فبراير 28، 2011

معذرة أخي ويليام

shake

كنت أهزأ من كل أبيات الحب التي يكتبها ويليام شكسبير, كانت السونتة 29 تحديداً تثير سخريتي وضحكي إلى حد بعيد وتجعلني أقف في وسط المنزل مردداً سطورها بصوت أوبرالي:

When, in disgrace with fortune and men's eyes
I all alone beweep my outcast state
And trouble deaf heaven with my bootless cries
And look upon myself and curse my fate

هكذا تبدأ القصيدة بالغم والهم والنكد لكن سرعان ما تأتي نقطة التحول, حيث يبدو الشاعر فرحاً فقط لأنه يتذكر محبوبته, هكذا ودون أي سبب منطقي ودون أن تزول أسباب اكتئابه وحزنه.

Yet in these thoughts myself almost despising
Haply I think on thee, and then my state
Like to the lark at break of day arising
From sullen earth, sings hymns at heaven's gate
For thy sweet love remember'd such wealth brings
That then I scorn to change my state with kings

أيام الدراسة كنت أجد هذه الأبيات مبالغاً فيها, وغير احترافية على الإطلاق, لكنني اليوم وبعد عشر سنوات تقريباً, أعتذر له..

عزيزي شكسبير.. أنت كنت على حق وكنت أنا مغفلاً كبيراً.

فبراير 05، 2011

My Mood



يَا أٌمَّتي يا ظَبْيَةً في الغَارِ تَسْأَلُني وَتُلحِفُ: "هَلْ سَأَنْجُو؟
 قُلْتُ: أَنْتِ سَأَلْتِني مِنْ أَلْفِ عَامٍ. إنَّ في هَذَا جَوَاباً عَنْ سُؤَالِكْ 

يَا أُمَّتِي أَدْرِي بأَنَّ المرْءِ قد يَخْشَى المهَالِكْ
لَكِنْ أُذَكِّرُكُمْ فَقَطْ فَتَذَكَّرُوا 
قَدْ كَانَ هَذَا كُلُّهُ مِنْ قَبْلُ وَاْجْتَزْنَا بِهِ
 لا شَيْءَ مِنْ هَذَا يُخِيْفُ، وَلا مُفَاجَأَةٌ هُنَالِكْ
يَا أُمَّتِي اْرْتَبِكِي قَلِيلاً، إِنَّهُ أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ،
 وَقُومِي…إنه أَمْرٌ طَبِيْعِيٌّ كَذَلِكْ.

فبراير 04، 2011

من هنا تأتي بذور الفتنة



يمكن للجميع الآن أن ينزعجوا, أن يعدوا أصابع أيديهم وأرجلهم أكثر من مرة قبل أن يفتحوا التلفاز أو يقرؤوا الصحف. فالكل يردد ما يقوله الكل, ولا أحد يعلم مصدر المعلومة ولا أحد يمكنه تأكيد صحة الخبر, ولا عزاء لحرفية الإعلام ومهنيته.

في البدء كان الإعلام الحكومي هو أول الراسبين في الاختبار, مما دعا سي إن إن إلى المقارنة بين شاشات الإعلام الخاصة والإعلام الحكومي في أحد برامجها الحوارية, ساخرة مما يحدث في مصر وقائلة بأن النظام المصري يتبع سياسات بائدة للسيطرة على الرأي العام.

ثم رسبت بعض القنوات الخاصة وعلى رأسها المحور التي بدا جليا أنها تعمل لصالح النظام وأن همها الأكبر هو بقاء الرئيس لا أن تقدم صورة محايدة للواقع. الغريب أن المحور تخلت عن كل أنماط الحرفية ومقوماتها وأصبحت منبراً لترويج الإشاعات لا يجذب إليه سوى المنتفعين من بقاء النظام. فالمحور هي أساس الإشاعات التي يرددها الشعب عن تلقي المتظاهرين لرشاوى (وجبة من كنتاكي ومائة إلى مائة وخمسين جنيه) كل يوم من أجل البقاء في الميدان, وعلى بثها "افتكس" حسن يوسف فكرة أن المعتصمين بميدان التحرير ليسوا هم شباب 25 وأن شباب 25 رحلوا من الميدان بعد سماع كلمة الرئيس (لأنهم مؤدبين وبيشربوا اللبن), وعلى شاشتها ظهرت شيماء التي ادعت بأنها تلقت تدريباً من الموساد لقلب نظام الحكم وهو ادعاء مضحك شكك فيه بلال فضل وقال إنه يعرف الفتاة ويعرف أنها موالية للنظام. المحور كان منبراً لإطلاق الكثير من الاتهامات بلا أدلة حقيقية وبث فوضى تضيف إلى الفوضى التي تعيشها البلاد.

لا يريد النظام أي وسيلة لإعلام حقيقي محترف محايد, لهذا أوقف خدمة الإنترنت ومن قبلها أوقف بعض المواقع الاجتماعية, ثم اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية سي إن إن بأنها تحض الشباب على الثورة ضد النظام, وهو اتهام أضحك مذيعة السي إن إن وأبكاني على وجه الخصوص.

كانت قناة الجزيرة هي المتلقي الأول لهجمات النظام, فخرج الخبر الذي يقول إن ويكيليكس أثبتت أن قطر تستخدم الجزيرة لدعم انقلاب الحكم في مصر. الجميل أن من يقرأ ويكيليكس الإنجليزية لن يجد ذكراً لهذا, ومن يدخل اليوم على الترجمة العربية لويكيليكس سيجد تكذيباً لهذا الخبر!

ما حدث من اعتداء على صحفيي الجزيرة وإغلاق لمكتبهم واعتقال لبعضهم وتشويش على ترددهم هو حيلة أمنية بائدة تحاول تقييد الخبر وكبت حرية التعبير. بالأمس تم اختراق الموقع الخاص بالجزيرة وقام من اخترقه بتصوير فيديو يعرض صفحة الموقع مكتوباً عليها "معاً لإسقاط مصر"! انتشر الفيديو كالنار في الهشيم وصدقه المصريون, دون أن يسألوا أنفسهم إن كانت الجزيرة بهذه السذاجة؟ أم أن غباء سياسيا وإعلاميا أصاب بلادنا وأثار الفتنة والفوضى؟

اليوم نشرت صحيفة الدايلي تليجراف البريطانية أن المتظاهرين في مصر تلقوا مساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية, وكان للخبر أثر كبير على نفسية المصريين, فالجميع يقرأ ويصدق, والخبر هذه المرة من صحيفة بريطانية موثوقة. الحقيقة أن هناك الكثير من المنظمات الحقوقية والسياسية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان والديمقراطية تلقت ملاييناً من الولايات المتحدة تحت أنظار الحكومة كمساعدات لها للقيام بمهامها وهو ما أزعج الرئيس ونجله, لكن ما تلفت الصحيفة النظر إليه بعيد عن هذا, فهي تشير إلى قيام أحد أفراد جماعة السادس من أبريل بالسفر إلى نيويورك أكثر من مرة لتلقي الدعم من الأمريكيين.

من يقرأ ويكيليكس يكتشف أن الأمر لم يكن كذلك, فالناشط المصري الذي أشارت إليه الدايلي تليجراف (المرجح أن يكون أحمد ماهر الذي تم القبض عليه بالفعل) ذهب إلى نيويورك أكثر من مرة لحضور قمة تحالف الحركات الشبابية Alliance of Youth Movements Summit, وهي قمة تعقدها الحكومة الأمريكية للناشطين في كل دول العالم وبشكل معلن من أجل الحديث عن طرق نشر دعائم الديمقراطية والحرية في بلادهم.

الثابت في ويكيليكس أن الناشط المصري تحدث مع موظفين أمريكيين رفيعي المستوى عن الوضع في مصر وعن نية أحزاب المعارضة قلب نظام الحكم وإقامة ديمقراطية برلمانية قبل الانتخابات القادمة لإيقاف سيناريو التوريث, وأنه قال إن أحزاب المعارضة لديها خطة غير مكتوبة وغير معلنة وأن الحركات الشبابية لها نفس الأحلام أيضاً.

(The activist) claimed that several opposition forces — including the Wafd, Nasserite, Karama and Tagammu parties, and the Muslim Brotherhood, Kifaya, and Revolutionary Socialist movements — have agreed to support an unwritten plan for a transition to a parliamentary democracy.

لكن كل ما قاله الناشط المصري قوبل في الإدارة الأمريكية بشيء أشبه بالسخرية, فقد رأى الأمريكيون أن هذه الأحلام بعيدة المنال وغير معقولة. حيث كان التعليق الأخير في التقرير المنشور بويكيليكس كما يلي:

(The activist) offered no roadmap of concrete steps toward April 6′s highly unrealistic goal of replacing the current regime with a parliamentary democracy prior to the 2011 presidential elections.

كما رأى الأمريكيون أن قيام أحزاب المعارضة بالثورة على نظام الحكم غير وارد:

Comment: We have no information to corroborate that these parties and movements have agreed to the unrealistic plan (The activist) has outlined.

لا أقول إن هؤلاء الشباب لم يتعاونوا مع أي جهات خارجية, لكنني أقول إن السواد الأعظم منهم لم يفعل, وإن الغالبية العظمي من الواقفين الآن في التحرير من الشرفاء الذين يحلمون بوطن أفضل. ما ذكرته ويكيليكس على أي حال لم يكن تهمة ولا خيانة للوطن وإن لم نشعر نحوه بارتياح تام.

من الواضح أن هناك أيد كثيرة تريد أن تلطخ سمعة شباب المعارضة البيضاء, الكثير من وسائل الإعلام تريد أن تحقق سبقاً على قفاهم, البعض منها يداهن النظام على حسابهم, والبعض الآخر يتعرض للتشويه والاختراق والضرب لمناصرتهم. أما المواطن البسيط فهو يصدق أغلب ما يقال, ويردده ومن هنا تأتي بذور الفتنة, فالأهالي ينظرون الآن إلى الشباب على أنهم مضحوك عليهم, وأنهم مصدر عدم الأمن الذي أصاب البلاد ومصدر وقف أعمالهم وسبل رزقهم.

فبراير 03، 2011

الأزمة



لندلف إلى صميم الموضوع...

نحن الآن أمام طريقين, الأول أن نلجأ إلى الشرعية والثاني أن نستكمل الثورة, فأي الطريقين نسلك ولماذا؟ في هذا السؤال تكمن الأزمة.

تعالوا نتخيل سيناريو الأحداث إذا ما توقفنا عن التظاهر.. بالطبع لن يترك النظام من أشعلوا الثورة ينعمون بالهدوء أو الاستقرار, بل سيتعقبهم, فالرئيس وعمر سليمان يفكران بنفس الطريقة تقريباً, وهما متقاربان جدا ومتحابان للغاية, نعلم جميعا ما سيحدث إذا تمت التهدئة, فالنظام لن يستطيع أن يقبض على هؤلاء الشباب بتهمة العمل الوطني بعدما أثنى عليهم, لذا فهو سيلطخ مآربهم وسيقول إنهم عملاء (وهذا ما يحدث الآن بالفعل) وإن جهات خارجية لن يفصح عنها تحركهم, وسيتم تصفيتهم واحداً تلو الآخر بتهم سياسية أو غير سياسية.

لا يمكننا أيضاً أن نطالب بإيقاف التظاهر, خوفا من وأد النظام للحلم, فبوقف التظاهر يكون الشعب المصري قد أخذ أكبر "قلم" على حد تعبير فهمي هويدي. لكن التفكير الواقعي يقول إن النظام لن يستطيع أن يحبس الجميع, لقد انهار حاجز الخوف, وميزة الثورة الحالية (وخطرها الأكبر في ذات الوقت) أنها ثورة بلا قيادة حقيقية, بمعنى أنها عفوية, وبالتالي فلا يوجد أشخاص بعينهم يستطيع أن ينتقم الرئيس منهم هذه المرة, سيبحث النظام ولن يجد أو ربما سيجد الكثيرين وسيحتار أيهم يمكن أن يصبح الضحية. لكن البقية الباقية من الشباب لن تسكت على التصفية وبهذا يكون النظام قد جلب على نفسه المزيد من الكوارث.

ماذا لو استمرت المظاهرات ولم يجد الرئيس أمامه بداً من الاستقالة؟ الاستمرار في الثورة هو الطريق الثاني الذي سيوجب علينا أن نرضى بأحد الاحتمالات التالية:

الاحتمال الأول: أن يقوم فتحي سرور بالتحكم في مقاليد الأمور وقيادة الحكومة المؤقتة, وهو ما لن يرضى به شباب الثورة لعلمهم بأن فتحي سرور أسوأ من الرئيس ذاته, وأنه من ترزية القوانين وضاربي القرارات في وقت نحتاج فيه إلى رجال يحكمهم ضميرهم قبل أي شيء.

الاحتمال الثاني: أن يقوم عمر سليمان بوصفه نائب الرئيس بتولي زمام السلطة, وعمر سليمان هو الساعد الأيمن للرئيس حيث يدين له بولاء منقطع النظير, عمر سليمان الذي تشهد له دول العالم بأنه من أكفأ رجال المخابرات في المنطقة تورط قبل ذلك في الكثير من جرائم التعذيب لصالح الولايات المتحدة طبقا لستيفن جراي. وبالتالي فلن يقبل به الواعون من شباب الثورة, لأنه سيكون أسوأ من النظام نفسه في تعقبهم ولأنه ببساطة من رجال الحرس القديم.

الاحتمال الثالث هو تشكيل مجلس حكماء أو حكومة ائتلاف وطني, وهو ما لن يرضى به الكثيرون, فلن يقبل أحد أن يتلقى أمراً من السيد البدوي أو رفعت السعيد أو نعمان جمعة, كما لن يرضى الكثيرون عن البرادعي أو أحمد زويل أو أي شخصية سياسية أو غير سياسية تحاول ركوب الموجة.

مع عدم قبول الاحتمالات الثلاثة لا يكون أمام مصر سوى الفوضى... ومع عدم وجود قيادة للثورة وعدم وجود قوة عسكرية لها وعدم اجتماع أفرادها بأي شكل نظامي على قرار واحد فلابد من الرجوع للدستور. والدستور يعطي للرئيس الصلاحيات للتعديل دون غيره, من ثم فنحن ندور لنجد أنفسنا أمام أنفسنا, ونخلع الرئيس لنجدنا في حاجة إليه.

هذه هي الأزمة إذاً, إن مطالب المتظاهرين مشروعة لكن لا يوجد سيناريو واحد مكتمل, فالاستمرار في التظاهر يوردنا مهالك الفوضى والتوقف عنه يعطي الفرصة للنظام لالتقاط الأنفاس ومن ثم إهدار المكاسب التي حققها الشباب. لهذا ربما ينبغي علينا أن نكون أذكى من النظام نفسه وألا نستخدم نفس السلاح الذي بات يعرفه ويتوقعه, فأغلب الظن أن الرئيس الآن يجلس في شرفته يفكر في الكيفية التي سيفرق بها اعتصام التحرير ومظاهرات الجمعة المقبلة, إن كنا نريد الفوز فلابد أن ننوع في طرقنا ولابد لنا من أن نلعب اللعبة بطريقة النظام نفسها..

هناك الكثير من المقترحات التي يمكن أن تصل بالمتظاهرين لمطالبهم, مثل كتابة بيان بالمطالب وخطة زمنية لتنفيذها, وجمع توقيعات على البيان من الملايين كي يكتسب البيان القوة. التظاهر في مناطق مختلفة بدلا من تواجد المتظاهرين في مكان واحد يتم الاعتداء عليهم فيه, تكوين جماعات ضغط من المحامين الشباب وإقامة حزب للمعارضة البيضاء داخل البلاد لأن المعركة ليست مع الرئيس وحده ولكن مع الحزب الوطني بأكمله بل ومع أحزاب المعارضة التقليدية والإخوان. تغيير المطالب نفسها, فلا ينبغي أن تتضمن إقالة الرئيس كأول مطلب بل ينبغي أن تتوجه إلى الإصلاحات, مثل إلغاء قانون الطوارئ والسماح بإطلاق الحريات وتعديل الدستور بشكل يضمن تداول السلطة, يمكن بعد هذا للغاضبين أن يطالبوا بمحاكمة الرئيس والحكومات السابقة. لكن ينبغي أن نتوجه في البداية كشباب إلى الإصلاح وليس للانتقام.

الاستمرار في مظاهرة الشكل الواحد يهدد بتخلي الأهالي عن الشباب خاصة مع الأزمات التموينية المتوقعة وقصر ذات يد الكثيرين. فالمواطنون البسطاء يعتقدون الآن أن سبب توقف أعمالهم هو التظاهر وأن مبارك هو مرادف للاستقرار. الاستمرار في تظاهر التحرير كشكل أوحد لرفض النظام يعني خسارات اقتصادية مستمرة وخسارات مستمرة في الأرواح بين شباب طاهر بل وفقد التعاطف من أصحاب رأس المال ومن الشارع, سينسى هؤلاء أن الحكومة السابقة هي سبب توقف أعمالهم وسيصبح إقناعهم بالحقيقة دربا من خيال.

هذه البلاد غير مستعدة للديمقراطية كما ترون, فمع حديث الرئيس الأخير ونيته عدم الترشح لفترة جديدة سالت دموع ربات البيوت, وهي دموع حقيقية للأسف, وسمح لهن بالبكاء على الفضائيات والتلفزيون الحكومي, فبات الرئيس مثل زوج طلبت منه زوجته الطلاق لسوء معاملته فلما لمح بموافقته بكت. وفهم بكائها على أنه رغبة في الاستمرار معه.

الأزمة إذا كما ترون تتمثل في نظام صارم عنيد, وشعب عاطفي جاهل, ومتظاهرين يتملكهم الغضب وحب مصر لكن ليس لديهم خطط للغد ولا رؤية واضحة! طريق الخروج من الأزمة لا ينبغي أن يكون الثورة وحدها ولا السير تحت ظل الشرعية وحدها, بل ينبغي أن يشتمل على مقومات من الاثنين.