أبريل 09، 2010

أرانب بشرية

تخيل معي أنك وضعت أرنباً (ذكراً) مع أرنبة (أنثى) في صندوق, ووضعت معهما قليلاً من العلف والبرسيم, في رأيك هل سيعترضا؟ هل سيصبح بينهما خلاف في يوم من الأيام على أي أمر أو مسألة؟ هل سيتوقف أحدهما عن الأكل يوماً لأنه زعلان من الآخر؟ هل سيترك أحدهما الصندوق غضباً من الآخر أو يطلب الطلاق؟ بالطبع لا..
بعض البشر يقتربون من مثال الأرانب هذا. هناك من البشر من يمكنه أن يتزوج أي شخص. في الحقيقة فإن هناك من الذكور من سيجد أن جميع الإناث تناسبه طالما كن من ذلك النوع الذي لا يمانع في أي ذكر. صدقوني لن يحدث بين هذين الأرنبين البشريين أي مشكلة طالما يرزقهما الله بالقليل جدا من البرسيم.
مسألة الزواج بالنسبة للكثيرين مسألة سهلة, فأي شخص يتوفر فيه قدر جيد من الوسامة والمقدرة المادية والوجاهة الاجتماعية يمكنه أن يصبح زوجاً.. وأي آنسة يتوافر لديها حد أدنى من الجمال والتعليم والمستوى الاجتماعي تصبح زوجة مثالية.
لكن حين يرزقك الله بعقل له وظائف أخرى ترقى فوق توجيه أعضاء جسدك لتحقيق غرائزك, حينها فقط ستشعر بالمشكلة, فأنت لن تستطيع أن تتزوج بسهولة, ذلك أن عقلك يضيق النطاق الذي يمكن أن تجد فيه شريكاً مناسباً ويحصرك في فئة واحدة. تعالوا نتخيل أن رجلاً يحب الرسم أراد أن يتزوج لكن زوجته المتوقعة لا تجيد سوى الطبخ والغسيل, هل ستصبح بالنسبة له الشريكة المثلى؟ حين سيتحدث عن لوحاته ستشعر هي أنه مجنون وأنه منغمس في غي عظيم, ربما ستحدثه عن حلة المحشي التي قضت النهار بطوله تلف في أصابعها, لكنها لن تستطيع أن تشاركه جانباً هاماً من حياته. حينها سيحدث بينهما انفصال جزئي, انفصال يجعلهما لا يتحدثان في هذا الجانب تحديداً, ويجعل كل من تستطيع الحديث فيه زوجة أفضل في نظر هذا الزوج.
الحقيقة أن عقولنا تشترك في تصنيفنا, بمعنى أن المال والطبقة الاجتماعية والوضع الاجتماعي والتدين والتعليم أشياء تصنف البشر إلى فئات, وتشترك معها المواهب والتفضيلات والميول والاهتمامات الفكرية والثقافية أو حتى الرياضية. وحتى تصل إلى الشريك الأمثل لابد أن تحصل على من يضاهيك في كل الفئات. فإن وجدت من يناسبك تماماً تنتقل إلى النقطة التالية, وأما إن لم تجده سيكون أمامك أمران, الأول أن تتخلى عن صفة واحدة لتوسع دائرة الاختيار, والثاني أن تتخلى عن الاختيار من الأساس. تخليك عن صفة واحدة سيجلب عليك بعض المتاعب لذا ينبغي عليك أن تحسبها أولاً, وتخليك عن الاختيار سيجلب لك نعيم الوحدة وجحيمها.
من ينتقلون إلى المرحلة التالية قد يصطدمون بأن الشريك المثالي للغاية ينقصه أمر مهم للغاية أيضاً.. إنه القبول.
التلاقي العاطفي أحد أهم المقومات التي يتم الاختيار على أساسها, لكنه يأتي بعد انتهاء العقل من التأكد من أن الشخص مناسب من الأساس. التلاقي العاطفي هو النصف الآخر الأقل أولوية في التفكير للزواج والأكثر أهمية في سني الزواج نفسها. فالعاطفة هي ما تجعل الشريك/الشريكة يرى أن اللقاء الجسدي أمر أقل أهمية, وينظر إليه على أنه وسيلة للاتحاد والتوحد مع الحبيب /الحبيبة لا غاية. العاطفة تجعل اللقاء الجسدي وسيلة للاجتماع بشخص تحبه وبنصف آخر أعز عليك من نصفك الأول. العاطفة هي التي تجعلنا نرتقي فوق المستوى الأول, مستوى الفروق التصنيفية للبشر, وهي التي تجعلنا بشراً وهي التي تجعل الحياة تستحق الحياة, وتجعل للأيام معنى وللزواج قيمة.
لكننا نعيش في مجتمع شرقي لن يسمح لنا دائماً بالتمهل في اتخاذ هذه الخطوة الأهم في حياتنا. وهو يضع بذلك اختيارين أمامنا, الأول أن نتزوج من أرانب وأن نثني أرجلنا ونخفض هاماتنا كي لا نصطدم بالسقف المنخفض للصندوق الضيق, والثاني تعرفونه جيداً.

هناك 5 تعليقات:

آيــة يقول...

يااااااااااااا دي الهم
يعني و بعدين يعني ؟؟؟؟
ما كده تعب قلب يا عمرو كمان و الله .. و الموضوع مش طالب اصلا ..

بص انا كنت لسه بكلم واحدة صاحبتي ف المنطقة دي ،و كنا بنتكلم ف ايه الحاجات اللي ممكن نتنازل عنها و ايه لا .. و كل واحدة بتقترح الحاجات اللي ممكن تضحي بيها .. بعد ما اتكلمنا قيمة ساعة و شوية

لقيتني بقولها .. فكك م الحوار ده ، و اسألي اي حد كان زيك ف يوم م الايام بس تجاوز المرحلة دي .. قوليله انت عملت ازاي ؟؟ و فكرت ف ايه ؟؟
هيتنح غالبا .. و يقولك : جت كده ، النصيب بقى ..
و ف الآخر
هتلاقي الناس بتتساوى اووووووي
ارانب بقى .. بط .. وز .. ضفادع

كله عنده همومه ، و اللي عايز يبقى سعيد .. بيعرف يعمل ده

مرحلة م الحياة و لا جايبة همها اصلا.. اف

ملحوظة :
الارانب بتتخانق على فكرة .. :))))

أسما يقول...

لا تعليق

ponpona يقول...

فقد مؤقت للقدرة عل التفكير :(
عقلي طار .. ان عاد سأعود

فهل يمكن أن أستمتع بالقراءة فقط !!

عمرو يقول...

تعرفوا بقى
وأنا باكتب البوست ده كنت ناوي يبقى ساخر بس الموضوع غلس لدرجة إني ما عرفتش
:)

منى ترجعي بالسلامة ولا يهمك
:)

محمد بحر يقول...

السلام عليكم

ده توارد أفكار بقى ولا ايه انا فى وقت كتابة البوست ده كنا نتناقش انا واتنين من اصدقائى فى نفس الموضوع بالظبط وبعد قرأتى المستفيضه لموضوعك اكتشفت ان كل شخص مننا ليه صندوقه الخاص بيه بيفصله على مزاجه ولكن فى النهاية كما قلت انت نحن فى مجتمع شرقى (وأضف عليه كمان عندنا مجتمع شرقى صعيدى) يعنى الاختيار بيبقى على أسس مختلفة كثيرا
وفى النهاية وبعد رحلة عناء طويلة أكتشفت أيضا ان الزواج ما هو الا مرحله قد تكون عند البعض أقصى طموحه
والبعض الأخر لكى يتخطاها لمراحل أهم كثيرا فى حياته (اذا هى مجرد مرحلة)
وبالطبع أنا أميل للحالة الثانية