الشوارع مستقيمة
اليوم لم يكن ينقصك. تسند علبة النعناع بذراعك المبتورة وتقذف لي كيساً من نافذة السيارة بأصابع مقطعة ونظرة بائسة. حسناً خذ المال, لكن لا تجعلني أتألم.
الهاتف يرن. إنها زوجتي.. لن أرد. هي لا تتفهم أمور العمل. إن رددت عليها لن أنتهي من المكالمة. حين أعود سأقول لها إني كنت في المسجد فلم أستطع أن أتلقى مكالمتها.
الهاتف يرن مرة أخرى. واجه الحقيقة, لن تستطيع أن تكذب... من الأحسن أن ترد.
"نعم يا حبيبتي.. أنا في الطريق من المطار. المندوب اعتذر لأنه مريض والشركة اتصلت بي كي أستقبل أبا نزاع".
ألتفت إلى أبي نزاع فيبتسم. لا أرد ابتسامته.
"أنت تعرفين, هذا حال العمل".
يرتفع صوتها فأبعد الهاتف عن أذني. يلتفت إلى أبو نزاع ويسألني لماذا لا أبدو مبتهجاً. أرد بأنني في قمة الابتهاج وأنني سأصحبه خلال النصف الثاني من رحلته, ولا أنسى أن أرحب به في بلده الثاني مصر.
بلده الثاني.. هو لن يستطيع أن يفعل ما جاء لأجله في بلده الأول, فاستأجر بلداً ثانياً.. أعرف أنه لن يمكث في الفندق كثيراً. سرعان ما سيتخلص من عقاله وجلبابه الأبيض. بعدها سيذهب للهو مع الراقصات في شارع الهرم. وسيفعل ما يحلو له آخر الليل. ربما يكون قد نزل كي يتزوج من فتاة هنا.. يقضي معها عدة أيام ثم يتركها دون أن تحصل منه على شيء.
أبتسم له مرة أخرى.. "أهلا بك".
الأحمق الذي يقف أمامي يتكلم في الهاتف, ويسد طريقي, تحركت كل السيارات وهو في عالم آخر.. أستطيع الآن أن أرجع للخلف وأتخطاه عن يمينه فأسبه أو أخرج له يدي وأرسل له إشارة بإصبعي سيفهمها جيداً, لكن شيئا ما يمنعني. يحتاج المرء إلى الكثير من الغلظة وقلة الأدب كي يعيش في هذا البلد. حتى القيادة تحتاج إلى معجزة. ينبغي أن تلتف عن اليمين والشمال. وتركب الكباري وتنزل الأنفاق وتلف في الميادين كأنك تلعب السلم والثعبان.
- "الشوارع هنا غريبة".
أفتعل الاهتمام. ثم أسأله بلهجته:
- لماذا يا طويل العمر.
- لا أعرف.
أبتسم مرة أخرى.. بعدما تنتهي من لهوك ومجونك ستأتي كي تنال العقاب. سأنزل معك بنفسي وبتعليمات من الشركة سآخذك إلى أحد البازارت.. ستشتري الغث والسمين بأضعاف السعر الأصلي.. وسأقبض أنا في النهاية من مالك. سأقبض من جريك خلف الراقصات, ومتعتك مع بنات الليل, سأقبض.. سألت الشيخ في المسجد المجاور فأخبرني أنني مضطر, لكن شيئاً داخلي غير راض.
نظر إلي وقال بينما اهتزت ستارة دهنية تتدلى من فكه:
- آه عرفت الفرق. الشوارع عندكم ملتوية ومتشابكة وملتفة.. أغلب الشوارع عندنا مستقيمة.
هناك 14 تعليقًا:
هو احنا ممكن نعتبر غزارة الانتاج دي مؤشر لأيام طيبة و مود كويس ؟
:)
خذ المال و لكن لا تجعلني أتألم ..نظن أحيانا أن الأفضل ننأي بأنفسنا عن الألم ..و لولا بعض الألم .. ما كنا.....
مضطر !!
ألم تكن أرض الله واسعة ؟؟
انا حسيت بالقمع اوي .. و اني متضايقة ان واحد زي ده يقول على شوارعنا ملتوية و متشابكة :(
حتى لو صدق !!
الفراشات كانت أحلى .. ( كلام في سرك قريتها امبارح 3 مرات تانية :) )
هاهاها
والله أنا تحررت من ضغوط كتير يا آية كانت في حياتي وكانت مسببة ندرة الإنتاج. عندي أفكار كتير قوي نفسي أكتبها. بس الأفكار للأسف بتكتب نفسها. أنا باكتب لما أبقى عايز أكتب. بيبقى الموضوع عامل زي مولود جه دلوقتي
بالطبع انتي حرة تعتبري أي قصة من القصص أحلة من التانية. بس المقارنة بين الاتنين ممكن تكون ظالمة لأن الموضوع مختلف. شرف لي إني أتقري تلات مرات من واحدة مثقفة زيك
:)
بقراءتي لقصتك هذه كنت كمن عاينت مشهد حي في سيارة على كوبري 6 أكتوبر.. مشهد بصري مرأي كــامل
لقطة من الحياة على فكرة.. ولعلمك هما هناك شوارعهم مستقيمة حتى في الفســاد لكن إحنا عندنا لسه في شوية حياء.. الفساد لسه مبقاش عيني عينك
:)
أهلا تسنيم
والله عندنا الفساد برضه عيني عينك وممكن أذكر حوادث للصبح عشان أدلل على ذلك.. لكن أصل الناس الطيبين اللي زيك يا تسنيم مش بيبقوا واعيين للشر قوي. بتبقى نيتهم صافية.
بس إيه رأيك مش أنا عبقري
أنا بافكر أكتب بوست أسميه "قالوا عن الأديب الكبير (اللي هو أنا)"
ههههههههههه
والله ممكن أعملها
أنا ناس و طيبين؟؟
طب روح على بوست ديسابوينتد كده عندي واقرا التعليق اللي سايباهولي واحدة أنيموموس وإنت تراجع نفسك فيا
:)
قريت يا تسنيم..
مش عارف هي كتبت ليه كده. ربما تكون غيرانة منك قوي. هي لو تقدر تقول الكلام ده في وشك كانت قالته. ليه تعمله تعليق في المدونة. هي يظهر عندها نوع من النقص والإحساس بالدونية وهو ده اللي معذبها.
ما تزعليش.. انتي برضه طيبة
:)
يبقى أكيد الطيبة ليها تعريف تاني عندكم.. بما إنكم مصممين إن أنا طيبة
:)
:)
زي ما يكون فجأة شلت الغطا اللي كان حايش الكتابة... يعني أرجع من الجيش ألاقيك كاتب 3 قصص جديدة و15 بوست... ومطلوب مني ارد على كل ده؟!
الشوارع مستقيمة قصة حلوة بس حاسس فيها النبرة التقريرية عالية شوية.. وعلى فكرة أنا ملاحظ ان فيها نوع من النمطية في التعامل مع شخصية الخليجي، بمعنى انك تناولته من الزاوية الكاريكاتورية اللي دايما زانقينه فيها... بني آدم تخين بكرش وستارة دهنية تتدلى من فكه يبحث عن المتعة في القاهرة... استخدام الشوارع كمعادل موضوعي لاستقامة الحياة نفسها ظريف ومختلف.
في المجمل قصة جيدة
عود أحمد
أمال أنا باحبك ليه يا أبوة حميد؟ ما عشان الكلام الكبير ده
وسع يا جدع أحمد وصاااااااااال
ههههههه
عموما ممكن أعدل فيها يا ريس
:)
لا .. هو انا قريت عليك و لا ايه ؟؟
أين جديدك يا أستاذ ؟؟؟
و كنت لسه هسألك على أحمد ..لقيته حضر بذات نفسه .. و معموله هيصة في المكان .. :)
عود أحمد :)
هااا .. تكتب بقى ؟!
لا تؤاخذيني يا آية كنت مشغول. كان عندي تصوير. أصلي خلاص وصلت للعالمية ومش عارف أعمل إيه هاجيب وقت منين
:)
انا عارفة طبعا انك مفتقدني هنا، و باعتذر عن التأخير... اما عن القصة، فبعد الكلام المقوقز اللي قاله أحمد انا ماليش قول، بس كلام ف سرك معرفتي بالقصة اول مرة كانت حاجة تانية... سيبك انت، كانت غير، يا طويل العمر ;)
دايما رافعة معنوياتي يا إيزولد
بارك الله فيكي يا بنتي
:)
إرسال تعليق