سلسلة النحس - الحلقة الأولى
تششششششششششك..
كان هذا صوت البنطلون الذي ألبسه وهو ينقطع في مكان حرج ومحرج أمام باب شقتي الذي لا يريد أن ينفتح.
المكان: سلم العمارة
الزمان: الرابعة فجراً
الحدث: مصيبة
لنعد قبل هذا الحدث بساعات قليلة.
في محاولة مني لاستصلاح الحياة, قررت أن أتناول الطعام في أحد المطاعم الفاخرة, وأن أذهب للسينما, وأعود بعد أن أشرب الكثير من العصائر والمشروبات الباردة وبذا أكون قد عشت حياتي كأي أعزب يعيث دون هم. والحقيقة أنه لولا تديني لفكرت في اصطحاب “مزة” إلى البيت وفي شرب الكثير من الجعة (بتتقال كده في الأفلام الأجنبي, قال جعة قال ههههههه).
ومثل أي عميل بريء ذهبت إلى المطعم وانتظرتهم كي "يعبروا أهلي" لكن أحداً لم ينظر إلي. أوقفت أحدهم فأخبرني أنني المخطئ وأن علي أولا اختيار الأسماك التي سآكلها. في تململ واضح, ذهبت إلى القسم الخاص باختيار الأسماك, أنا عادة لا أحب اختيار أي شيء, حتى أنني لا أحب شراء الملابس لهذا السبب ومع حالة الاكتئاب التي أعيشها فليس من المعقول أن أختار.
أسحب قدمي بينما أقول في نفسي “من فضلك أخبرني بأنه لا يوجد طعام, أو أنني غير مرحب بي هنا, لكن لا تخبرني بأن علي أن أختار وأحتار, ليس لدي طاقة نفسي لذلك”..
:(
بشيء من القرف وبكثير من اللامبالاة قلت للبائع إنني أريد أن أتناول وجبة جيدة فقط وإنني لا أريد أن أرهق نفسي بالتفاصيل. فإذا به "يستندل" ويتركني لمعاناة الاختيار. حسناً أشرت إلى بعض الجمبري وسمكة كبيرة من البوري, جاء آخر وأخذ يسألني أسئلة كثيرة عن الطريقة التي أفضلها كي يعدوا لي هذه الأسماك:
حضرتك تحب الجمبري مشوي؟
طيب هي إيه الاختيارات التانية؟
اللي تحبه حضرتك يا فندم
أي حاجة..
طيب السمك سنجاري ولا مشوي ولا...
اللي تشوفه
لا اللي تحبه حضرتك يا فندم.
حضرتي عاوز ياكل مش عاوز يرد على أسئلة. أوففففف
بعد ساعة جاء الطعام, شوربة الجمبري كانت باردة, والجمبري لم يعجبني والسمكة البوري كانت بلا طعم.
حسناً لن أشتبك معهم, أنا لا أريد أن أعكر صفو ليلتي, لننطلق إلى السينما.
المقعد المجاور لي لم يكن مقعداً بالمعنى الكامل, لكنه كان صورة مصغرة من غرفة نوم مكشوفة, حيث الفتى لم يترك جزءاً في فتاته لم يلمسه, تشتت نظري بين الفلمين, ذلك المعروض على الشاشة, والآخر الذي يعرض بجانبي, ثم أخ, يده تلمسني أنا. يا وقعة أهلك المطينة..
- أنا آسف.
قالها بينما رأسه تواجه الفتاة, ورغبة قاتلة داخلي تدفعني إلى العمل لصالح قناة ميلودي لوقف قلة الأدب وتحدي الملل. في المقعد الذي يليني من الناحية الأخرى كان "الكابل" مهذب للغاية, فكان الولد رومانسي بشكل "ينقط" ولم يكن هذا وقتاً مناسباً أبداً لكل هذا.
الفيلم لم يكن يستحق المشاهدة, مرة أخرى الكثير من الوقت يضيع في محاولة مني للخروج من أزمتي لكن دون جدوى, سأعود إلى البيت.
أمام باب الشقة المفتاح لم يدر في القفل, جربت مرارا وتكرارا, ربما يحتاج القفل إلى تزييت. كانت الساعة الرابعة فجرا (لأنني خرجت من حفلة منتصف الليل), مشطت الشوارع بحثاً عن جراج أو بنزينة, كنت أوقظ العامل في الجراج فيغتاظ ثم يعود إلى نومه ولا يعطيني زيتاً ولا جازاً ولا بنزيناً, مشيت مسافة طويلة قبل أن أجد بنزينة. ثم عدت إلى المنزل.
أخذت أزيت المفتاح ثم أدخله, كررت هذا مئات المرات, لكن القفل ظل عنيداً. قررت أن أفتح الباب عنوة, بقدمي ركلت الباب, ثم بكتفي, صوت ارتطامي بالباب مرتفع بما يكفي لأن يسمعه الجيران, وهم لا يعرفونني لأنني ساكن جديد. سيتأكدون من أني حرامي, وسيأخذونني إلى قسم البوليس, الكثير من الأفكار تعتدي على عقلي.
لا يهم, لا يهم.. ركلة أخرى ثم.......
تششششششششششككككك
انقطع بنطلوني..
يا فضيحتي.
وقفت أمام الباب, بمفتاح صدئ لا يفتح, وبنطال مقطع, وعقل شارد, لماذا يحدث هذا كله لي؟ فكرت في أن أبيت ليلتي عند أحد أخوالي الذين يقطنون في نفس المدينة, لكن ماذا سيقولون حين يرونني ببنطلون مقطع أدخل بيتهم في الفجر, ماذا سيظنون.. يا فضيحتك يا عمرو يا سيد.
هنا فقط اسودت الدنيا بشكل قاتم, وقررت أن أفتح الباب, كان تصميمي كبيراً هذه المرة, فركلته بكل ما لدي من قوة حتى انفتح.
في غرفة نومي, تجردت من ملابسي, فقاعات شوربة الجمبري الباردة كانت تتصاعد بينما إحساس كبير بالاكتئاب يتملكني.
عاااااااااااااااااااااااااااااااااااا