حوار
تنتظرها.. ويصبح اليوم جميلاً إذا بدأ باسمها, تلك الكلمة المفردة التي تختصر تاريخاً من فرحتك, لكن علي أن أنصحك بأن تتوقف, وأن تتأمل كيف صرت, وكيف صار اسمك ذنباً يستوجب منها أن تستغفر الله إذا ما دار بخلدها.. علي أن أصب عليك من الماء المغلي ما يجعلك تغتسل جيداً, لربما إن اغتسلت جيداً تخلصت مني.. أو ربما تتضح أمامك الرؤية وتدرك أنك تثير شفقتي بانتظارك.. فلا تنتظرها.
****
أفشل في التلهي بانهمار الماء الساخن على جسدي فأخرج من الحمام قطعة حمراء من اللحم الملتهب. أقف في منتصف الصالة, وأقرر أنني لن أذهب إلى الموعد, فالحديث معهم سيتطرق لا محالة إلى أبنائهم وزوجاتهم, وسيتوقف أصدقائي كالعادة عند سؤال يشغلهم كثيراً رغم إجابتي عليه مراراً, وسأحس أنا بالكثير من الحرج, ثم ستتداعى الذكريات من رأسي وتدلف كقطع من الثلج بين ياقة القميص ورقبتي متسللة على طول عمودي الفقري نحو مؤخرتي ومحدثة قشعريرة باردة..
أخطو خطوة نحو الغرفة كي أبدل ملابسي ثم أتراجع, أنا لن أمشي في الطريق بلا خطة ثابتة أو هدف, فكل ما في الشارع يذكرني بها, وأنا لن أترك نفسي للبحث عنها مرة أخرى بين يافطات المحلات وعناوين الأخبار في الصحف الملقاة على جانبي الطريق: صيدلية د. هدى لصاحبتها ومديرتها, فندق هدى خدمة متميزة أسعار ممتازة, الفنانة هدى تستأنف تصوير فيلمها الجديد. كل ما في الشارع يذكرني بها وأنا لن أمشي فيه بدونها.. بدون هدى.
****
أنت الآن تبذل مجهوداً جيداً في الابتعاد عنها, وأنا سأخبرك بما يشجعك ويجعلك تستمر. فبينما كنت أنت مشغولاً بتأمل المسافات بين أصابعك وكيف خلقها الله كي تكون مناسبة تماماً كي تضع أصابعها, كانت هي تتأملني أنا, وأنا فظ كأغلب الرجال, نذل كمعظم الرجال. ولو أنها تأملت أصابعها لثانية واحدة ما ابتعدت فدعك منها واقترب مني ولا تنتظرها.
****
ها قد بدأت الذكريات تدلف بين ياقة قميصي ورقبتي وينبغي علي أن أتوقف. أجلس على كرسي المكتب في غرفتي بينما أشعر بألم في ظهري وألم أشد داخلي, أتناول حبات المسكن ثم أعد إلى عشرة بصوت مرتفع كي أنسى. أضع كفي على وجهي بينما يغتالني شعور مؤلم بأنني أحمق. يقول الطبيب إن هذا مسكن قوي, فلماذا لا يسكن كل الألم إذاً؟
يقطع تفكيري صوت خاطف يصدر من الكمبيوتر بجانبي:
BUZZ!!!
Yasmeen says: أهلاً.. فينك مختفي من زمان, كنت عاوزة منك خدمة.. ممكن تيجي معايا مشوار.. أصلي عاوزة أشتري هدية لبابا وانت عارف إني ماليش في الحاجات الرجالي دي.
أنا أعرف هذه المقدمة جيداً, وأعرف ما الذي ستفضي إليه, فبعد هدية أبيها سنشتري هدايا لكل الذكور في عائلتها وستستمتع هي كثيراً بالحوار معي بينما سأمشي أنا أبحث عن هدى بين الكلام المكتوب على أكياس الهدايا, وسألبسها الفساتين التي تعجبني من الفتارين في الشوارع, أعرف ما سيحدث لذا اتخذت قراراً مؤلماً وسريعاً:
Kareem is now offline
أكتب حروف اسمها فأحس أنه أوحشني كثيراً, أضغط على زر البحث فتخرج النتائج التي أحفظها جيداً, دون أخبار عنها:
هدى سليمان عضو مسجل غير متواجد
مشاهدة الملف الشخصي لهدى سليمان.
هدى سليمان عبد القادر 52 سنة قالت إنها..
أنكرت هدى السيد سليمان علاقتها بالحادث و..
****
أتعرف؟ أنت بالفعل مثير للشفقة. هي لن تحبك وأنت بكل هذا الضعف, فاقترب مني حتى تنطبق كلماتها عليك, ويصير كل ما قالته مبرراً. صدقني هي لن تحبك هكذا.. أنا أحذرك من نفسك فكن مثلي ولا تنتظر.
****
يؤلمني ظهري أكثر ويختلط ألمه بخيبة الأمل التي أشعر بها كلما بحثت عنها, فأدخل إلى السرير. تطن الأفكار برأسي كنحل مشاغب فأتناول المصحف ثم أقرأ, وأقرأ ربما أطمئن. أتوقف عند "أو أجد على النار هدى" فأضحك ثم أدعوا لها بالسلامة وأقول من قلبي أن "بعد الشر عليها". أوقن بعد قليل من التفكير أنني أحبها وأقرر مبتسماً أن غداً سيصبح جميلاً إذا ما بدأ باسمها.
هناك 17 تعليقًا:
عمورة..
أهو أنا بصراحة باحب التدوينات من النوع ده..
جميلة.. ومحتاجة قراية علشان تتفهم..
قريتها مرتين.. وإحساسي إن ليها علاقة بحكاية me, myself and Irene :)
بس فيه تعليق سريع على آية "أو أجد على النار هدى".. هذه ليست نار عذاب تستوجب "بعد الشر"..
ها أقراها تاني وأعلق تعليقاً آخر..
تحياتي..
صاحبة التعليق المحذوف
أنا لا أكتب ما أشعر به الآن فقط, لكنني أكتب ما قد يشعر به آخرون, أو ما شعرت به في إحدى اللحظات, وأدمجه مع الكثير من الأحداث والوقائع حتى أخرج عملا مثل هذا.
كلامك صحيح بلاشك, وهذه القصة لا تعبر عني بشكل شخصي
:)
أهلا أستاذ جمال
يا فندم طالما بتعجب حضرتك يبقى هانمشي في اللون ده على طووول :)
أنا ما شفتش فيلم me, myself and Irene وليس لي أدنى علاقة بالمذكورة
كلام حضرت عن الآية أفادني, أما بالنسبة لجملة "ها أقراها تاني وأعلق تعليقاً آخر.." فأنا خلاص بقيت عارف إن الجملة دي بيقولوها لما يحبوا يقولوا إنهم مش راجعين تاني
:)
عمووووور
:)
:)
وماتقوليش ايه السمايلز دي
هو ده اللي في دماغي
حاجه كمان
ربنا يخليك ;)
بنبونة
أنا كده مش فاهم وكمان ما أسألش ده إيه الدكتاتورية دي :)
ياللا عموما ربنا يخليني ههههههه
اه يا كلبى :-))
فكرتنى بفيلم الى كان رشدى اباظة بلطجى نعيمة عاكف و بيشيل وشمها بمياه النار
ياه
و لا لما دورت على الوش و ملاقتوش
:-((((
ليه يابنى الحب الضائع ده ، حدش شاف هدى ياولاد الحلال :)
واندا
ما تاخديش ي بالك.. تخاريف آخر الليل
بس أنا ما أعرفش الفيلم اللي بتحكي عنه. هو صحيح اسمه إيه؟
إلا قوليلي يا واندا صحيح. انتي عرفتي هنا إزاي؟ أصل صعبة قوي تبقي بلدياتنا وتيجي صدفة :)
مجرد استفسار ليكي حق ما ترديش عليه :)
بما ان اللأجازة جت
والواحد ممكن يقعد على اللاب توب ومن غير أى إزعاج . . .
القصة جميلة اوى وشدتنى للنهاية ...
بس كنت حاسسه فيها بكمية كبيرة اوى من تأنيب الضمير ...ليه ده كله وعلشان ايه ده كله ؟؟!!؟؟!
هى فعلا زى ما بابا قال ليها علاقه ب فيلم me،myself،and irene
الفيلم ده بطولة جيم كارى
اتفرج عليه :):):):)
يا ربي، مفيش فايدة، الام تعيش و تموت و هي بتعلّم... بص يا سيدي الفيلم اللي قالت عليه واندا ده فيلم تمر حنة بتاع رشدي اباظة و نعيمة عاكف و فايزة احمد... ايون، هو بتاع يا اما القمر عالباب
:)
هبة عمارة
ألف مبروك على الأجازة ويا رب نتيجة الترم تبقى أحلى نتيجة يا رب
يا فندم البيت بيتك.. لازم هابقى أشوف الفيلم إن شاء الله
:)
إيزولد
معلش بقى ما هو ده قدر الأمهات :)
صح يا ازولدا:-))
و بعدين عيب مشوفت الفيلم :-((
و استفان روستى لما يقولها اتحزم و ارجعلك :-)))
انا بقى ايه الى جابنى
سيادتك يافندم :-))
انت علقت عندى فى موضوع
"الاخبار - الرياضة :-) و اخلاقها بوست مزدوج"
علقت ان الكلام عجبك :-)) مشيت وراك اعرف مين عجبه الكلام ؟؟ لقيت مدونتك:-))
تلاقيك نسيت او اتزحلقت عندى بالغلط :-))
بلديتكم :-)) يا سيدى الفاضل اعتقد لو دققت فى شجرة عائلات مصر حتلاقى السوهاجية موجودين فى كل شجرة عرق تقوية لدماء احمس :-))
فانه يتوغل و ينتشر و ينتشر و ينتشر :-))
أهلا واندا
أنا حاولت أدخل على مدونتك في تاني زيارة ليكي عندي بس المدونة كانت مقفولة لسبب ما, عشان كده ما افتكرتش.. عموما بغض النظر عن السبب فأنا سعيد بوجودك وسط عيلتنا الأثيرية دي
:)
جميلة جدا يا استاذ عمرو وان متفق مع كلام جمال عمارة بخصوص الاية لكن عجبني استخدامك ليها فكرتني بواحد صاحبي بس بيدور علي حد تاني وبعدين دي مش تخاريف اخر الليل دي قصة رائعة ربنا يوفقك
منتصر
أنا فعلا سعدت بتعليقك. ربنا يسعدك زي ما أسعدتني
:)
أهلا بيك دائماً
:)
عمورة..
زي ما بيقول إخوانا السعوديون "أفا عليك" يعني عيب عليك :) :)
لما جمال عمارة يقول ها أرجع يبقى ها ييرجع طالما في العمر بقية..
أولاً، حكاية Me, Myself and Irene .. ده فيلم بتاع جيم كاري ورينيه زيلويجر وكان طالع فيه عنده شيزوفرانيا وله شخصيتان..
أنا قرأت القصة عدة مرات.. وفي كل مرة أقرؤها أستمتع بها أكثر.. وهذه ليست مجاملة..
والانتقال بين حكي البطل عن نفسه وبين حكي صوته الداخلي هو تنقل رائع..
كما قلت لك .. أنا أستمتع بهذا النوع من القصص جداً، ولكن المشكلة إني مش قادر أفهم القصة كويس.. ومش عارف المشكلة في دماغي المصدية ولا في حاجة مش مضبوطة في القصة :) :)
أكتر حتة مش فاهمها حكاية الأصابع "ولو أنها تأملت أصابعها لثانية واحدة ما ابتعدت فدعك منها واقترب مني ولا تنتظرها."..
بس طولة العمر تبلغ الأمل.. :) :)
مش عارف ها أرجع للتدوينة تاني ولا لأ.. بس فعلاً قصة رائعة.. وتستحق القراءة..
تحياتي يا أديب..
ربنا يكرمك يا أستاذ جمال
أنا أديب بس عشان حضرتك بتقرالي :)
أنا مش هاشرح قصتي طبعاً بس أنا فرحان إنها عجبتك قوي كده
:)
إرسال تعليق