريحات عادل إمام ضرباً من الفن؟!

لاحظت أن ثلث المرتجلين من الجنس الناعم, وكانت وظيفة نصفهن على الأقل إطلاق التنهيدات والآهات والصراخ والعويل.

المشكلة أن هذا العرض لم يلق أي هجوم تقريباً, واحتفت به الجماهير المصرية, وناقشه مثقفوها, ولم يحاول أحد الاعتراض على ما قدم إلا باستحياء شديد. أشد ما غاظني أنهم قدموه أيضاً في الأردن ونجح!!!

كيف ينجح عرض مثل هذا لا يوجد به غير ضحك على أشياء نعرفها جميعاً؟ كيف ينجح عرض فني تجريبي لا وجود فيه لموسيقى تصويرية جيدة, ولا حبكة, ولا تسلسل درامي, ولا أي شيء؟ كيف ينجح عرض جمع كل مشكلات مصر كي يبكي عليها دون تقديم حل أو تنوير أو مفارقة أو نظرة فنية؟

بقى أن أتكلم عن بعض الأوجه الجيدة في العمل. فالمرتجلون به استخدموا كافة وسائل الإضحاك من خلال الكلمة والحركة والموقف, كما أن اللعب بالإضاءة كان موفقاً في أغلب الاسكتشات.

أكتوبر 14، 2009

المهذبون يلقون حتفهم

منذ ما يقرب من أربعين عاماً, سافر الألماني هوفستيد إلى الكثير من بقاع العالم بهدف واحد. كان هذا الهدف هو إجراء الكثير من الاستقصاءات التي تبين الاختلافات الجذرية في السلوكيات والصفات بين الثقافات. وكانت نتيجة هذا السفر الدائب أن خرج الرجل بعدة نتائج أطلق عليها "أبعاد هوفستيد الثقافية".

ومن أهم الأشياء التي تعرض لها هوفستيد هو التعامل مع السلطة. أي كيف تتعامل الشعوب المختلفة مع أصحاب النفوذ بها؟ وقد صنع لهذا الغرض مقياساً سماه مؤشر حاجز السلطة (هكذا أحب أن أطلق عليه, بينما يفضل البعض أن يطلقوا عليه مقياس استعلاء السلطة). تبين للرجل أن هناك شعوب ترضى بالخنوع, وتحب أن تبتدع تقسيماً هرمياً سلطوياً دقيقاً ومحدداً. بينما تعتبر شعوباً أخرى السلطة أمراً مخزياً, بل ويلجأ أصحاب النفوذ في مثل هذه المجتمعات إلى عدم الحديث عنها أو التطرق إليها.

يشير الألماني هوفستيد إلى دراسة سابقة شملت عدة مصانع في فرنسا وألمانيا. حيث تبين أن الفرنسيين أكثر تمسكاً بوجود تسلسل هرمي يحكم الأمور عندهم, وأن 26% من العاملين في المصانع الفرنسية محل الدراسة كانوا يشغلون مناصب إدارية وكانت أجورهم باهظة, بينما كانت النسبة في ألمانيا 16% فقط وكانت الأجور أقل بكثير.

يعزو مالكوم جلادويل في كتابه Outliers الكثير من حوادث الطائرات إلى ارتفاع مؤشر حاجز السلطة في الثقافة التي أتى منها الطيار ومساعده مما يعوق التواصل بينهما. بل إنه يشير إلى أن الطائرة تكون أكثر أمناً حين يتولى القيادة مساعد الطيار وليس الطيار نفسه. ذلك أن المساعد (في البلدان ذات مؤشر حاجز السلطة المرتفع) يتحرج من أن يقول للطيار إنه أخطأ في كذا أو كذا, ويلمح بدلاً من أن يصرح, وتكون نتيجة ذلك في كثير من الأحيان تحطم الطائرة.

هذا يعني أن الثقافات التي أرضعت مواطنيها الخنوع, أو على الأقل الاحترام المطلق للسلطة لا يمكن لصناعة الطيران فيها أن تستقر. ضرب مالكوم الكثير من الأمثلة على زيادة حوادث الطائرات التي تنتمي لبلاد بعينها تقع في قمة مقياس حاجز السلطة ومنها كولومبيا وكوريا الجنوبية. الجميل في الأمر أن هذه المشكلة تم حلها بواسطة شركات الطيران من خلال تدريب مساعدي الطيارين على الاعتراض!

الواضح أن البلاد التي تربي مواطنيها وتهذبهم كي يخرجوا أبناء صالحين مطيعين هي أول من يتضرر حين يخطئ القائد ويضل فلا يصححه أحد. وحين يضل القائد تضيع البلد. دائماً ما أكرر في نفسي مثلاً يابانياً قرأته قبل سنتين: "تتعفن السمكة من رأسها".

وأنا أقول ريحة العفن دي جاية منين. :)

أكتوبر 13، 2009

تلات خرفان

ship

اكتشاف اليوم.. اسمه هشام الجخ, شاعر من قنا, يمزج في شعره بين الفصحى والعامية, ولا يكفي كي تنفعلوا معه أن تكتفوا بقراءة شعره, بل عليكم أيضاً أن تستمعوا إليه. على العموم هذه أحد أفضل قصائده, أتمنى أن تستمتعوا بها وبه.

__________________________________________________________

تلات خرفان
ودي حكاية وكان يا ما كان ..
تلات خرفان,
ومعزاية,
وشجراية,
وبير بترول,
وديب فجعان

تلات خرفان ما يتاكلوش في يوم واحد
ما يتهضموش

راح للخروف
اتخن خروف
قال “يا خروف ..
عيال اخوك متنعنعين.. متنغنغين
وانت هنا في اسوأ ظروف ؟!
يادي الكسوف !!”
راح الخروف
علشان خروف
ضرب الخروف
الديب حيسكت ؟
راح للخروف
تالت خروف
”شفت الخروف ؟!!
ضرب الخروف
احميك انا
وابات معاك في الدار هنا
واديني بس انت مكان”
راح الخروف
علشان خروف
إدّاه مكان

***

يوماً سنقراُ في الجريدةِ يا بلادي انّنا كنا خرافْ
سيجفُ هذا النفطُ فوقَ جلودِنا
ونودّعُ السبعَ السِمانَ ونلتقي ألفاً عِجَافْ
سيُدَوِّنَ التاريخُ اسماءَ الملوكِ العادلينَ
الصابرينَ.. الساكتينَ
الكاتمينَ الصوتَ بينَ شعوبِهم ..
مثلَ الزرافْ
سيحاكمُ التاريخُ حكامَ العروبةِ كلِّها
وسينزعُ الاظفارَ منهم في سبيلِ الاعترافْ
إني احبك يا بلادي مرغما
واقول شعرا يا بلادي مرغما
والشعر إن مسَّ السياسةَ يستحيلُ مصائبا
والشعر إن مسَّ الصعيديينَ مثلي
يستحيل كحدِّ سيفٍ لا يخافْ
انا لا اخافْ

***

من كام سنة
بِنْهِشّ بإدينا الفيران؟
ونقول ما ندَّخلش ف امور الجيران !!!
من كام سنة
راسمين رجولتنا ادب
ناقشين إدينا نقش حنة
وقلنا سنة
ورمينا من إيدنا سلاحنا
وقلنا هدنة
وبلدنا بِكْر بتُغتصب
يِعلاَ صوتها غصب عنها.. نِتْهِمْهَا بالشَغَب !!
يا بلاد ماليها الاَّ العجب
يا ( معرَّمين ) شعر وادب
هي الرجولة تتوزن وقت الغضب غير بالغضب ؟؟؟
هو اللي متَاخد غَصَب مش برضه يتاخد غصَب ؟؟
يا بلاد ماليها الا العجب
يا ( معرمين ) شعر وادب
الوزن هو اللي اختلف ولا الميزان اللي اتقلب ؟

من كام سنة بنسأل "بهية" مين قتل
واحنا اللي قاتلينه بإدينا !!
مدِّينا إيدنا للغريب وف بعض عضِّينا وعَادِينا
مين اللي ظالم في الحكاية .. ومين جبان ؟
مانلومش ع الديب اللي خان
احنا اللي خرفان بالوراثة
الصبر وارثينه وراثة
والطاعة وارثينها وراثة
والـــ ... وارثينه وراثة
وحاجات كتيرة مش وراثة
احنا واخدينها وراثة

انا كل ما اتذكر نحية العلم يسرح خيالي
كان صوتي لسه عيالي ..
بس عالي
كنت احسّ اني بهزّ المدرسة
كان العلم من فرحته يرقص على الساري اللي شايله
طب كنتوا ليه بتعلمونا نحفظ البرّ وجمايله
طب كنتوا ليه بتعلمونا نكره الظلم وعمايله
لمّـا انتو ناويين تسجنونا في ارضنا
كان ايه لزوم العلم .. وهمومه .. ورزايله
طب كنتو سبتونا بهايم كنا نِمْنَــا مرتاحين
ازاي ابيع ارضي وعارف ان جسمي اصله طين؟
طب كنتو علمتونا مثلا اننا من اصل تركي,
او اوروبي
ان جسمنا اصله حلاوة او مِلَبَّس
اشمعنى طين ؟
طب ولما الطين يروح .. ايه اللي فاضل ؟
ولمين نغني ونفدِي روح ؟ ولمين نناضل ؟
ولمين اعود واشتاق واحب واغير واكافح ؟؟
ولمين اغني واقول “بحبك يا بلد”
والحب طافح ؟؟

لاموا عليَّا الناس
عايزيني اقول اشعار في "محمد الدرة"
مش قايل !!!
ما انا لما قلت زمان يا بلادي يا ( رحبة )
قالوا ده واد سافل !!
واللي اتلَوِتْ مني واللي اتقَمَص مِنِّي
ونزلت عنيهم م الخجل في الارض
وبَهْدَلُوني وحَدَّفوني لبعض
وقالوا برضك عيب .. القاعة فيها بنات !!!!
طب يعني وفلسطين مش برضه فيها بنات ؟!
والله دي فلسطين نسوانها رجالة
هما اللي عمَّالة واحنا اللي قوَّالة
عندينا تِبْقَى الست وَلَدها طول الباب وتخاف يروح مشوار
وهناك حريم من غَضَب
شايفين عيالهم دهب
وعشان ما يلمع زيادة لازمن يدوق النار
وتقولوا اقول اشعار !!
مش قايل

هما تلات كلمات
نعم .. اكيد .. طبعا ..
وطول ما فيه جُبَنَا .. فرعون بيتفَرْعَن
والشعر اصله جبان
اللي يقوله جبان
واللي يعيده جبان
قولنا بلاش نكتب والحرب اولى بْنا
قالوا حرام والنبي خلُّولْنا اولادنا
خايفين على ولادهم م الجنة ونعيمها
شوفتوش خيابة و همّ
الاسم رجالة والاسم عندنا دم
دي ام موسى ( المرة )
خافت على ولدها .. رمته في قلب اليم
واحنا ( بنتسولق )
واحنا (بنتعولم)..
وبنتشوي قرارات
تطلع قراراتنا صورة جماعية على صفحة الجُرنان
يا ما اشجع الفرسان
وتقولوا اقول اشعار .. مش قايل

همست في وِدْني ( بَحِبَّك ) ..
كان جسمها مفرود والخمرة عامياني
وبياض إديها كان بيزعق لما تعدل شعرها
الواد بيعرج م الرصاصة اللي في رِجْلُه
شدِّت حزام الروب
وبانت زي شيء معرفش شعري يوصفه..
كانوا العساكر قربوا
والواد متبت ع الحجارة اللي ف إديه
مدّت إديها وقَّفِت كل الساعات
صوت الكاسيت نبَّهني اني ف شقتي
كانوا العساكر قربوا
بيقربوا بيقربوا
والواد متَبِّت ع الحجارة اللي ف إديه
وَقَعِت قزازة البيرة من إيدي على طرف السرير
الواد صرخ في مخبأه
فاتلفتت قلقانة خايفة لاتجرح
جريت على الصوت العساكر
وابتدى صوت الرصاص يملا الجبل
دوَّرت عندي في الدولاب على حاجة تنفع لجل تِتْحَزَّم لي بيها
ما التقيت غير شال اخويا اللي اتقتل تحت الجبل
كان برضه يعرج لما يمشي من الرصاصة اللي في رجله
وكان متبت ع الحجارة اللي ف اديه
مين اللي خانك يا وطن؟
قلعت حَلَقْها لما عَوَّرني ف رقبتي
وحطته جنب السرير
نامت على الارض العساكر لجل تسمع دَبِّة الواد اللي لسة مستخبي
اتكسف صخر الجبل من وقفته
هيَّج رماله ع العساكر
سامحيني يا وحدك
مقدرش اعيش هارب
انعس في حضنك كيف
والرملة في الصحرا واقفة وبتحارب

أكتوبر 11، 2009

سلف

cigarette_by_InnerdepravityART أعرني روحك لدقيقة واحدة كي أستريح, أو خذ روحي. خذها ولف بها سيجارتك كي تعطيها الفرصة.. حولها لدخان أبيض يتسامى في الهواء. وانفثها باستمتاع تام ودون أي شعور بالذنب. فقط خذها وحولها لدخان يرقص رقصة أخيرة قبل أن يلقي نظرة على الوجود ويختفي.

أعرني روحك يا صديقي كي أضحك.. أو خذ روحي وأرني كيف ستفعلها..

أعرني روحك..

أكتوبر 06، 2009

My Mood

dfds

يا مشرط الجراح أمانة علـــــــــــيك.
وانت ف حشايا تبص من حواليــك.
فيه نقطة سوده في قلبي بدأت تبان.
شيلها كمان .. و الفضل يرجع إليك ..

جاهين

أكتوبر 04، 2009

أحزان السيدة مصر

Abuse_of_sid_by_Guirnou قرأت هذا الأسبوع مقالاً بعنوان أحزان السيدة لورانس لعلاء الأسواني في بص وطل, يتحدث فيه عن لورانس الفرنسية التي قررت أن تغادر مصر إلى اليونان هرباً من تحرش المصريين بها. تقول السيدة إنها تتعرض للمضايقات والتحرشات باللفظ والفعل كل يوم تقريباً, وأن تجربة ركوبها للمترو في أحد الأيام كانت تجربة عصيبة لن تكررها ثانية. انهمك علاء الأسواني في نهاية المقال سارداً الأسباب التي جعلت المصريين الذين يُعرف عنهم التدين وحسن الخلق يشذون عن طبيعتهم إلى هذه الدرجة. ذكر الرجل من الأسباب البطالة وصعوبة الزواج وتغير نظرتنا للمرأة وانتشار الأفلام الإباحية.

كم هو طيب علاء الأسواني هذا!! فالأسباب التي ذكرها لا تتجاوز مجموعة الأسباب التي يمكن أن يذكرها طالب مجتهد في موضوع الإنشاء بامتحانات الثانوية العامة. هل هذه هي فقط الأسباب التي دعت المصريين إلى التحرش؟

إن كل هذه الأسباب التي ذكرها الأسواني لا تدعو فرداً واحداً إلى الإقبال على مثل هذا الفعل, فما بالك ونحن نتكلم عن شعب؟!

أنا أرى أن الموضوع يتخطى كل الأسباب التي اعتدت على سماعها في البرامج الحوارية وما قرأته في الجرائد والمجلات والمواقع. بل إن التذرع بصعوبة الزواج والبطالة وغيرها من الأسباب من شأنه أن يهون من فداحة وقبح الفعل. المشكلة كما أراها أن حلقة مفرغة من السادية يدور فيها هذا الشعب. يتعذب المصري على أيدي من هم في السلطة, فيجد في نفسه الرغبة في التنفيث عن نفسه. إن إساءة استخدام السلطة التي تمارسها الكثير من الجهات على المواطن تجعله مدفوعاً بشكل أو بآخر إلى قهر من هم أضعف منه.. لا أقصد هنا بالطبع أن النساء أضعف من الرجال, وإنما يراهن الرجال هكذا في ثقافة مجتمعنا.

من المؤكد أن الأفلام الإباحية وانتشارها المستشري يلعب دوراً في انتشار التحرش بالشوارع المصرية, لكن هذه الأفلام نفسها يراها الشباب في ليبيا والسعودية وغيرها من الدول, فلماذا نتحرش نحن فقط بأنفسنا؟ هي قلة الأدب إذاً, قلة التعليم, قلة الإرشاد إلى حسن التصرف. التدين في مصر تدين شكلي, والأخلاق العامة في انحدار, والنظام التعليمي لا يهتم بالتربية بقدر ما يهتم بحشر مادة علمية في ذهن الطالب.

من العادي أن ينسب الجميع هذه الظاهرة للملابس التي تلبسها الفتيات. وأنا أرى أن الفرد المهذب لن يتحرش بامرأة مهما كان ما تلبسه. لكن هذا لا يعني أن تتحرر المرأة تماماً فتخرج شبه عارية. بل إن الفتاة التي تخرج هكذا هي أحد أسباب التحرش بفتاة أخرى مهذبة. فالمتحرش شخص ضعيف الشخصية يريد أن ينفث عن القهر الذي بداخله, وهو لن يغامر بالتحرش بامرأة يراها مكشوفة الوجه والجسد, فهي القادرة على تحدي تيار المحافظة في المجتمع ستكون قادرة بكل تأكيد على رفع صوتها والتسبب له في فضيحة. لذا فهو ينتقي من بين الفتيات من يشعر أنها لن تتكلم وتكون هذه في الأغلب فتاة محجبة أو منقبة.

كنت قد قرأت عن بعض الدراسات التي تقول إن أغلب المتحرشين هم من المراهقين في المدارس أو من الرجال فوق سن الأربعين (أغلبهم متزوجون) مما يعني أن الموضوع غير متعلق بالبطالة ولا تأخر سن الزواج بشكل أساسي.

التحرش الجنسي هو عرض لمجموعة متداخلة من الأمراض الأخلاقية تعاني منها هذه الأمة, وهو مثل أكوام القمامة التي تملأ شوارع العاصمة.

أكتوبر 02، 2009

خدمة وحوي

DGDSG

الرزية.. منتج جديد تروج له شركات المحمول في دولة فساتونيا, وتقول إنه صباع سيجعلك تدخل على الإنترنت في أي وقت وأي مكان.

المواطن صابر عبد الصبور أبو صابر فساتوني محب للتقنيات الجديدة.. قرأ عن الرزية في الجريدة التي اشتراها كي يسلي صيامه, فذهب من فوره لشركة ابتسارات (هذا ليس اسمها الأصلي بالطبع, هو فقط يدلعها بهذا الاسم فابتسارات نسبة للمبتسرين أي الأطفال الجدد, وهذه الشركة هي أحدث الشركات وآخر العنقود وموطن الأمل).. كان شكل الرزية مضحكاً ومدهشاً في ذات الوقت, فهي صباع طويل يذكرك بتلك الإشارة غير المهذبة في الأفلام الأمريكية. نفض صابر عن نفسه تلك التداعيات و"استمتع" بالمنتج ليوم كامل.

في الصباح كانت الصدمة كبيرة عليه, فقد دفع 200 أهيف فساتوني كي يحصل على الرزية. الإعلان الذي في الجريدة يقول أنهم خفضوا سعرها اليوم لـ99 أهيف, مما يعني أنهم سكوه على قفاه في نصف المبلغ على الأقل.

- الحرامية أولاد (التييييت). لو بس أتلايم على واحد فيهم. أنا يسكوني على قفايا في ميت أهيف. آآآآآآآآآآه.

بدت بعض أعراض الغيظ على المواطن صابر, فقد احمر وجهه احمراراً يميل إلى السواد, وتشققت عيناه بشرايين منتفخة. مد يده يتناول علاج الضغط, ووضع الصباع في جهاز الكمبيوتر الخاص به. ثم كانت الصدمة الأكبر, فالصباع توقف عن العمل. بأصابع مرتعشة, مد صابر يده ووضعها على قلبه وأمسك بيده الأخرى سماعة الهاتف كي يتصل بخدمة العملاء:

- صباح الخير أهلا بيك في ابتسارات أحمد في خدمة حضرتك يا فندم..

- أهلا أحمد.. أنا 01515151511, ممكن أعرف الخدمة اتوقفت عني ليه؟

- حاضر.. لحظات وهابقى مع حضرتك يا فندم.

بعد ربع ساعة

- شكرا لانتظار حضرتك معانا.. حضرتك فعلا مشترك عندنا

- لا والله يا شيخ؟ ما كنتش أعرف. الخط اتوقف ليييييييييه؟ (بغيظ واضح)

- الخط اتوقف عشان حضرتك خلصت الباقة.

- نعم؟ ليه يعني؟ ده أنا كل اللي عملته إني دخلت على موقعين تلاتة, إزاي يعني خلصت؟

- حضرتك لو عايز تجدد الباقة تشحن بأربعين أهيف وهاتلاقي الخدمة اشتغلت تاني يا فندم.

- اللهم طولك يا روح.. يا ابني باقولك ما استعملتش الباقة أساساً. بأقولك إيه.. شوفلي حد كبير أكلمه.

- حضرتك لو عايز تتظلم, اتوجه لفرع الشركة واكتب شكوى.

- بأقولك هاتلي حد كبير يا شاطر.

- أنا آسف يا فندم هو ده السيستم عندنا.

- بس انت ما تعرفش بقى السيستم عندنا إيه.. قول وحوي.

- نعم.. إيه يا فندم؟

- قول وحوي.

- وحوي

- وحوي يا حبيبي

- كل سنة وحضرتك طيب. أي استفسار تاني يا أستاذ صابر. إحنا في خدمة حضرتك يا فندم.

(تشك) أغلق صابر الهاتف, وجرجر قدميه نحو السرير كي يتمدد عليه. كان لسانه قد تدلى وتهدلت شفاتيره, بينما أحس بكلاب تنبح في رأسه. تمدد لفترة ثم قرر أن يدفع وأمره لله.

بعد الشحن لم يستخدم صابر الصباع. كان فقط يدخل على المواقع المجانية, وحين يضطر إلى الدخول على المواقع الإخبارية كان يضغط على سر إيقاف التحميل بسرعة فتتوقف الصفحة عن الظهور ولا يبدو منها سوى عناوين الموضوعات.. على العموم هو لم يكن يرغب سوى في مطالعة عناوين الأخبار. المشكلة أنه بعد ساعتين من الشحن توقف الصباع مرة أخرى..

- صباح الخير أهلا بيك في ابتسارات.. أحمد في خدمة حضرتك يا فندم..

- أهلا أحمد.. أنا 01515151511, ممكن أعرف الخدمة اتوقفت عني ليه؟

- حاضر.. لحظات وهابقى مع حضرتك يا فندم.

بعد نصف ساعة

- شكرا لانتظار حضرتك معانا.. حضرتك فعلا مشترك عندنا

- لا والله يا شيخ؟ ما كنتش أعرف. الخط اتوقف ليييييييييه؟

- هو واضح قدامي يا فندم إن فيه مشكلة في العنوان.

- وبعدين.

- بس يا فندم

- قول وحوي

- نعم يا فندم

- بأقولك قول وحوي

- كل سنة وحضرتك طيب يا فندم

- قول وحوي

- وحوي يا فندم

- وحوي يا حبيبي..

- أي استفسار تاني يا أستاذ صابر. إحنا في خدمة حضرتك يا فندم.

- آه فيه استفسار تاني.. هو انتم مش شركة محمول برضه؟

- تمام يا فندم

- يعني عندكم محاميل كتير.. طيب مش كنتم اتصلتوا بيا بدل ما تقطعوا الخدمة عني وأنا دافع فلوس.

- أنا آسف يا فندم هو ده السيستم عندنا.

- بس انتم ما تعرفوش السيستم بتاعي.. وحوي وحوي وحوي

(تشك)..

النت بالقطارة, كان هذا شعار صابر للمرحلة التالية. نت المواقع المجانية فقط. نت بلا تصفح ولا فيديو ولا داونلود.

"فليكن" هكذا قالت زوجة صابر وهي تدلك له صدره بعد الذبحة التي أصابته. قال الطبيب إن عليه أن يأخذ الأمور ببساطة وأن يتركهم ينهبوا أهله دون أن يعكر دمه. وكان رد صابر بكلمة واحدة ترتبط بالشهر الكريم. حيث بدا واضحاً أنه يستخدم هذه الكلمة بدلاً من كلمات أخرى بذيئة يستخدمها في غير الشهر المبارك. عندما أفاق صابر من المرض أدخل الصباع في الكمبيوتر وقرر أن يستمتع بماله ولو للحظات. ثم فوجأ بماذا؟ تخمينك صحيح.. انقطاع الخدمة.

- صباح الخير أهلا بيك في ابتسارات..

- صباع الزفت.. صباع الرزية والهباب. أظن ما هاتقولي ان اسمك أحمد.. أهلا يا خويا.. تشرفنا يا خفيف.

- سامح مع حضرتك يا فندم.

- لا يا شيخ.. اطلع من دول يا أحمد... اطلع من دول.. العصافير اللي دقيتهالي طارت.

- لا مؤاخذة يا فندم؟

- وحوي يا أحمد.. وحوي وحوي وحوي وحوي وحوي يا أحمد.

- كل سنة وانت طيب يا فندم. أتشرف باسم حضرتك.

- يعني مش عارفني يا سي أحمد؟ أنا 01515151511

- أهلا أستاذ صابر.. تحت أمرك يا فندم.

- تحت أمري؟ ده أنا اللي خدام السيادة. الخدمة.. الهباب.. الرزية اتقطعت ليه؟

- حضرتك خلصت الكريديت بتاعك, والباقة وكل حاجة.

- ده امتى ده؟ أنا كنت في المستشفى.

- يا فندم أصل أي موقع بتدخل عليه بياخد ميجابيتس كتير.. كتير قوي

- انت فاكرني إيه يا عم أحمد.. ده أنا كنت على النت قبل ما بابا انت يقول لماما انت تييييييييييت تييييييييت. ده أنا كنت باستخدم النت أيام ما كان بكروت يا تتتتتتتتتتيييييييييييت.

(تشك) رعشة كبيرة تنتشر في جسد صابر, مع ارتفاع ملحوظ في درجة الحرارة واسوداد في الوجه, واهتزاز كبير في الصدر.

نظر صابر في المرآة, وقد أحس بأنه على وشك الموت. سيكون الرجل الأول الذي يقتل عن بعد. سيكون الضحية الأولى لخدمة العملاء وشركة ابتسارات والرزية.

كان أول عهد صابر بخدمة العملاء مع شركة أم نبيل التي كادت تقتله لولا أنه حافظ على صحته ورمى شريحتهم واستخدم بدلاً منها شريحة فؤادفون. صحيح أن الخدمة في فؤادفون ليست جيدة, لكنهم يعرفون كيف يتعاملون مع البشر.

تررررررررررررن ترررررررررررن

- أيوة

- صباح الخير سوسو نبيل من شركة فؤادفون مع حضرتك يا فاندم. (هكذا قالتها بدلع زائد)

- أنا دفعت الفاتورة على فكرة.

- لا يا فندم أنا مش باتصل عشان كده. أنا بس عايزة أعرف رأي حضرتك في الخدمة. أصل حضرتك عميل فؤادفون المميز.

- الخدمة حلوة قوي يا سوسو.. يعني المكالمات ما بتتقطعش, والشبكة مش مشغولة خالص, وسامعة الصوت ده: تششششششششششششششش تششششششششششششش. ما بقاش بيطلع خلاص.

(كه كه كه تضحك ضحكة ذات مفعول أقوى من مفعول فتاة إعلانات ميلودي.. تلك الفتاة التي ينبغي أن يأخذوها في إعلانات الجيلي)

- يعني كله كويس؟

- قوليلي يا سوسو.. انتي تحديتي الملل قبل كده؟

- نعم؟

- لا أبداً.. ممكن أطلب طلب.

- اتفضل يا فندم إحنا..

- عارف عارف في خدمتي وكده يعني. بصي أنا هاقول حاجة وانتي تردي على طول. ماشي؟

- تمام

- وحوي

(كه كه كه تضحك ضحكة ميلودية أخرى)

- وحوي يا... (كه كه كه ) يا حبيييييبي

(تشك)

----------------------------------------------------------------------------------

شوية جد:

يتم التضييق علينا في بلادنا في الاتصالات وفي خدمة الدخول على الإنترنت من قبل شركات تستغلنا وتمتص دمانا ولا تعطينا خدمة جيدة. هذا بالطبع لأنهم دفعوا للحكومة مبالغ طائلة استحقوا بها ميزة استعباد الشعب, ولهؤلاء جميعاً أقول كلمة واحدة. أعتقد أنكم تعرفونها الآن.

سبتمبر 28، 2009

على ما تفرج

المدونة -للأسف- مغلقة لغاية ما يفرجها ربنا وتحن عليا الشركة وتنزلي الباقة على أول الشهر. حسبي الله ونعم الوكيل.. اتصالات.. انزلق.

سبتمبر 26، 2009

تسجيل

اليوم وبلا أي مقدمات..

اتصل بي أبي وقال إنه راض عني.. كان يضحك من قلبه, ولا أعرف ما الذي دعاه لأن يقول هذا..

اليوم..

قرأت كلمات قالها سمير الفيل عن قصتي في موقع القصة العربية, كم أحترم هذ الرجل, وكان ما قاله على حد تعبير أحمد الشمسي كلاماً لم يقال في يحيى حقي نفسه.

اليوم..

عرفت بأنني قبلت في جامعة الإسكندرية لدراسة الماجستير.

اليوم..

قالت لي بنبونة إنني صديق “طيب”..

الليلة.. سأنام هادئاً سعيداً.

المزيد من القوقزة العلمية

mind العقل مثل الإناء ينضح بما فيه. وعقلي هذه الأيام مشغول بالكثير من التفكير عن الإخفاقات السابقة. أرجو ألا يفهم هذا على أنه ميل اكتئابي لأنه ليس كذلك, وإنما هو محاولة لفهم الأسباب التي آلت بي إلى ما أنا فيه. سؤال واحد يشغل ذهني هذه الأيام:

ما الذي ينقصك كي تكون؟ ما الذي ينقصك كي تنجح نجاحاً باهراً.. كي ترتقي؟

فكرت للحظة ثم أدركت أن الإنسان عجينة من الموارد التي تختلط ببعضها. بعض هذه الموارد وراثي, والبعض الآخر مكتسب. بعضها مادي, والبعض الآخر نفسي معنوي. سأتناول اليوم بالتأمل أحد أهم الموارد التي تساعدنا على الوصول إلى النجاح, وهي القدرة العقلية العامة أو الذكاء.

لا أرى أن قدرتي العقلية العامة قليلة, فأنا دائماً ما أحرز ما يزيد على 120 درجة في اختبارات الذكاء بينما يحرز نصف البشر في العالم 100 درجة فقط. لكن هل يحتاج المرء إلى المزيد من الذكاء كي ينجح؟ هل لو كان لدى أينشتاين هذه الدرجة كان سيصبح أينشتاين (معدل ذكاء أينشتاين 180 درجة)؟ ولماذا لم يصبح واحد مثل كريستوفر لانجان رئيساً للولايات المتحدة (معدل ذكاء لانجان يقترب من المائتين)؟ لماذا ظل مغموراً إلى أن اكتشفته وسائل الإعلام؟ التفكير المبدئي يشير إلى دلائل مختلطة.

هناك ثلاثة أنواع من الذكاء طبقا لتقسيم سترنبيرج. الأول هو ما نطلق عليه القدرة العقلية العامة. وهو يقاس بالعديد من الاختبارات منها اختبار ستانفورد بينيه الأشهر في هذا الغرض. ويطلق على اختبار الذكاء من هذا النوع أيضاً اختبار القدرات الدراسية, لأنه مؤشر جيد على قدرة الفرد على التحصيل الدراسي, ولأن أسئلته تشبه إلى حد كبير مسائل الحساب.

النوع الثاني من الذكاء هو الذكاء العملي أو التطبيقي. ربما من الجائز لغرض هذه المقالة غير المتخصصة أن نطلق عليه الذكاء الاجتماعي. وهو قدرة الفرد على الحصول على ما يريد. قدرته على الوصول بالآخرين إلى النتيجة التي يريد. أما النوع الثالث فهو الذكاء الإبداعي, وهو قدرة الفرد على ابتداع شيء جديد لم يكن موجوداً من قبل.

الآن حلل نفسك معي. فكر ما الذي لديك من هذه الأنواع المختلفة من الذكاء. أنا لدي النوعين الأول والثالث بمقادير متفاوتة لكنها ترضيني. غير أنني اكتشفت اليوم أنني أفتقر كثيراً إلى النوع الثاني (التطبيقي). ربما تعاني أنت أيضاً من نفس المشكلة.

الكثير من المبدعين والعباقرة قتلوا بسبب عقولهم. قتلتهم اكتشافاتهم واختلافهم عن بقية البشر. لكن هذا لا يعزى فقط إلى الاختلاف بقدر ما يعزى أيضاً إلى عدم وجود قدر معقول من النوع الثاني من الذكاء لديهم. هناك أيضاً الكثير من الأذكياء يعيشون في العراء ولا يعرف بهم أحد. في كل مصلحة أو وزارة هناك من هم أزكى بمراحل من المدير أو الوزير, ومن هم أكثر كفاءة, لكن من ينجحون تكون لديهم خلطة معينة للوصول إلى النجاح, وتعتمد هذه الخلطة إلى حد بعيد على توافر النوع الثاني من الذكاء.

لكن إليك البشارة, فهذا النوع الثاني مكتسب. أي أنه ليس وراثياً. هذا ما قرأته اليوم في دراسة لعالمة في علم الاجتماع اسمها أنيت لارو. قامت أنيت بدراسة 12 دراسة حالة بين أطفال من أسر من مختلف الخلفيات الثقافية والمادية. ووجدت أن هناك نوعان من أساليب التربية هما المسئولان إلى حد كبير عن تنمية هذه المعرفة لدى الفرد. فالأسر الفقيرة يميل الطفل فيها إلى الخنوع وعدم الحديث في ظل وجود سلطة. أما الأسر الغنية فهي تميل إلى تشجيع أطفالها على التعبير عن أنفسهم, واقتناص ما يريدون.

النتائج التي توصلت إليها لارو لم تكن مدهشة لي, بل إنها لا تحتاج إلى دراسة. كنت قد عملت في مدرسة في قرية فقيرة لمدة يوم واحد بعدها تركت العمل. كان هذا أول يوم عمل لي. وعندما دخلت الفصل لم أر الجلبة المعتادة في فصولنا, وكان اندهاشي كبيراً. بعدها عملت في مدرسة خاصة. وفي المقابلة الشخصية قبل التعيين قال لي الموجه المقيم:

Amr.. our students are very naughty, how are you going to deal with them?h

Well, I prefer to call them hyper-active students...h -

وعندما دخلت إلى الفصل أدركت هذا الاختلاف بالفعل. فالأطفال في المدارس الخاصة لا يتركون المدرس يشرح الدرس دون تفاعل. بل يتوقفون عند كل نقطة ويشككون فيها, ويختبرون مدرسهم على الدوام. هم يعتبرون أن من حقهم أن يسألوا, وأن عمل المدرس أن يجيب. بينما يربى أولاد الفقراء على أن المدرس سلطة فوقية, إن أغضبتها فسوف نكسر رقبتك. (انت تكسر واحنا نجبس يا أستاذ)

هذان النمطان من التربية يؤديان إلى نوعين من الأشخاص الأول يعرف كيف يقنع الآخرين بنفسه, والثاني لا حاجة لنا بالحديث عنه.

كنت أتجول في الفضاء الأثيري حين اهتديت إلى موقع كتاب American Prometheus الذي يتحدث عن قصة حياة روبرت أوبنهايمر مخترع القنبلة النووية التي ألقيت في الحرب العالمية الثانية على اليابان. قاد الرجل مشروع إنتاج قنبلة غيرت مسار الحرب, وحولت مسار التاريخ البشري كله. لكن هل كان أوبنهايمر ذكياً؟ ما يقوله أصدقاؤه أنه كان لا يستطيع أن يدير كشك لبيع الهامبورجر.. فكيف سُمح له بقيادة مجموعة من المهندسين والعلماء؟ وكيف استطاع أن يصل بهم إلى مثل هذا النجاح (هو نجاح من وجهة النظر الأمريكية على الأقل)؟

كيف كانت سيرة أوبنهايمر الذاتية قبل أن يتولى هذا المنصب؟ كان طالباً مجداً حاول أن يقتل أستاذه بالسم, واستطاع بدهائه أن ينهي الموضوع كله بأن أحيل إلى الطبيب النفسي كي يتلقى جلسات للتخفيف عن أعصاب سيادته!! كما أنه كان صديقا لعدد كبير من الشيوعيين وهذا كفيل بألا يتولى هذا المنصب. كان عمره 32 سنة بما يعني أنه صغير للغاية على أن يدير مجموعة من العلماء كلهم أكبر منه سنا وعلما ومقاما وخبرة… لكن أوبنهايمر كان لديه شيء آخر ميزه… الكثير من الذكاء التطبيقي.

يقول الكاتبان كاي بيرد ومارتين شيروين أن أوبنهايمر عرف من أين تؤكل الكتف. أي أنه تعرف إلى الشخص المسئول عن تعيين قائد للمشروع ويدعى جروفز (لا أتذكر منصبه الآن), وأنه قال له الكلام الذي كان جروفز يريد أن يسمعه. ثم حين تولى منصبه دأب أوبنهايمر على العمل حتى نجح.

الكثير من الدراسات أشارت إلى أن المستوى المتوسط من القدرة العقلية العامة يستطيع أن يصل بصاحبه إلى مراتب راقية, وأن الزيادة في معدل الذكاء تفقد أثرها تدريجياً بعد هذا المتوسط, فلا فرق كبير في الأداء الواقعي الفعلي بين من يتمتع بذكاء قدره 180 ومن يتمتع بذكاء قدره 200 درجة.

أعود الآن بذهني إلى أيام المدرسة.. يبدو أنني كنت من الفئة الثانية التي لا تسأل ولا تستفسر كثيراً. الخبر السار كما قلت من قبل أن النوع الأول من الذكاء قدرة أما الثاني فهو معرفة, والمعرفة تكتسب. ارجع بذهنك أنت أيضاً هل لديك هذا النوع من المعرفة؟

سبتمبر 25، 2009

إن ما قدرتش تضحك

على الرغم من حبي المفرط للكلمات التي يغنيها وجيه عزيز إلا أنني لا أحب صوته مطلقاً.. ربما تتفقون معي أو تختلفون, لكنكم ستعجبون بالتأكيد بهذه الأغنية..

سبتمبر 23، 2009

1000 مبروك.. هل يعمل المبدع فقط من أجل إرضاء جمهوره؟

1970 الأفكار والتوقعات المسبقة هي وحدها ما يظلم فيلم أحمد حلمي "1000 مبروك", فالمشاهد يصنف حلمي على أنه ممثل كوميدي, وهو حين يدخل فيلماً اسمه "1000 مبروك" يتخيل مسبقاً أنه داخل إلى فيلم كوميدي له نهاية سعيدة, وبالتالي حين يعرض الفيلم لا يأتي على هواه, ويخرج لاعناً اليوم الذي رأى فيه إعلان الفيلم, وقرر فيه أن يشاهده.

تميل صناعة السينما في بلادنا إلى مسايرة الموجة, فحين خرج هنيدي بفيلمه "اسماعيلية رايح جاي" ظهرت موجة الأفلام الشبابية التي تعتمد في الغالب على الضحك والفكاهة حتى لم يعد بالسينما فيلماً واحداً يناقش أي مشكلة بطريقة جادة. ولم يعد هناك أثر لأفلام الأكشن, أو العنف. لكن يبدو أن حكاية الأفلام الكوميدية هذه قد أصبحت موضة قديمة, فانطلقت الأفلام هذا الموسم إلى بيئة العشوائيات, وإلى الأكشن, وفرغت الساحة من الأفلام الكوميدية عدا فيلم طير انت لأحمد مكي, وفيلم الدكتاتور لحسن حسني (هذا بالطبع إذا اعتبرنا أن الدكتاتور فيلماً من الأساس).

لكن الفرق بين أحمد حلمي وغيره هو أن أحمد يصوغ واقعه السينمائي, فقد نضج إلى الدرجة التي تجعله قادراً على اتخاذ مسار مختلف ومغاير, وهو لديه الشجاعة لتحمل عواقب مثل هذه المخاطرة.

في ألف مبروك يستيقظ البطل كل يوم ليفعل ويرى ويسمع نفس الأشياء, وينتهي اليوم دائماً بموته في تمام الثانية عشرة صباحاً. الفكرة جيدة, يقول مؤلفا الفيلم خالد ومحمد دياب أنهما استوحياها من أسطورة سيزيف, وهي الأسطورة التي استوحي منها فيلم Ground Hug Day في إشارة إلى أنهما لم يستفيدا أي شيء من الفيلم الأمريكي وهذا فيه إجحاف كبير.

تتكرر داخل الفيلم جملة محورية تقول إنه من الممكن تغيير الواقع, لكن لا يمكن تغيير القدر, وبالتالي يعمل بطل الفيلم على فهم بيئته المحيطة, ليعرف تدريجياً أن أمه ليست مدمنة كما كان يعتقد وأن أباه ليس مختلساً وأن علاقة الحب التي تربط بين أخته وصديقه علاقة شريفة, ثم يجد أن حياة هؤلاء كلهم مليئة بالمشاكل فيقرر أن يغير الواقع ويستسلم في نهاية الفيلم إلى القدر فيموت.

تخيلوا معي أن المشاهد الذي دخل كي "يعلي الطاسة" وينسى الهم يفاجأ في نهاية الفيلم بموت البطل, وبحقيقة أن القدر لا يمكن تغييره, وبالجملة (التي أراها سخيفة) التربوية على لسان حلمي والتي تقول "أن تكون غائباً حاضراً.. أفضل من أن تكون حاضراً غائباً".. حين تفتح أنوار السينما يشعر هذا المشاهد أنه قد خدع. وهنا يطرح الموقف سؤالاً: هل على المبدع أن يعمل من أجل إرضاء جمهوره؟

أعتقد أنه يجب عليه أن يرضي جمهوره في حدود, فالبحث عن رضا الجمهور قد يعني أحياناً الاستسلام للموجة, ومسايرة الوضع القائم, وعدم التجديد.

لم يعجب الفيلم الجماهير على الرغم من الأرباح الكثيرة التي حققها, ولم يعجب أيضاً بعض النقاد الذين رأوا أن النهاية كانت متوقعة منذ بداية الفيلم, وأنها غير مبتكرة وغير مختلفة. لكنني أرى أن النهاية متفقة تماماً مع رسالة الفيلم, فالبطل لابد وأن يموت حتى تكتمل الرسالة. بل إن اتباع نفس النهج الذي قامت عليه النسخة الأمريكية من الفيلم (ولا أعني بذلك أنهما متطابقان) بإنهائه بنهاية سعيدة لا يموت فيها البطل يقضي على الأساس الفكري الذي بنيت عليه هذه التجربة.

حالة الإحباط التي تصيب الفرد بغد النهاية تجعله يفكر في اصطياد العيوب كي يجلس بين أصحابه أو يكتب عن الفيلم مقالاً نقدياً يقتص فيه لنفسه بعد شعوره بالخديعة.. يبحث الفرد عن الأسباب التي جعلته غير راض فيقول كلاماً قد يجانبه الصواب كثيراً. فيتحدث البعض عن أن الفيلم ممل في بدايته, أو أن الأحداث لم تكن على درجة عالية من الجذب, أو غير ذلك من أوجه الكلام الواهي الذي قد نختلف بصدده وبشكل كبير.

هناك أمران أتفق على أنهما عيوب أساسية في تجربة حلمي, الأول هو عدم وجود أي دور يذكر لخطيبة البطل في يوم زفافهما, هذا الدور كان سيضيف الكثير لآدمية الشخصية. الأمر الثاني هو عدم الإشارة بأي شكل من الأشكال للفيلم الأمريكي الذي فتح أعين المؤلفين على الفكرة, حتى وإن كانت مقتبسة من أسطورة سيزيف. والحقيقة أنني غير راض تماماً عن الجملة الأخيرة التي تأتي على لسان حلمي, فهي بغض النظر عن كونها مبتذلة ومستخدمة إلا أنها أيضاً تحجم معنى الفيلم بل وتوجهه إلى مسار مختلف. فهي تشير إلى أن الموت من أجل غاية أفضل من الحياة بدونها, ولا أرى أن الفيلم أشار لذلك تحديداً بقدر ما أشار إلى جدلية الواقع والقدر. فالبطل في الفيلم لم يقتل نفسه لأنه يريد أن يغير الواقع.. هو لم يمت من أجل غاية, وإنما مات لأنه عرف أن قدره الموت, وهو في الطريق نحو تلك النهاية القدرية قرر أن يترك بصمته في الحياة.

بغض النظر عن كل هذا, فانا أرى أن حلمي على الطريق, وأنتظر منه المزيد. الفيلم جيد, وعليكم أيضاً أن تشاهدوه تشجيعاً لفن صادق استنزف الكثير من المجهود من القائمين عليه.

سبتمبر 18، 2009

هالة من نور

Energy

تعريفات لابد منها:

ياسمين: قطعة طرية من اللحم استيقظت ذات صباح فوجدتها تنام في المسافة الفاصلة بيني وبين زوجتي. ثم حين كبرت أصبحت ذلك العسكري الصغير الذي يضبطني دائماً كلما توددت إلى سارة.

سارة: هالة من النور تضيء حياتي.. فإذا ما انطفأت توقفت الحياة..

*****

النظر إلى عيني سارة يحتاج إلى تفرغ تام, وكوب من الشاي, وإلى الكثير من التأمل.. هذا ما أدركته وأنا أقود في طريقنا إلى الحفل. حين أخبرتها بسبب توقفنا على جانب الطريق ضحكت وأخبرتني بأنني "بكاش". وحين تضحك سارة لا أشعر سوى بأن قلبي كان منهكاً من طول الوقوف ثم على ضحكتها استراح وجلس..

أمد يدي نحو يدها فتشب ياسمين من المقعد الخلفي متسائلة عن سبب توقفنا. أرفع يدي على الفور قبل أن أنظر في المرآة بامتعاض. تبتسم زوجتي, ثم تتعامل مع الموقف.

أحب ياسمين كثيراً, لكنني لا أطيق أن تشاركني في سارة.. أحسدها وأغار منها, فمنذ أتت, شغلت ذلك الموضع من مفرق صدر حبيبتي والذي كنت أزرع وجهي فيه كل يوم.

أدخل إلى الحفل ممسكاً بيد سارة بعدما رفضت ياسمين أن أمسك يدها وقالت إنها كبرت.

- طيب ما أنا ماسك إيد ماما!!

لا ترد سوى بامتعاض خفيف على وجهها. كم تحيرني هذه الصغيرة, وكم تفاجئني بأفعالها, بالأمس بكت كثيراً حين رفضت أمها أن تضع لها أحمر الشفاة, وخلال الأيام الماضية كانت تلبس حذاء أمها, وتقف ممسكة بعصا المقشة وتقول "أنا ماما". والآن تريد أن تمشي وحدها وألا تمسك يدي على عكس "ماما" تماماً.

تنظر إلي سارة مبتسمة وتقول تفسيرات علمية لا تهمني عن إن البنت تتدرب على أدوارها الأنثوية, وأنها ترغب أيضاً في التحرر والاستقلال.. وتسرف في هذا الكلام الغليظ الذي لا أفهمه.

أنا أفهم فقط هذا الخوف الذي يعتريني حين تنفلت يدها من يدي وتجري بين السيارات, أو حين أبحث عنها حولي ولا أجدها. هي تقول إنها "ماما", وأنا سعيد بهذا, بل وأتمنى أن يكون لدي ألف "ماما" طالما سيصبحن كلهن صورة مكررة من سارة.

ما أن رأتنا سلمى بنت خالتي ندخل الحفل حتى أسرعت نحوي..

****

استدراك:

سلمى: هالة من الهباب تطين حياتي كلما سنحت لها الفرصة, وهي خطيبتي السابقة.

أنا: قط شيرازي مدلل يلتزم الصمت بينما تعبث أي حسناء بفرائه الناعم.

****

كعادتها تعاملت سلمى معي بلطف خبيث, وأطالت في السلام, والابتسام. فانقلب وجه سارة, ثم على الفور انطفأ النور..

سكت الجميع سكوتاً مؤقتاً, وسكنت الموسيقى. بحثت عن ياسمين في فزع فلم أتبينها من الظلام. قبل أن تعلو الأصوات والهمهمات في أرجاء المكان, فتح النور وتداعت الموسيقى. ثم سمعت صوت ياسمين يأتي من آخر الصالة وهي تهتف قائلة "هيه". ورأيتها وهي تقف على كرسي وتمسك سكينة الكهرباء.

قبل أن أتحرك من مكاني, كانت ياسمين قد جذبت السكينة مرة أخرى ليتوقف كل شيء في المكان. وعندما فتحت النور مرة أخرى, جريت أنا وسارة نحوها.. أمسكتها قبل أن تمتد إليها يد أمها بالعقاب.

****

تعديل:

ياسمين: قبس من نور سارة, وقطعة حبيبة مني تبذل مجهوداً ملحوظاً في التدرب على أدوارها الأنثوية.