مايو 29، 2009

الأميرة والضفدع

The_Princess_And_The_Frog_by_cemac الحكاية دي للبنات الحلوين. الولاد الوحشين الكلبين اللي مش بيحبوا الحكايات مش يقروا عشان مش عايز تعليقات كده وكده. واللي هايقرا ويعلق تعليق وحش.. هاندهله ماما وانتو عارفين من البوست اللي فات ماما ممكن تعمل إيه.. المهم الحكاية بقى.

كان يا ما كان يا سعد يا إكرام, وما يحلى الكلام إلا بذكر النبي عليه الصلاة والسلام..

قولوا.. أيون, عليه الصلاة والسلام.

حكايتنا النهاردة عن أميرة وضفدع. بس على عكس كل الحكايات.. الضفدع في الحكاية دي ماكانش مسحور ولا حاجة. يعني ما كانش فيه ساحرة شريرة بتحب الأمير الوسيم وعايزاه يحبها, فلما ما رضيش يبادلها نفس الشعور سخطته ضفدع. لا, الحكاية دي مختلفة. الضفدع اللي بنتكلم عنه كان ضفدع من الأساس, من يوم ما خرج من البيضة .. ربنا خلقه كده.

في يوم من ذات الأيام الضفدع واقف على ورقة شجر على شكل قلب في البحيرة اللي قدام شباك الأميرة وبيغني

- عاكة. عكاكة.. عاكة. عككككاكة (ودي معناها "أنا بحبك.. أنا أنا أحببببك" بس بالضفاديعي)

المهم الأميرة قالت "يااااااااع إيه الصوت الوحش ده".. فلما فتحت الشباك ولقيته واقف قالت له:

- إيه ده يا ضفدع.. انت صوتك وحش قوي. مش تغني تاني لو سمحت.

الضفدع اتكسف قوي, لدرجة إنه اتقلب من على ورقة الشجر وبقى تحتها, ورفع راسه والورقة عليها بكسوف. فالأميرة قالت له:

- بس تعرف, انت ضفدع مميز (سبيشال يعني) وحجمك كبيييير خالص خالص. انت ضفدع ملكي, انت من النهاردة بقيت الضفدع الخاص للأميرة.

طبعا هو ما كانش يحلم. الضفدع الملكي للأميرة مرة واحدة. فرح قوي, وبقى كل يوم يجي يشوف الأميرة ويعرف أخبارها.. بس يظهر إنه مع الأيام نسي إنه ضفدع وإنها أميرة وافتكر نفسه أمير مسحور بصحيح هايتحول لما الأميرة تبوسه. وفي اليوم الموعود وقف قدام شباك الأميرة ولما طلعت قالها.

- عاكة عكاكة. (أنا باحبك)

الأميرة ما فهمتش. قام قالها الكلام تاني, قالتله.

- انت مالك النهاردة يا ضفاديعو. لونك مخطوف كده وكأن فيه حد هايموتك.

الضفدع قال:

- عاكة عكاكة. عاكة عاكة (أنا باحبك وعايز أتجوزك)

لما الأميرة ما فهمتش, راح الضفدع نفخ جلده وعمل كويرة كبيرة تحت بقه.. وقعد يعمل ذبذبات في المية. ودي بقى حاجة بتقول الحدق يفهم. والأميرة كانت حدقة قالت له:

- إيه ده يا ضفدع. مش معقولة جرءتك دي. انت عايز تتجوزني؟

سكتت الأميرة. كانت بتقول في عقل بالها, هو شكله مسحور ولما يتباس ممكن يطلع أمير طيب. بس ما هو ممكن الأمير في الحكاية دي يطلع شرير. أبوسه ولا لأ؟

قالت الأميرة:

- خلاص يا ضفاديعو انت صعبت علي. تعالى أبوسك عشان تتحول وأمري لله.. ولا أقولك لا دي حكاية مقرفة قوي حكاية البوس دي.. يااااااااااع. مش ممكن أبعتلك واحدة من الخدم تبوسك مكاني؟ يا مرجانة.. مرجانة.

الضفدع زعل قوي. هو كان عارف إنه مش مسحور. فراح مدي ضهره للأميرة وعام بعيد بعيد بعيد.

الأميرة ما اتجوزتش على فكرة وما حدش عارف ليه. أما الضفدع فبعد ما حب الأميرة ما عرفش يستسيغ فكرة إنه يتجوز من إناث الضفاديع. وكل يوم في البحيرة البعيدة قوي بيقف على ورقة شجر على شكل قلب ويفضل يغني

- عاكة. عكاكة.. عاكة. عككككاكة (ودي معناها "أنا بحبك.. أنا أنا أحببببك" بس بالضفاديعي)

تمت الترجمة من الضفاديعية إلى العربية في معامل عمرو السيد القاهرة (مترجم جامد والله وعارف كل اللغات)

:)

مايو 28، 2009

شقاوة

laughter_by_lauafer

الحكايات اللي جاية دي بافتكرها عشان أضحك. أي حد يقرا لازم يسيب حكاية بتضحكه في التعليقات. د احنا هانضحك ضُحك (بضم الضاض)

الواد محمد عارف لما كنا في الثانوية العسكرية, كان كل ما يشوفني يمسك الباريه بتاعي (غطاء الرأس العسكري عشان اللي ما رحتش الجيش من الآنسات) يخطفه ويعمل نفسه بينف فيه بس إيه لازم يقرف أهلي يعمل إزاي خخخخخخخخه وبعدين يعمل صوت قال إيه بينف في الباريه. في يوم من الأيام أنا كان عندي حساسية جيوب أنفية وحشة قوي ودكتور عبد المتين موسى اللي بقى بعد كده رئيس الجامعة قاللي انت هوبلس كيس واداني علاج قوي جدا كان ريحته مقرفة على الآخر. لما محمد عارف جه يعمل نفس الحركة, قمت لا إرادياً مسكت البروفل بتاعه ونفيت فيه بكل ما عندي.. مش عايز أقولكم شكل النفة يااعععع, عبارة عن شكل غير منتظم خد نص مساحة البروفل, طلع محمد يجري على الحنفية يغسل البروفل. بعد أسبوع جاني قاللي دي نفة ولا مية نار. كان لابس البروفل بعد ما مامته غسلته ومكان النفة ابيض. مش باقولكم الدوا كان قوي.

الأستاذ شيخون مدرس الاقتصاد, قالنا نكتب السؤال بالأُحمر والإجابة بالأزرج (مع ضم الألف في اللونين.. هو بيقولها كده) لما عدى على عمرو صلاح وشاف كشكوله قاله "جوم يا تور.. مش كاتب ليه السؤال بالأحمر والإجابة بالأزرج" عمرو صلاح وشه جاب ألوان وقلوا "يا أستاذ أصلي ما باعرفش أكتب بالأحمر".. أستاذ شيخون سكت كده وقاله بزعيق جامد "هو الجلم الأحمر عايزله كاتالوج عشان تكتب بيه.. تصدج لولا إني فطران كويس كان زماني وجعت من طولي"

لما علاء رشاد ضربني في بطني.. جريت وراه وزنقته في الحيطة وكان فيه طماطماية محمضة قوي على الترابيزة اللي جنبي أخدتها وعوصت بيها وشه كله وغسلت له بيها شعره.. ودخلت الطماطم في مراخيره وودانه. قام هو طلع يجري ورايا ومسح وشه في هدومي. لما دخلنا الفصل الأستاذ خالد طه حسين كان شامم ريحة طماطم معفنة. قعد يشم في الطلبة واحد واحد. وبعدين طلعنا إحنا الاتنين وقالنا استحموا وتعالوا احضروا حصتي.

كنت أنا ومحمد صبري وأسامة شوقي ومحمد عبد النعيم مثلث.. آسف مربع الخراب في فصل تالتة تالت للفائقين. كنا أفشل فائقين في المدرسة. كان لما الدرس يبدأ. واحد فينا يقول بصوت واطي قوي "باكا باكا باكا باكا بومبارو.." وبالباقي يرد بصوت واطي قوي " باكا باكا باكا باكا بومبيرو.." المدرس اللي بيكتب على السبورة في خمس دقايق يلاقي الفصل كله بيعمل بإيديه حركات هيستيرية وبيغني بصوت عالي "باكا بومباور باكا بومبيرو.. رحت الدرس وجيت م الدرس.. خدت الدرس نسيت الدرس" وهكذا.

وأنا بالعب في الفسحاية.. جم ولدين بمطاوي عايزين يلعبوا بالكورة بتاعتي. أسيبهم؟ رحت متخانق معاهم وأنا أساسا مش باعرف أضرب نملة.. طفل صغير من الجيران قال لماما.. ماما بقى بألف راجل, لمت ستات العمارة كلهم ونزلولي الملعب. لما الولدين شافوا جيش الستات دول طلعوا يجروا.. بس أنا اتكسفت قوي.

لما الواد مؤمن علي الغلس ضربني رحت ضربته.. جري ورايا (وأنا مش سريع خالص) فقررت إني أموته. جريت على عامود مسلح في الطرقة بكل ما عندي وقبل العمود رحت بحركة رياضية مش عارف عملتها إزاي انحرفت. هو بقى لبس في سن العامود المسلح.. وجات الإسعاف خدته وكانت حكاية. بس كل أما أشوفه دلوقتي وأشوف الغرز اللي في قورته يصعب علي العامود قوي. هههههههه

عايش بروح مستعملة

untitled

النهاردة الفجر وأنا شايل الشنطة الخفيفة اللي ما فيهاش غير اللاب توب وبنطلون واحد وقميص, حسيت إني شايل حمل تقيل, وكنت خايف أخبط على الباب لاحسن ماما أول ما تشوفني تفرح, وبابا لما يشوفني يبتسم. أصلي بازعل قوي لما أشيل الشنطة تاني وألاقي ماما بتبكي وبابا من غير ملامح بيحضني ويقوللي “خلي بالك من نفسك”.

لما نمت على السرير في أوضة أحمد, حسيت نفسي لسة صغير وسمعت ضحكتي أيام زمان.. القعدة كانت ناقصة مصطفى, لو جه كان أكل معانا وكانت فرحتي كملت. لما كلمته قاللي إنه مشغول في المستشفى وبعدها المعمل, وإنه ممكن يقابلني بعد الساعة حداشر, فقلت له لأ مش عايز أشوفك. وقفلت. يعني بعد الغيبة دي أشوفك ساعة واحدة يا مصطفى؟ أنا عايز أشوفك سنة.

لما عديت في الشارع ورفعت إيدي وسلمت على باسم, ما بصش ناحيتي وما ابتسمش. باسم هو بياع الهدايا اللي كنت باشتري من عنده هدية كل أسبوع أو اتنين لخطيبتي قبل ما أفسخ..

لما رحت أدفع فاتورة الموبايل قاللي محمد عارف في موبايل شوب, "يا لهوي كل دي فاتورة".. ما يعرفش إني خلاص مش هاتكلم كتير تاني وإن كل اللي باحبهم أو بيحبوني سكتوا وإني سكت.

جوايا خوف فظيع من إن فودافون تحولني من عميل فودافون وان لعميل عادي.. مش ناقص غيرك يا فودافون توجعيني وتفكريني بإني بقيت لوحدي.

لما دخلت عشان أنام في العصر, كنت متضايق قوي. غمضت عيني وافتكرتها وهي بتلاعب بنت صاحبتها. ضحكة البنت الصغيرة فرحتني. بعدها حطيت إيدي على صدري وتخيلت إني نازل أشتريلها هدية وإن باسم بيبتسم.

لما رحت للأستاذ محمد عبد المطلب. قاللي إن قصصي كلها عايزة تتغير, وحسيت بإحباط شديد وإني لسة مبتدئ. روحت نمت وأنا زعلان إن حتى الأدب أصبح مصدر للألم.

على كافيتيريا بوب.. كنت باضحك بشكل هيستيري, لحد ما واحدة شكلها دخلت. قمت أنا اتغير شكلي وقمت من المكان. وقلت يا ترى عاملة إيه يا فراشتي؟ ليه بتغيبي كده؟

لما ماما جت قعدت جنبي وسألتني ”انت هاتترهبن ولا إيه؟” هزرت معاها وضحكت, ولما زنقت علي في الكلام قلت لها “أنا قلبي وروحي بقوا مستعملين, ما ينفعش أروح أرمي بلايا على بنات الناس... “

ردت علي ببساطة وقالت لي “يبقى نشوفلك بنت بروح مستعملة”.

مايو 27، 2009

أن تعيش لتتقوقز

dfdg

قبل أي كلام البوست ده مهدى إلى إنجي أجدد زائرة عندنا في المدونة, عشان الموضوع ليه علاقة بعلم النفس وكمان عشان تعرف إن خطوتها عزيزة. لكن قبل إنجي الصراحة (والأمانة لله والمصحف والمصحف والمصحف يا دكتورة إنجي) البوست ده في الأساس مهدى لإيزولد لرغبتها الشديدة في قراءة تدويناتي العبقرية (يا مدون يا جامد) , وإلحاحها الشديد علي إني أكتب كل يوم.

:)

أنا نفسي أتقوقز قوقزة علمية ومش لاقي حد أتفك معاه. فاعذروني بقى.. يؤسفني إني أبلغكم إن الكلام اللي جاي مقوقز خالص. فيرجى إن اللي مش بيحب القوقزة يركن على جنب.

هاتكلم النهاردة عن نظرية مش جديدة في علم النفس. هي نظرية التصورات الشخصية. النظرية دي ببساطة بتقول إن ما فيش حاجة اسمها مرض نفسي, وإن المرض ما هو إلا تأويل ثبت في دماغنا لأحداث مرت بينا وتم تأكيده. والتأويل ده غلط. عشان الكلام ده ما يقوقزش زيادة عن اللزوم هاضرب مثال (هادشدشه)

مثلاً لما واحد يبقى بيعاني من فوبيا, فهو بيخاف خوف مرضي من حاجة ما بتخوفش عشان في خبرته القديمة تأويلات لأحداث حصلت له أكدت على النتيجة دي, فهو خايف ومش هاينتهي الخوف غير لما يحدث إبطال أو دحض وتكذيب للتأويل اللي مش صح. أصل اللي اتلسع من الشوربة ينفخ في إيه.. في اللموناتة. ما هو اتلسع في حاجة صفرا فقعدنا نقوله اللموناتة صفرا بس ساقعة, وهو خايف برضه. أعرف ناس كده. ربنا يهدي.

المهم. يبقى الواحد قدامه خير ويشوفه شر. ليه؟ عشان اللي فات من خبراته بيتم اسقاطه على اللي جاي. فتتأثر قراراته بأحداثه الماضية ويفضل حابس نفسه في دايرة مغلقة وما يعرفش ياخد قرار.

النظرية دي عملها كيلي (الاسم ده اسم نسائي لكن اللي عمل النظرية راجل.. أو هو يدعي ذلك) في التسعينات على ما أعتقد. لكن أهم ما فيها هو حكاية اتخاذ القرار.

تعالوا نقول إن فيه واحد عايز يشتري لا مؤاخذة يعني "جزمة", شوز عشان الناس اللي مشاعرهم مرهفة. عشان ياخد القرار هايدخل الأول في نوع من الحيرة والحيطة والحذر. هايقول أشتري الجزمة ولا لأ؟ أنا معايا فلوس كفاية؟ مش يمكن ده يبقى تبذير؟ أسئلة كتير, بعدها يدخل الفرد في مرحلة جديدة لأنه بيحدد أهم الأسئلة ويبتدي يشوف إجاباتها إيه. الأسئلة المؤثرة على الشرا قوي. زي حكاية الفلوس دي. وبعدين يبتدي ياخد القرار.

المرحلة الأولى اسمها الحيطة, كلنا بنمر بيها, لكن فيه نوع من الناس بتسأل أسئلة وبتبقى عارفة إن الإجابة وحشة ومع ذلك بياخدوا القرار فالناس دي بتحطم نفسها (أنا منهم ولا فخر). وفيه ناس تانية (ودول أنا شفت منهم كتير) بيلفوا في دايرة الأسئلة, بيسألوا نفسهم ويخافوا يجاوبوا نفس الإجابة اللي تسببت في خبرة غير سارة قبل كده, فيلفوا حوالين نفسهم. طيب إيه الي تسبب في الخبرة الأولى غير السارة؟ غلطة تانية عملوها وهي تقليص فترة الحيطة والتسرع في عمل الأسئلة والإجابة عليها. يعني هم أخدوا قرار غلط لأنهم لم يحتاطوا بالشكل الكافي, وبعدها بدؤوا يلفوا في دايرة الحيطة اللي أهملوها قبل كده. أنا مش عارف إزاي ممكن يطلعوا بس ممكن تدوروا معايا. النموذج اللي فات كان اسمه سي بي سي عشان لو حد عايز يقرا عنه, ويدور.

أفوتكم بعافية بقى لاحسن عايز أنام. أنا خلاص اتقوقزت وطلعت اللي في نفسي.

تصبحوا على خير

:)

مايو 26، 2009

بكاء

yfukiu

في نهاية اليوم الثالث أمد يدي نحو رباط الحذاء كي أفكه بيد متخدلة من حمل حقيبة السفر, ومن حمل النعش. على عتبة الجامع المجاور لبيتنا, أتذكر أبي يوم مات أبوه. لم يدمع. وقف ساكناً كجبل. لم يكن مثلي ضعيفاً أدمع كما النساء. أتذكر يوم رجع من قسم الشرطة وقال إنه اشترى وجبة طعام للسائق الذي صدم جدي بسيارته, قال إننا لا نقبل العوض وإن للرجل أطفال صعب عليه حالهم.

ظل أبي شهراً بعدها صامتاً لا يتكلم. كان فقط يتطلع إلى السماء كمن يريد أن يقول شيئاً لكنه يكتمه. وكانت الدموع تتلألأ في مقلتيه دون أن تجسر على الخروج إلى خده. عرفت لما كبرت أنه كان يفعل هذا حتى لا نجزع وحتى لا يجزع أخوته الصغار.

أدخل إلى المسجد فأتذكر. ألبستني أمي جلباباً أبيض طويلاً, ووضعت على رأسي طاقية بيضاء أيضاً. أخبرتني أنني سأذهب مع أبي إلى المسجد. وأن المسجد هو بيت الله. وأن علي أن ألزم الهدوء والأدب. قبلتني أمي, رفعتني إلى صدرها وضمتني, وكانت كلما أنزلتني رفعتني مرة أخرى وأخذت تقبل وجهي كله.

لابد وأن المسجد هو بيت الله, وإلا لم يخرج صوت الأذان عالياً جداً هكذا؟ مؤكد أن الله يسمع كل من يدخل إلى بيته. وأن كل من يتكلم بالداخل يعلو صوته ويرتفع إلى السماء. هكذا فكرت حينها.

دخلت مع أبي فأجلسني بين ساقيه. وأحاط جسدي بذراعيه. كنت أحاول أن أجري بعيداً في المسجد لكن يدي أبي القويتان كانا يمنعاني. أقوم فيجذبني. أضحك فيضع يده على فمي.

كنت أعلم أن أبي حزين لكنني لم أكن أهتم. كنت ألعب على أي حال. أنفعل قليلاً له وأحس بالحزن, ثم أعود فأطلب من أمي أن تفتح لي التلفاز كي أتفرج على الكرتون, ترفض أمي وأبكي أنا, فيضمني أبي ويفتح لي التلفاز ولا يفارقني حتى أهدأ.

في المسجد بدا وجهه قاتماً, وصعد حزنه إلى عينيه فاحمرتا. رفع الجميع أيديهم بالدعاء, ورفع أبي يديه, فتحررت من ذراعيه, وأخذت أجري بين المصلين وأنظر إلى السقف وأنادي بكل ما عندي:

- يا رب.

نظر إلي الجميع, وضحكوا, إلا أبي أجهش في البكاء.

مايو 25، 2009

القوقزة في مقابل البهججة

untitled

1. القوقزة

أستيقظ كل صباح ولدي شعور واحد, أن معدتي ساخنة جداً, وأن قلبي قد مات وتعفن وسقط فيها, وأحس بأنني سأتقيأ. أقفز من السرير. لا أذهب إلى الحمام. أقف مكاني وأمط شفتي وأبتسم وأقول لنفسي "صباح الخير يا جميل. لماذا لم تنم جيداً الأمس؟" أرد "صباح الخير يا عمرو.. والله يا ابني مش عارف" ثم أضحك. أن تعيش بمفردك فهذا هم, وأن تعيش بمفردك بينما يأكلك الحزن ولا أحد معك كي يخفف عنك, فهذا جحيم.

اليوم جميل.. وسعيد. "يومك سعيد يا عم عمرو". أفتح الباب وأنا كلي حيوية ونشاط. أسلم على الجميع في الشركة بكل سعادة وانبساط. (زي ما بتقول الأغنية "باضحك عشان باخاف عينيا يدمعوا")

بينما أعمل, أنظر إلى النص وأقرؤه فأتذكر كلمات أضحكتني ذات يوم.. لكنها الآن جاءت تأخذ الفرحة.. وتقبض روحها. أفر من الكرسي وأدخل الحمام.. أبكي بلا صوت. حتى البكاء له حدود وقواعد ومكان!! قبل أن أخرج من الحمام, أنظر في المرآة, وأبتسم. ثم أعود إلى العمل.

في البيت, الحرارة شديدة, وأنا مرهق بعد أن أصبحت أعمل بكل ما عندي كي لا أفكر. عندما أعود, آكل فأشعر أن الأكل نار تلهب أمعائي. لكنني أحافظ على توجهي الإيجابي وأستمر في المضغ. بعد الأكل يبدأ جسمي في إعلان العصيان. ينتفض ويدق قلبي الذي يبدو كما لو بعث لتوه. ثم ما ألبث أن أحس أن الموت قد دنا, مع هذا فسرعان ما أبتسم وأقول لنفسي إن الموت لا يأتي إلا بغتة, هو لن يعطيك كل هذه المقدمات.

قبل أن أنام, أنظر للسقف, ينبغي أن نحول الليلة إلى ليلة سعيدة, ولكن كيف؟ أتخيل بصرياً كل أحلامي وقد تحققت, أتخيل أشخاصاً أحبهم فأحكي لهم, وأشكو همي, والعجيب أن هذه الحيلة تسعدني بالفعل!! أو أتصل بأحمد, صوته وحده يكفي كي أنام هادئاً. قبل الفجر أستيقظ لأجد معدتي ساخنة جداً وقلبي مات وسقط وتعفن.

2. البهججة

أنا شايف إني خبير بقى في مقاومة الحزن رغم جميع ما سبق.. على الأقل أنا باعرف أتعايش معاه وأخرج نفسي منه. في المقال ده هاقول تأملاتي عن الحزن والإحباط والاكتئاب وطرق السيطرة عليهم. على فكرة مصطلح القوقزة ده يعود الفضل فيه لإيزولد (يمكنكم الرجوع إلى تعليقاتها في لمدونة للمزيد من الفهم). وهو يعني الكلام المعقد أو المنفسن على حد فهمي. أما البهججة فأنا مش فاكر سمعته فين.

إذا كنت مصاب بالإحباط أو الاكتئاب أو الحزن والألم أو عندك ده كله يبقى لازم تعرف إن السعادة إحنا اللي بنعملها مش بتجيلنا على طبق من فضة. فيه مشاكل ما نقدرش نحلها, حاجات اتكسرت وما ينفعش تتصلح. الوقوف عند المشاكل دي معناه توقف عجلة الحياة. لذلك النصايح دي ممكن تطبقها, لو عندك مشكلة لا حل لها. أما لو زعلان من مشكلة ممكن تتحل يبقى قوم على طول دلوقتي وحلها.

1. عيط, ابكي, البكا بيعمل تنفيس انفعالي (أنا عن نفسي بانفس كتير قوي اليومين دول.. انفعالي بس ما يروحش فكرك لبعيد ههه)

2. اشتري لنفسك حاجة بتحبها, قزازة حاجة ساقعة, شيكولاتة (الكميات الكبيرة المنتظمة من الشيكولاتة تؤدي إلى الإدمان عليها والإحساس بالإحباط والاكتئاب على فكرة).

3. لا تستمع إلى الأغاني مطلقاً, لأنك هاتميل إلى اسقاط نفسك فيها وتحس بمشاعر اللي كتبوها وتقعد تغني ظلموه.

4. اسمع موسيقى بس ما تكونش جنائزية.

5. شم ريحة حلوة تكون بتحبها.

6. اتخيل إن اللي انت محروم منه موجود معاك بالفعل. أو انك حققت اللي نفسك فيه. اتخيل انك مش زعلان. عيش لدقايق برة الكبت بتاع مشاكلك.

7. التوجه الإيجابي, وده معنها إنك تفكر في إن اللي جاي أحسن. فيه كتب بتقول إن بكرة هايبقى أحسن عشان انت عايزه يبقى أحسن. ربنا يكتب عليهم بقى.

8. الأعمال الخيرية والتطوعية. لو زعلان قوي روح خفف عن الآخرين. على فكرة المتطوع والمحسن بياخد أكتر ما بيدي. بياخد فرحة. بس لازم التبرع ما يكونش بفلوس بس. لازم يبقى فيه مجهود وتطلع بقى وتشوف الناس الموجوعة بجد.

9. العمل. اشتغل كتييييييييير عشان ما تفكرش.

10. أوعى تحاول تنسى لأنك كده هاتفتكر. وأوعى تحاول تفتكر, بكده هاتنسى.

11. فيه ناس كتير بتلجأ لطرق غير توافقية في التغلب على الحزن. أوعى لنفسك كويس وخليك فايق ومصحصح.

12. كل ما تحس نفسك مخنوق, اعمل حاجة تتطلب مجهود عضلي أو خد حمام.

13. تجرد من ملابسك. أحيانا الحزام بتاع الوسط, الأساتيك, الجينز, الهدوم الضيقة بتزود من ضيقنا, فلو ممكن تخلص من الحاجات دي لما تبقى مخنوق قوي. (لما تبقى مخنوق قوي.. مش عمال على بطال وبعدين تقول عمرو هو اللي قال)

14. اختلط بالناس, عادة في الأيام الاكتئابية دي الواحد بينعزل ويقعد مع نفسه وده أكبر غلط.

15. لا تعتمد على أحد في إسعادك. ما حدش بيسعد حد, بعض الشباب حديثي التجربة بيبقوا فاكرين إنهم لما هايحبوا هايبقوا سعدا. ده أحد أوجه الحب لكن الأوجه التانية كلها معاناة. قصص الحب التي تؤدي للسعادة نادرة جداً.

16. العلاج الجماعي. لناس اللي عندها مشكلة واحدة أو مشاكل قريبة من بعضها, ممكن يقعدوا مع بعض فيحس كل واحد فيهم إنه مش لوحده في الهم وإن فيه ناس تانية همها أكبر.

السما مش هاتمطر سعادة في يوم من الأيام. إحنا اللي بنقاوم الحزن واحنا اللي لازم نرضى بحياتنا واحنا اللي بنخلق البسمة. فيه ظروف قدرية, وقرارات صحيحة مؤلمة, وقرارات خاطئة ودتنا في داهية (ممكن أكتب بكرة عن حكاية القرارات دي) كل دي حاجات بتضايقنا وما نقدرش نغيرها خلاص لكن احنا مش هانستسلم. موافقين ولا لأ؟

هذه التدوينة مهداة لإيزولد (هافضل أدلع فيكي لحد امتى وكل ما تطلبي طلب أقول حاضر؟)
:)

مايو 24، 2009

الكبار فقط يذهبون إلى الملاهي!

afasf

أستيقظ من النوم قبل أن يدق جرس المنبه. أقفز من السرير وأتجه إلى الحمام. أبتسم في وجه شبيهي في المرآة فيرد علي بابتسامة مشابهة. أتركه بسرعة متمنياً له يوماً سعيداً كيومي. أسرع إذ لم يتبق الكثير على الموعد. تحت المياه الساخنة, تتفكك ابتسامتي وأبدأ في تذكر ما حدث.

كيف فعلت هذا؟ كيف تطلب منها اللقاء؟ تتذرع بإعارتها بعض الكتب؟ هي ذكية جداً, وهذه لعبة مكشوفة يلعبها مراهقو الثانوي! أنت تعلم أنها تخجل من نفسها, وأنها لن تفعل ذلك. سوف تتصل بك وتقول إنها لن تأتي. وستتمنى أنت لو تنشق الأرض وتبلعك من فرط الخجل.

بينما أمرر الفوطة على جسدي أنظر لشبيهي في المرآة وقد غطاه بخار الماء. أزيل بعض البخاركي أرى وجهه. أهمس له "لا تفرح.. ليس الآن".

بينما أرتدي جاكيت البذلة, أتذكر ذلك اليوم الذي استيقظت فيه قبل أمي. ارتديت بذلتي الجديدة. ورتبت سريري وجلست مشبكاً يدي حتى استيقظت. حين رأتني تساءلت عن سبب استيقاظي مبكراً وعن كل هذا الأدب غير المعتاد. أخبرتها بأنها وعدتني بأننا سنذهب إلى الملاهي. فابتسمت وقالت لي إن الساعة الثامنة صباحاً وإننا سنذهب بالليل. لم أخلع ملابسي.. جلست أتخيل العجلة الدوارة تلف بي في الهواء, تأخذني لأعلى وتهبط, ورأيت أحصنة تدور, وبالونات بكل الألوان, وتذوقت طعم غزل البنات والشيكولاتة.

سلمى تحب الشيكولاتة, ينبغي أن أشتري واحدة لها قبل أن أقابلها, أنا أكيد أنها ستفرح بها وستكافئني بابتسامة ستبقيني سعيداً لأسابيع. ربما يجدر بي أن أشتري لها هدية. هي تحب الموسيقى, وأنا سأحب اندهاشة وجهها حين ترى كل ما أنتج عمر خيرت بين يديها. ستفرح وسأفرح أنا لفرحها. ستقول لي إن هذه أفضل هدية, وسأغمز أنا قائلاً "أي خدمة". ثم تردف هي "مش قوي يعني". ونبتسم.

في ذلك اليوم انتظرت أمي طويلاً.. مللت من الجلوس والأدب ففتحت باب المنزل وجمعت أولاد الجيران. أريتهم بذلتي الجديدة.. تساءلوا هل قرب العيد. فأخبرتهم أنني سأذهب للملاهي, وأن أمي حبيبتي ستشتري لي غزل البنات والشيكولاتة, ولم أنس أن أقبض كفة يدي اليمنى وأضرب بها على يسرى مفتوحة وأنا أخرج لهم لساني. أذكر الغيرة التي كانت ستنقض علي من وجوههم.

أخذت أمي تعمل طول اليوم. كنست المنزل وغسلت الملابس وطبخت ودعتني كي آكل, لكنني كنت منشغلاً بشيء آخر. فأنا كنت أطير في الهواء وأركب السيارات وأرتطم فأرجع للخلف ثم أرتطم بمن هو خلفي فأقود إلى الأمام. في الثامنة مساء قالت أمي إنها تعبت وإننا لن نذهب لأن أبي لم يأت وهي لم تستأذن منه. حينها دمعت عيني فأخبرتني أنني رجل و.. قاطعتها بسؤالي على الفور "ألا يذهب الرجال إلى الملاهي؟"

شكرت البائع. لا أعرف كيف اشتريت لها هدية. من أنا بالنسبة لها كي أفعل هذا؟ ربما لن تأخذها وسيهرب الدم من أوصالك خجلاً..

رن جرس الهاتف, واسمها على شاشته..

- أهلاً.. أنا في الطريق.. لن تأتي؟! امم حسناً كنت أتوقع هذا.

يختنق صوتي مع الكلمات الأخيرة وأنظر للهدية في يدي بينما أحبس الدموع في عيني. أصمت طويلاً, فتضحك.. ثم تقول إنها تنتظرني. مع كلمتها أرى أبي وهو يرفعني في الهواء, ثم يلتقطني.. يجلس معي على نفس المقعد, نرتفع لأعلى, وأرى أمي من بعيد تبتسم لي وتغمز بعينها.

مايو 23، 2009

أنا وشادي

 

كلما سمعت أنا وشادي لفيروز تسيل مني الدموع.. استمع إليها وهي تقول “أنا وشااااااادييي” كطائر مذبوح يرقص من فرط الألم. أبكي كلما سمعت هذه الأغنية مع أنهم قالوا إن هذا سيحدث في المرة الأولى فقط!!

من زمان انا و صغيره
كان في صبي يجي من الاحراش العب انا و ياه
كان اسمه شادي
انا و شادي غنينا سوا 
لعبنا على الثلج ركضنا بالهوى
كتبنا على الاحجار قصص الصغار و لوحنا الهوى
و يوم من الايام ولعت الدنى
ناس ضد ناس عالابها التني
و صار القتال يقرب عالتلال و الدنيا دنى
و علقت عاطراف الوادي 
شادي ركض يتفرج
خفت و صرت اندهله
وينك رايح يا شادي
اندهله ما يسمعني 
و يبعد يبعد بالوادي
و من يومتها ما عدت شفته و ضاع شادي
و التلج اجه و راح التلج
و عشرين مره اجه و راح التلج
و انا صرت اكبر و شادي بعد صغير و عم يلعب عالتلج عالتلج

مايو 21، 2009

بجوار السور

fence_by_digidreamgrafix

لن تكون الرحلة طيبة إذاً. أنظر في وجهه. يقول لي إنني أجلس على كرسيه.

- أرني تذكرتك. لا مكانك بجانبي. تفضل.

يرفع شنطته على الحامل فتنفرج فتحة قميصه الواسعة لتكشف عن غابة من الشعر على صدره. يحتقن وجهي من الغيظ وأتساءل عن السبب الذي جعله يرتدي القميص من الأساس. يبدو كمن هبط للتو من أحد إعلانات الألبومات الجديدة التي أراها على الطريق. وجهه من ذلك النوع الذي حين تنظر إليه تعتقد أنه خرج من الحمام للتو. شعره ممشط كعرف الديك ومصبوغ بلون يميل إلى الصفرة. أكره أن أقابل شخصاً يهتم بمظهره في يوم تكون حالتي فيه مزرية. أرفع الجرنان محاولاً صرف تفكيري عنه.

يتململ في مقعده. يخرج هاتفه المحمول الذي يبدو من تعقد أزراره وغرابته أنه غالي الثمن. يبدأ في عمل بعض المكالمات. يقول لصديقه إنه عرف كيف يتصرف, وإنه "خلص" الموضوع. فهو يعرف كيف تسير الأمور في البلد, ويجيد تسييرها. مكالمة أخرى. يقول لها إن التعامل مع هذه الأشكال من البشر له طريقة, وإنها لن تعرف كيف تتصرف وحدها وإنه حين يعود سينهي كل شيء. مكالمة ثالثة ثم يعود لتململه السابق. ينظر نحوي ثم يشد الجريدة. يقرأ الخبر بصوت واضح كي أسمعه. كان الخبر عن سقوط أحد أصحاب المال والنفوذ. بعد أن انتهى من اغتصابه لجريدتي أعادها إلي. وهو يقول بينما يشعل سيجارة "حمار".

شعرت أن الإهانة موجهة لي وليس لمن ورد بالخبر. لم أرد ولم أنطق بكلمة. فقط استحضرت كل ما قرأت عن التوجه الإيجابي نحو الآخرين. لاحظته وهو يشرب سيجارته وقلت له في عقلي "أنت طيب. أنت سليم النية. أنت فقط مختلف عني وسأتغاضى عن هذا الاختلاف". كررت هذا كثيراً حتى قطع تفكيري.

- لماذا تسافر إلى القاهرة؟

- أنا أعمل هناك. وأنت؟

- لي بعض المصالح لابد من قضائها. ربما أرفه عن نفسي قليلاً بعدها.

يقول الكلمات الأخيرة ويبتسم نصف ابتسامة خبيثة. ثم يسألني:

- ما رأيك في القاهرة؟

- معقدة.

تركت نفسي أتحدث معه. أردت أن أعرف كيف يجيد تسيير الأمور, وكيف يمكن التعامل مع أشكال البشر وما هي أشكالهم. أردت أن أتعلم منه. لكن كلماته لم تخرج عن الكيفية التي يوقع بها بالبنات, ويتلذذ بتعذيبهن. ربما لن تفلح معي فكرة التوجه الإيجابي هذه المرة.

مشينا على رصيف المحطة. كان يمشي وكأن الكون ملك له. أشار إلى صف طويل من البشر أمام شباك حجز التذاكر. كنت قد وقفت في مثل هذا المكان لساعات منذ بضعة أيام. قال إن له طريقة خاصة في الحصول على التذاكر. وأنه... كنت قد سمعت ما يكفي عن أفعاله الخارقة ولم أصل إلى الكيفية التي يفعل بها هذا كله. خرجنا إلى ميدان رمسيس فقاطعت استرساله قائلاً:

- ألم أقل لك إن القاهرة معقدة. انظر لهذا لميدان. كيف تعبر إلى الناحية الثانية وسط كل هذه الأسوار إذا كانت معك حقائب ثقيلة ولا تستطيع صعود كوبري المشاة؟ لن تجد سوى أن تمشي مع السور حتى ينتهي كي تعبر الطريق وهذا مشوار طويل.

لم ينطق. فقط اتجه نحو السور وبحركة رياضية انحنى وعبر من أسفله ثم شد حقيبته.

- في هذا البلد كي تعبر فأمامك أمران, أن تقفز أو تنحني.

ابتسمت ابتسامة باهتة, فحياني. حملت حقيبتي التي بدت أثقل بكثير ومشيت إلى جانب السور.

مايو 19، 2009

وأنا كمان عايز أتجوز

zoag23568

من كام أسبوع كده قريت كتاب عايزة أتجوز لغادة عبد العال.. طبعا الكتاب يخلي أي واحد يهلك على نفسه من الضحك. بس الضحك فيه مخلوط بإحساس من الأسف من اللي بيحصل في مجتمعنا.

طبعاً لو قريتوا كلام غادة هاتفهموا إلى أي درجة الجواز مأساة للبنت. أنا بقى هاقلكم مشكلات الجواز من منظور ذكوري (حلوة منظور ذكوري دي ههههه)

الجواز في مجتمعنا بيتوصف إنه بطيخة. تخيلوا بطيخة؟!! والناس دايماً يقولوا إنها يا إما تطلع قرعة, يا تطلع قرعة. أنا بقى قررت أمتنع عن شراء البطيخ ولو على السكين.

المعاناة بتبدأ أول ما يقرر الشاب يخطب, فيفوجأ بتقاليد غريبة جداً. أولاً هو ما يعرفش بنات. فماما أو بابا هاياخدوه الصبح ويقف على أحد الكباري العلوية ويطلع النضارة المكبرة ويشوف اللي عليها النضارة- قصدي اللي عليها العين من بعيد ولمدة لا تزيد عن نص دقيقة. يسألوه كويسة؟ هو ما شافش حاجة أساساً وحتى لو شاف يقول رأيه بناء على أي أساس, هو هايتجوزها عشان يبصبص بس؟!!

بعدها الكروديا يروح على بيتها على طول وهو أساسا ما يعرفهاش. هناك بيحس بالأزمة. الكل يتفحصوه من وهو على السلم, وأحياناً الجيران بيبقوا واخدين خبر ويطلعوا في البلكونات, كأن الريس هايزور الحي. لما يدخل البيت يلاقي الكل بيبصله من فوق لتحت. مامة العروسة الأمورة (والعروسة الأمورة دي حيوان خرافي أساطيري بنشوفه في الأفلام بس) تحديداً تبصله من فوق لتحت.. وممكن ترفضه عشان شرابه لونه مش لايق على البنطلون. تبدأ تحكيله بقى على قبائل العرسان اللي جم قبله وإن بنتها كانت على صرخة واحدة بتقول "ما خدوش يا ماما".. تفضل حماته المستقبلية تحاول تحسسه إن الموافقة عليه أمر عسير, بينما هي من جواها فاهمة اللي فيها.

تعرفوا العريس في مجتمعنا بيعتبر نهيبة. آه والله. الكل بينظرله على إنه العجل اللي وقع وواجب دبحه بسرعة. أول ما يحس بموافقة أهل العروسة يطلع اللي فيه النصيب ويحطه في الصينية. أو يطلع هدية دهب (من أولها كده). أم العروسة بمجرد ما يطلع المعلوم تقوله “ليه مكلف نفسك يا ابني” وتبص كده زي بصة ريا أو سكينة وهي مستقلية اللي في إيدها وتمصمص. كل ما يزور الخطيب خطيبته يدفعله كده أد خمسين جنيه (ده لو هايدخل بفيشار وسوداني يعني) ويقول لنفسه "هو أنا رايح عند الدكتور؟ دي الدكاترة أرخص!" وأما بقى يجي عيد لازم يشيل ما ثقل وزن وارتفع ثمنه. لازم تطلع عينه وتفضي جيوبه. ولازم يجيب للعروسة وأمها والجيران والقرايب. أم العروسة في الحالات دي بتبعت لأخواتها المتجوزين وتقول "دي مجايب سي فلان.. يا ما جاب الغراب". بعض أصحابي اتطلب منهم مواسم في ستة أكتوبر وعيد الجلاء. تخيلوا؟ في الأرياف أبو العروسة بيفضل يتلقى هدايا حتى بعد الجواز ولو امتنع العريس, يلاقي الأب يقوله "ده ربايتها". ربايتها؟!! لذا يفضل لجميع السادة الساكنين في أرياف وجه قبلي إنهم ياخدوا واحدة ناقصة... (عيب.. أنا مش قلت كده)

أنا عارف السؤال اللي بتسألوه لنفسكم دلوقتي. العروسة فين؟

العروسة فين؟

العريس برضه بيسأل نفسه نفس السؤال. حتى لو كان بيعرفها قبل الجواز ومقضيينها على الآخر, على الآخر يعني (فاهمين ولا أقول تاني.. على الآخر خالص) لكن لما يخطب يبقى لازم الأصول تتبع. وحتى لو قعدت العروسة معاهم أثناء الاتفاقات الأولى بتقعد ساكتة (قال يعني وش كسوف). طبعاً حضرته لو ما يعرفاش بيحس إنها نسمة, ويفضل يقول عليها بسكوتاية وشيكولاتاية (الوصف الأخير لأهالي أسوان وعلى القاطنين خارجها مراعاة فروق الألوان). بعد الخطوبة بيحاول الجميع إنهم يفرقوا ما بين الخطيب وخطيبته. بيتفننوا في إنهم يضيقوا عليهم. لي واحد صاحبي كتب كتابه عشان مش عارف يكلمها, بعد كتب الكتاب لقى الوضع زي ما هو.. راح اتخانق مع أبوها وكانت حكاية.

الجوازة بعد ما يشتري العريس (طبقاً للي بيحصل عندنا) الشبكة والشقة ويفرش كل القوض ما عدا قوضة واحدة هي المطبخ, وبعد ما يطلع عينه في التشطيبات ويشوف الويل مع الصنايعية, وبعد ما يشتري الهدايا والقرابين, وبعد ما يشيل الطين ممكن يوقفها واحد سمج ماشي في الشارع بكلمة مش تمام. تخيلوا بعد المجهود ده والجوازة على كف عفريت.

الاختيار في حد ذاته معاناة غير عادية للرجل. أنا قررت إني أحط معايير للعروسة اللي أتجوزها. أمال إيه. أنا باشوف أفلام عربي وغربي كتير وده خلاني أفكر إني لما أتجوز لازم أحب. والحب ده بقى مفهومه غير مفهوم على الإطلاق. بس أنا فهمت حاجة, الواحد لازم يعجب بعقله ويحب بقلبه. لو عقله قال لأ وقلبه قال آه الموضوع ده مش هايمشي. ولو حصل العكس فالموضوع برضه هايقف. المهم دي قايمة بالمعايير الاتناشر الواجب توافرها في العروسة. ممكن أتنازل عن واحد أو اتنين منهم. لكن مايكونوش أساسيين:

1. إنها تكون مصرية وليست مزدوجة الجنسية. (عشان لما أدخل المجلس وعشان المناصب القيادية اللي مستنياني)

2. إن العروسة تكون مثقفة وليها في الأدب.

3. ألا تحب النكد مطلقاً.

4. إنها تكون أذكى مني (وطبعا ده مستحيل) وهاعملها اختبار آي كيو على فكرة.

5. إنها تجيب 650 تويفل أميديست.. (لازم أتأكد من إنها بتعرف إنجليزي كويس. دي هاتبقى مراة مترجم أد الدنيا).

6. إنها تكون طولي 180 سم تقريباً. (بس ما تكونش بتلعب سلة ولا اتقدمت لأي كلية من الكليات العسكرية)

7. إنها تكون مرحة (عشان أنا كئيب وخوفاً على الأطفال).

8. إنها تكون حلوة (يعني المهم ما تكونش أقل جمالاً من عائشة كيلاني).

9. تكون بتحب تتفرج على الكرتون.

10. تكون بتعرف تحكي حواديت (عشان أعرف أنام).

11. تقدس الحياة الزوجية (باشوفها مكتوبة كده في الجرايد).

12. مش عارف كملوه انتوا البند ده.

فعلى من تجد في نفسها هذه الشروط التقدم بطلب عليه يجي بخمستلاف جنيه دمغة.

هذه التدوينة مهداة إلى أحمد وإيزولد وتسنيم (وعدت ووفيت)
:)

كان نفسي تبقى Cheerful

27052006-230552-1

استيقظت هذا الصباح وأنا أفكر في موضوعين كي أكتب تدوينة اليوم. الأول متفائل والثاني يكشف عن بعض الأحوال السيئة في البلد والتي لم أعد أتحملها. إلا أنني دهشت حين سمعت خبر وفاة حفيد الرئيس. صحيح أنني لم أعد أحب الرجل، لكن لا شماتة في الموت. لا أجد اليوم سوى أن أنفعل لهذا الخبر وأن أدعوا للفقيد من دعاء الرسول:

اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، لقِّه الأمن والبشرى والكرامة والزلفى، اللهم إن كان محسناً فزد في حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن إساءته، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، نقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، أبدله أهلاً خيراً من أهله، وداراً خيراً من داره، وجيراناً خيراً من جيرانه، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.

مايو 17، 2009

Let the court be held

Pain_by_BlackSnoopy

Every night at 11 pm, I enter my room, keep for myself, hold my laptop and internally decide that my conflicts are ones that will not settle out of court. So, let the court be held.t

I brainstorm, write what happened, and then judge.t

The judge says “Now tell me: Why did you choose this course of action?”t

Desperately trying to overcome my negative ideas, I internally think “Shut up REMORSE. Shut up fucken Majesty”.t

The judge looks at the jury. A small piece of paper flies towards him. Then, like a thunder, his voice echoes: “Guilty”.t

Most of the audience cheers up, webbing their hands over their mouths, mocking at me.t

BUT I AM NOT.t

I am just some good guy who decided to choose the good side of the agony. A lifeboat who knew he would sink, but insisted to offer help for a sunken hope. It was like putting my neck on the chopping block, stabbing it one time. Pain. I experienced pain within every single day for years. Then I gave up. I was not able to follow through any more. So, I grabbed the blunt stiletto and experienced a harsher torture.t

I came to a moment when I thought that unless I change my present, my past would foretell the future. I had had dreams before this, so I said to myself “Let your past dreams get back to their feet”. I know that I am the one to be blamed, but I am also the one to be pitied. Your majesty I now know it. I am half-guilty. I am no victim of nobody. I stabbed myself.t

The audience roars up. Some are happy, some are sad, but all of them chatter. t

The judge looks at his watch, straightens up, stares at me and says “The trial procedures will be postponed to the session held tomorrow the same time. Don’t think you are going to calm down. This round may be over, but the game is not over yet.t

On my bed, I lay half-conscious. I curl into a ball of self-pity until the next morning.t

مايو 12، 2009

الشوارع مستقيمة

untitled

اليوم لم يكن ينقصك. تسند علبة النعناع بذراعك المبتورة وتقذف لي كيساً من نافذة السيارة بأصابع مقطعة ونظرة بائسة. حسناً خذ المال, لكن لا تجعلني أتألم.

الهاتف يرن. إنها زوجتي.. لن أرد. هي لا تتفهم أمور العمل. إن رددت عليها لن أنتهي من المكالمة. حين أعود سأقول لها إني كنت في المسجد فلم أستطع أن أتلقى مكالمتها.

الهاتف يرن مرة أخرى. واجه الحقيقة, لن تستطيع أن تكذب... من الأحسن أن ترد.

"نعم يا حبيبتي.. أنا في الطريق من المطار. المندوب اعتذر لأنه مريض والشركة اتصلت بي كي أستقبل أبا نزاع".

ألتفت إلى أبي نزاع فيبتسم. لا أرد ابتسامته.

"أنت تعرفين, هذا حال العمل".

يرتفع صوتها فأبعد الهاتف عن أذني. يلتفت إلى أبو نزاع ويسألني لماذا لا أبدو مبتهجاً. أرد بأنني في قمة الابتهاج وأنني سأصحبه خلال النصف الثاني من رحلته, ولا أنسى أن أرحب به في بلده الثاني مصر.

بلده الثاني.. هو لن يستطيع أن يفعل ما جاء لأجله في بلده الأول, فاستأجر بلداً ثانياً.. أعرف أنه لن يمكث في الفندق كثيراً. سرعان ما سيتخلص من عقاله وجلبابه الأبيض. بعدها سيذهب للهو مع الراقصات في شارع الهرم. وسيفعل ما يحلو له آخر الليل. ربما يكون قد نزل كي يتزوج من فتاة هنا.. يقضي معها عدة أيام ثم يتركها دون أن تحصل منه على شيء.

أبتسم له مرة أخرى.. "أهلا بك".

الأحمق الذي يقف أمامي يتكلم في الهاتف, ويسد طريقي, تحركت كل السيارات وهو في عالم آخر.. أستطيع الآن أن أرجع للخلف وأتخطاه عن يمينه فأسبه أو أخرج له يدي وأرسل له إشارة بإصبعي سيفهمها جيداً, لكن شيئا ما يمنعني. يحتاج المرء إلى الكثير من الغلظة وقلة الأدب كي يعيش في هذا البلد. حتى القيادة تحتاج إلى معجزة. ينبغي أن تلتف عن اليمين والشمال. وتركب الكباري وتنزل الأنفاق وتلف في الميادين كأنك تلعب السلم والثعبان.

- "الشوارع هنا غريبة".

أفتعل الاهتمام. ثم أسأله بلهجته:

- لماذا يا طويل العمر.

- لا أعرف.

أبتسم مرة أخرى.. بعدما تنتهي من لهوك ومجونك ستأتي كي تنال العقاب. سأنزل معك بنفسي وبتعليمات من الشركة سآخذك إلى أحد البازارت.. ستشتري الغث والسمين بأضعاف السعر الأصلي.. وسأقبض أنا في النهاية من مالك. سأقبض من جريك خلف الراقصات, ومتعتك مع بنات الليل, سأقبض.. سألت الشيخ في المسجد المجاور فأخبرني أنني مضطر, لكن شيئاً داخلي غير راض.

نظر إلي وقال بينما اهتزت ستارة دهنية تتدلى من فكه:

- آه عرفت الفرق. الشوارع عندكم ملتوية ومتشابكة وملتفة.. أغلب الشوارع عندنا مستقيمة.

مايو 11، 2009

الفراشات تطير

RedKimono

كنت أجلس على سطح البيت حين حطت الفراشة على يدي.. تعجبت من جرأتها, نظرت لها.. وتذكرت كيف كانت “مي”, في رقة الفراشات, في لون أجنحتها, تهفو علي من النافذة وأنظر إليها من سطح البيت. عجيبة هي, غريبة, لا أعرف لها وصفاً ولا أعرف متى ظهرت. فجأة رأيتها تقف في بلكونة منزلها الفاره بالزمالك.. لسنين عشت هنا لكن لم ألحظها.

نظرت لفوق. وابتسمت.. فخجلت واحمر وجهي.

في اليوم التالي.. كانت تقف عند باب العمارة, أطرقت بوجهي, فنادتني. قالت كلاماً لم أفهمه, كنت منشغلاً بتأمل خصلات شعرها الأسود, شعرات يتمايلن على جبينها, وعيون بنية تلمع في الضحى. ملامحها مصرية, وكل شيء فيها مختلف..

- انت يا ابني فوق.

هكذا هو صوتها إذاً, كيف لم أتوقع هذا, وكيف أفوق وأنا منتش..

ذكية هي. لم أتكلم لكنها عرفت أني أحبها. حب ليس لي فيه يد ولا لها.

لا أعرف كيف تقابلنا بعدها مرات ومرات. لا أعرف سوى أنها جاءتني ذات يوم على سطح العمارة الذي اسكن فيه, كانت تلبس الكيمونو الياباني, رقصت رقصة أفهمتني بعدها أنها رقصة الغاشيا اليابانية. لفت واستدارت ودارت وجهها حتى أنفها بهوايتها, فشربت من عينيها.

ثم جاءت بالشاي. سألتها من أين تعلمت كل هذا, فأخبرتني أن أشرب الشاي ولا أسأل.

- "علميني أعمل الشاي الياباني."

- "لما تكبر يا شاطر". قالتها بابتسامة متدللة وهي تخرج لسانها وتشد عينيها.

في اليوم التالي كنت خبيراً بعمل الشاي الياباني. تعلمت كيف أنتظر حتى تظهر فقاعات الماء الأولى وألا أتركه حتى يغلي. تعلمت كيف أصبه دون أن يتناثر الشاي الأخضر في كل الاتجاهات. وكيف أقلب برفق وأنحني وأنا أصب. أخبرتني أنني قد أصبحت فتاة يابانية ممتازة.. ثم ضحكت.

في المساء مررت على باب عمارتهم بالفيسبا. ركبت خلفي. كانت تلبس الجينز مثلي تماما. احتضنت ظهري بقوة, فانطلقت كأنني أقود طائرة.. فردت يديها.. فتخليت عن حذري وفردت يدي.. صرخت من فرط السعادة فصرخت.. وضحكنا معاً.

في أقل من شهر تعلمت كيف أعزف الشادو. كانت تلبس الكيمونو فأعزف لها وهي ترقص. كانت كفراشة بكل الألوان وكان كلامها ملوناً مثل ملابسها.

في ذلك اليوم جاءت بوجه مختلف وقد عقدت شعرها, قالت إن كلامنا حرام, ولقاءنا حرام, وإن أهلها يرفضون خطبتي لها. أمسكت الشادو وعزفت, ربما تهدأ.

أحرك يدي على الهواء, تطير الفراشة التي كانت مستقرة عليها, وتتركني أعزف كل يوم كي تعود.

مايو 09، 2009

عن التعليم وكل هذا الهراء

stupid_man_by_noyereve

أضعت من عمري ما يقرب من أربع سنوات محاولاً التكيف مع مهنة التعليم. درست خلال هذه السنوات للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية, في المدارس العامة والخاصة, بينين وفتيات, وأنشأت مشروعاً تعليميا صغيراً, وبدأت أدرس بعدها دورات خاصة لطلبة الجامعة في موادهم الجامعية, ثم انتقلت لإعطاء الدورات التعليمية في مراكز التدريب المرموقة, وتعاملت مع عدد لا بأس به من الهيئات العاملة في مجال التعليم. بالإضافة إلى ذلك فأنا لم أكتف بالدراسة الضعيفة التي أعطتها لنا الجامعة فقرأت كثيراً في مجال التعليم ودرست الدبلوم الخاص في التربية ثم تقدمت للحصول على درجة الماجستير في طرق تدريس اللغة الإنجليزية. سافرت كثيراً في السنة الأخيرة إما لإعطاء الدورات أو لتلقي المحاضرات. ويا ليتني ما سافرت.

التدريس للمرحلة الابتدائية هو أصعب درجات التربية على الإطلاق. فأنت تبدأ من اللاشيء, والطفل كثير الحركة, كثير الكلام, كثير الأسئلة يود لو يعرف كل ما حوله في العالم بين يوم وليلة. أضف إلى ذلك أنها مرحلة اكتشاف الكثير من صعوبات التعلم, والكثير من الإعاقات التي قد تخفى على الوالدين. كنت أقف في الفصل عندما قام أدهم وتف تجاهي وصرخ. أي مدرس في موقفي قد يحاول الثأر لنفسه ولكرامته. لكنني اقتربت منه ونظرت في عينه مباشرة فتحول إلى حالة من الوداعة جلس بعدها ولم أسمع صوته. حين جاءت والدته جلست معها وحدنا وقلت لها أن ابنها غير طبيعي وانه يحتاج إلى كشف طبي. قالت إنها بالفعل مريض وأن الأساتذة يضربونه!! الحمار قد لا يضرب كما كان يضرب أدهم مع العلم أن هذه كانت مدرسة خاصة متخصصة في تخريج أوائل الجمهورية. الطالب في هذه المرحلة كثير النشاط يحتاج إلى أساليب من التربية لا يتقنها الكثيرون ومنها على سبيل المثال طريقة Total Physical Response التي تمتص نشاطه فيتعلم بدلاً من أن يتحول لآداة لإهانة المعلم.Untitled-1

أدهم كان حالة فردية لكنه رمز على العديد من التعديات التي تحدث في مدارسنا. أنا أفكر جديا في تعليم أولادي بنفسي وأن ألحقهم بنظام المنازل لا بالدراسة النظامية التي تتطلب التواجد في المدرسة. أحبني طلبتي في الإبتدائي رغم أني أعترف بأنني فشلت في الوصول إليهم وكان لي العديد من الأخطاء الفادحة. بعضهم اتصل بي حتى بعد سنوات من الدراسة كي يطمئن على "الميستر", هكذا كانوا ينادونني.

الصعوبات في المرحلة الإعدادية تتعلق ببداية فترة المراهقة, ودخول المراهق في ندية مع معلمه. فقد انكشف الملعوب وعلم الطالب أن معلمه مثل كل البشر لا يعلم كل شيء, وأنه ليس بالهيبة التي كان يعتقدها. أما في المرحلة الثانوية فإن هذه الصعوبات تتفاقم.

التعامل مع الفتيات أصعب من التعامل مع البنين بالنسبة لذكر المعلم. والذكور من المعلمين هم نوع من الحيوانات يمتطيها الجميع في المدرسة بداية من الطالب/الطالبة والمدير والموجه والموجه العام والإداريين إلى أجعص أولياء الأمور. هؤلاء جميعا يتدخلون في عمل المعلم ويسهمون بلا شك في فشله.

المدارس الخاصة أقل سوءا من المدارس العامة. لكن بها الكثير من التعديات. أسوأ ما في المدرسة الخاصة أن أقذر طلبتها سلوكاً أحسن من أكبر معلميها علماً وأخلاقاً, لأن الطالب هو الذي يدفع. والمعلم لا يتقاضى أجراً إنسانياً في العادة (بعض المدارس الخاصة تعطي المعلم 120 جنيهاً شهرياً) فيتتجه المعلم للدروس الخصوصية.

والدروس الخصوصية هي الشكل الوحيد الناجح من التعليم في البلد رغم عدم موافقتي عليها. جربت تجربة الدروس الخصوصية فوجدتها تنزع عن المعلم إنسانيته فتحوله إلى ثور في ساقية, كما أنها تفسد العلاقة بينه وبين الطالب لأن المدرس يمد يده في آخر الحصة والطالب يدفع, بل ويمكن للطالب تغيير المدرس وطرده وتزيينه ببعض الزيول ورمي حلة الملوخية عليه وقلة من خلفه. والأباء يتعاملون مع الدروس الخصوصية كوسيلة لأحد أمرين. بعض الأباء يستقدم معلماً كي يعلم ابنه, والبعض يستقدمه كي يرشوه فيعطي للولد إجابة الامتحان. وده طبعا ما يبقاش غش.

توسل إلي الحاج مصطفى الذي يعمل معلما في مدرسة للخطوط, وهو معلم بالنهار وتاجر بالليل تجاوزت تجارته الملايين وأصبح لديه برجاً كبيراً على النيل مباشرة. توسل إلي أن أعطي لأولاده درساً. لما رحت وجدت الوضع غريباً. الأطفال محطمون نفسياً ولديهم صعوبات تعلم كبيرة والأب والأم في واد آخر بعيد. بعد حرب ضروس لمكافحة غباء الأسرة بالكامل قررت ألا أكمل في معركة خاسرة, لكن الرجل حلف وكان سيرمي نفسه من السيارة حين قلت له إنني لن أكمل. أكملت محاولة مني في التخفيف من المشكلات لا محوها. وعندما قررت أن أنقل نفسي إلى مدرسة أخرى, أرسل لي حساب الشهر (ناقص أربعين جنيه على فكرة) مع أحد الزملاء وقال له "أستاذ عمرو ما عندوش ضمير". كانت الامتحانات على الأبواب والراجل عايز يروح يشتري ذكر أو أنثى معلم من النوع الذي يعطي الإجابة في الامتحان.

التعامل مع أولياء الأمور أصعب من التعامل مع الطالب لأن كل منهم يرى تربية ابنه بشكل مختلف. وهم لا يؤمنون برؤية المعلم أو أن للمعلم رؤية من الأساس. ذات مرة دخلت في مشكلة كبيرة مع واحد من أولياء الأمور (ويعمل قاضياً) لأنني كنت أرى مستقبل ابنه بشكل مختلف.

التعليم في أي بلد من البلدان يرتبط بالبحث العلمي. ويقوم على البحث ثم التجريب على عينة صغيرة ممثلة, ثم التقييم, ثم التجريب على عينة أوسع ثم التقييم ثم التعميم. لكن في بلادنا التعليم بقرارات. نحن نتمسك بالشعارت فقط. مثل شعار التعلم النشط الذي عمم على المدارس الابتدائية دون وجود تجهيزات فلم يؤد إلا لتضييع الوقت وإهدار الموارد ولوي عنق الطالب (وأنا أقصد ذلك حرفياً حيث يوزع الطلبة على أربع مجموعات متقابلة ولا يستطيع أغلبهم النظر إلى السبورة حين يبدأ الدرس إلا إذا لوى عنقه!!)

جميع قراراتنا التعليمية لا تبنى على التجريب والتقييم. كلها تعميمات عشوائية عنت لأصحابها وهم على السرير مع زوجاتهم.

- تعرفي يا أم أحمد أنا بكرة هافتكس إفتكاسة تعليمية تودي التعليم لفوق.

- ربنا يخليك لينا يا خويا ويخليك للبلد. بس ما تنساش تجيبلنا دكرين مدرسين عشان العيال يلعبوا بيهم, أو دكر ونتاية.

ثم تكون النتيجة المزيد من المعاناة للطالب, والمزيد من التدهور للوطن.

آآآآه يا وطن

لنأخذ مثلا قضية التغذية في المدارس. توزع التغذية على أغلب بقاع الجمهورية في المناطق, الراقية منها والمعدومة مما يؤدي إلى تقلص حجم هذه الوجبة (هانجيب منين للوحوش دي كلها) وبالتالي تأتي هزيلة لا تنفع أحداً. كان من الأفضل تحديد الأماكن الأكثر فقراً وتوجيه الوجبة المدرسية لها. الطلبة في المناطق الراقية يضربون بعضهم بالبيض ويرشقون المدرسين بالمربى. وأغلب التغذية يأخذها العمال والمدرسون.

إذا ما تحدثنا عن الجامعة, فلن ننهي هذه التدوينة. الطلبة في الجامعة يجعلونني أشعر بحزن شديد. هم بين نيران كثيرة. فلم يتم إعدادهم بشكل جيد, ويطلب منهم ما فوق قدراتهم, untitled ويستغلون أسوأ استغلال مادي من أعضاء هيئة التدريس كي يشترون المذكرات التي لا أعرف من اخترعها. الطلبة في الجامعة يحبطون فيتوجهون إلى ما ينسيهم ويكون هذا من خلال المخدرات أو العلاقات العاطفية أو الجنسية غير السوية.

التعليم في مراكز التدريب الخاصة سيء أيضاً. إذ أن المهم أن يتكيف الزبون ويطلع مبسوط. من غير المهم على الإطلاق أن يتعلم. المهم أن ترتسم على وجهه ابتسامة في نهاية الدورة ويأخذ الشهادة التي عليها ختم المؤسسة العملاقة وربما يخرج والختم على عنقه وأجزاء أخرى من جسده.

منذ أعوام قرأت مقالاً عن الآثار السلبية للتعليم. ساعتها اندهشت وسألت نفسي: "هو التعليم ليه آثار سلبية؟" لكن بعد قراءاتي وبعد ما شفت في بلدي عرفت أن التعليم كله آثار سلبية وأننا لا نرى جانبه الإيجابي.

أحبني طلبتي –أو هكذا بدا لي- فهم يتصلون بي كي يشكرونني حتى هذه الأيام. لكنني استقلت من المدرسة التي كنت أعمل بها, وتركت الماجستير, وخفضت نسبتي في المركز التعليمي الذي أقمته لأن التعليم يحتاج إلى نبي ينكر ذاته ومطالبه.

أعترف بأنني أتوق لتلك اللحظة التي كانوا يقدرونني فيها, أو حين يقررون أن يشتروا لي هدية أو يقيموا لي حفلاً. أعترف أن لهذا المهنة بعض العوائد النفسية. لكن نفقاتها (النفسية أيضاً) أكثر بكثير.

التدوينة طالت مني. احتمال يكون لها جزء آخر.

مايو 07، 2009

The art of taking the wrong decision

8315df6b84e6615f437493724043fd07
For years, I kept thinking that life is unfair. I saw it as an MCQ (a multiple choice question) to which all answers are incorrect. I thought that somehow I was obliged to commit a mistake. Thus, all what I thought I could do was to choose the least incorrect answer. I thought that in order to bet, I should have a proven pony, and wept having nothing but some pitiful old horses that would dust even before the race begins. t


So, I guess you know what follows a wrong decision: regret. You think that you are foolish because you have spoiled everything and ruined your life. Forgive me for this friendly fire insult, but I have to say that you (and me of course) are absolutely foolish. Every one of us takes a share in formulating the question. We put the question, get puzzled searching for the most suitable answer, and end up accusing life, conditions, others, whatever, or whoever for our present situation. t


Some people are rational. Schools have spoiled them. They think that the one who exerts an effort should see a proportional positive result. They give themselves a chance to think. When they begin calculating their next movements, they sometimes begin with a false postulate. They reach a seemingly fascinating result which appears on its outer surface to be 100 percent true. Sooner or later, such people discover that their minds have misled them, and begin to question the reason for enduring their painful life. t


I came these days to think that life is a chess game. Your first decisions affect your next ones. Radically thinking, we discover that life is a zero-sum game. This means that you begin with nothing and end up with nothing. However, your first choices can let you be a winner, and it can lead you to failure. t


You know that yellow triangle put on hazardous materials? It kept popping out in my mind for more than five years. A sign deep in my brain kept kicking the tissues of my damned nerve cells, saying that the direction I am taking is a wrong one. I was hastily heading toward a steep rocky cliff. I did not give myself a chance to confront my fears, and question the whole thing. I did not even listen to the advice given by my most honest mentors. With the passage of time, I found myself exposed to a big loss. I had exerted tons of efforts, and invested/wasted a lot of time and money. So, I thought that going back and starting over would be a WRONG DECISION. Then, I reached a terminal point in my life where I decided to lose in order to win. t


So, I left home, resigned from my job, broke up with my fiancée, left my baby project to my partners to manage and suffered a great deal to find a new job, and of course a new life. I looked around and realized that I have lost everything I ever pursued, and that I am now hunting for new dreams. I felt my throat narrow with fear, and my brain boiling with worries. I then came to realize that I am a RENEGADE. t


You know what I am translating these days? It is Rules for the  Renegades, by Christine Comaford. I read the book, and it feels like it recounts my life story. Its lines echo my past fears and gives me hope in a brighter future. Now, I know that I did not lose anything. I have just spared myself a loss that could have been even bigger. t

Christine thinks that in life every idea can be thought of as either an illusion or a delusion. She says that everything in life is an illusion and we should choose one that is empowering. An illusion is an idea you can challenge, change, improve or totally remove. When we think that we can do nothing towards an idea, letting it dominate our world, it is then a delusion. t


So, you should master the art of taking the wrong decision (or the decision you have always thought to be wrong). Get rid of your worries and fears. Try out new life instead of that which has not worked for you. t


This article was written in honor of: t
Miss Aya Mesh Hena t
:)

مايو 05، 2009

أين أنت ولماذا يظل هاتفك مغلقاً..

n688327983_644658_4745العلاقة بيني وبين الشمسي كالعلاقة بين الحبيب والمحبوبة أو العكس.
كان أحمد يلقي أحد مقالاته المتفجرة في إذاعة الصباح بالمدرسة العسكرية وأنا كنت طالباً في الأول الثانوي بينما كان هو في الصف الثاني. كل ما شعرت به وقتها أنه بعيد جداً. لم أفكر حتى في مجرد أننا قد نسلم على بعضنا. في اليوم التالي لا أدري ما الذي دفعني لأن أذهب وأسلم عليه. قلت له إني أكتب الشعر فابتسم. في نفس الأسبوع اتصلت به في منزله وأسمعته قصة كنت قد كتبتها اسمها "فرانكشتاين". ضحكت من قلبي لأول مرة في حياتي وعرفت معنى أن يكون لك حبيب.

لكن الأيام كما تجمع تفرق. كلما سافر أحمد أو تغربت أنا يشعر من يبقى في المدينة أن حبيبه قد هجره, ويشكو افتقاده. لما سافرت للقاهرة للمرة الأولى للعمل. أرسل أحمد ومصطفى لي جريدة موجهة لقارئ واحد. لن أنسى أنهم تكبدا عناء تصميم رسالة إليكترونية مثل صفحة في جريدة كي يطلعوني على أخبار الشلة التي يتزعمها الزعيم, أحمد الشمسي.

أحمد هو أخي الذي لم تلده أمي. حين تجدني في البيت وقد غلقت الباب وأخذت أضحك تعلم أمي أنني أتكلم مع الشمسي. عشت مع الشمسي أياما طويلة في محاولة لاستكشاف الجرافيك وتصميم مواقع الإنترنت. كنا نقضي أكثر من عشر ساعات يومياً في غرفتي بمنزلي أو غرفته بمنزله.

والدة أحمد هي أمي التي لا تراني ولا أراها. تخجل مني وأخجل منها. لا أعلم لماذا. هي مريضة هذه الأيام ويأكلني قلبي عليها. لكنني أكتفي بالاختباء خلف أستار هاتفي المحمول والسؤال عنها من بعيد. حين مرضت تمنيت لو كنت طبيباً كي أساعدها. وكانت هذه أحد المرات النادرة التي ندمت فيها على عدم دخولي كلية الطب.

حين أنشأ الشمسي مدونته "من وهج الشمس" قرأتها من وهج الشمسي. من يعرف أحمد يعرف أنه متوهج فعلاً. وكم اقتبست من نور أحمد وأطأت طريقي من كلامه. أحمد هو معلمي وصاحبي.

حين تقابل أبي مع والد أحمد في الجامعة قال له:
- نعمل إيه في الولدين دول.. يعني لو بنت وولد كنا جوزناهم.
حين توفى والد أحمد أصبت بحالة من التبلد. كيف أخفف عنه حزنه وأنا المصاب. لا أعرف كنت كالمخدر. لم أدر كيف أخفف عنه. اكتفيت فقط بالذهاب إلى السرادق والوقوف بجسدي معه. بعدها بسنوات اعتذرت له. وعرفت أنه كان يفتقدني مع أني كنت أقف بجانبه.

حين أدخل نادي الأدب بدونه يسألونني أين قرينك. وحين أمشي في الشارع معه يقولون لنا هل أنتما أخوان. بل أكثر من أخوين.

أحمد هو امتدادي العاطفي, وامتداد لعقلي. نفكر معا. ونقضي أغلب الليل ننتحب على حال البلد. حين يضحك أحمد يضحك قلبي وحين يكتئب أكتئب.
يكفي أن ينظر إلي أحمد كيف أفهمه. وحين نقول كلمات بسيطة ونضحك يستغرب المحيطون. فبيننا تاريخ من الحديث به الكثير من الإشارات المرجعية لمواقف تهلك من الضحك.

أمر هذه الأيام بمنعطف ينهك تفكيري وقلبي. أتمنى لو كان هنا معي كي ألقي رأسي على كتفه, ويحمل معي بعضاً من همومي. لكن القدر أنه هناك في أقصى جنوب البلاد وأنا في أقصى شمالها.

أتصل به لكن هاتفه مغلق دائماً.
  
أين أنت يا أحمد.. ولماذا يظل هاتفك مغلقاً.

مايو 03، 2009

سيتم إيقاف المدونة لمدة شهر




السادة زوار المدونة

أمر هذه الأيام بظروف تتباين بين الحيرة والقلق والألم والحسرة. وقد وجدت أنني أكدر صفو يومكم، وأنشر مشاعر الاكتئاب بينكم. لذا سأتوقف عن التدوين لمدة شهر. ربما تتحسن الأحوال، أو تسوء. نلتقي مع بداية يونيو.

مايو 02، 2009

بيدي

Pain__by_muhunkey

بيدي زرعت السيف في كبدي، وبيدي أخرجه