المهذبون يلقون حتفهم
منذ ما يقرب من أربعين عاماً, سافر الألماني هوفستيد إلى الكثير من بقاع العالم بهدف واحد. كان هذا الهدف هو إجراء الكثير من الاستقصاءات التي تبين الاختلافات الجذرية في السلوكيات والصفات بين الثقافات. وكانت نتيجة هذا السفر الدائب أن خرج الرجل بعدة نتائج أطلق عليها "أبعاد هوفستيد الثقافية".
ومن أهم الأشياء التي تعرض لها هوفستيد هو التعامل مع السلطة. أي كيف تتعامل الشعوب المختلفة مع أصحاب النفوذ بها؟ وقد صنع لهذا الغرض مقياساً سماه مؤشر حاجز السلطة (هكذا أحب أن أطلق عليه, بينما يفضل البعض أن يطلقوا عليه مقياس استعلاء السلطة). تبين للرجل أن هناك شعوب ترضى بالخنوع, وتحب أن تبتدع تقسيماً هرمياً سلطوياً دقيقاً ومحدداً. بينما تعتبر شعوباً أخرى السلطة أمراً مخزياً, بل ويلجأ أصحاب النفوذ في مثل هذه المجتمعات إلى عدم الحديث عنها أو التطرق إليها.
يشير الألماني هوفستيد إلى دراسة سابقة شملت عدة مصانع في فرنسا وألمانيا. حيث تبين أن الفرنسيين أكثر تمسكاً بوجود تسلسل هرمي يحكم الأمور عندهم, وأن 26% من العاملين في المصانع الفرنسية محل الدراسة كانوا يشغلون مناصب إدارية وكانت أجورهم باهظة, بينما كانت النسبة في ألمانيا 16% فقط وكانت الأجور أقل بكثير.
يعزو مالكوم جلادويل في كتابه Outliers الكثير من حوادث الطائرات إلى ارتفاع مؤشر حاجز السلطة في الثقافة التي أتى منها الطيار ومساعده مما يعوق التواصل بينهما. بل إنه يشير إلى أن الطائرة تكون أكثر أمناً حين يتولى القيادة مساعد الطيار وليس الطيار نفسه. ذلك أن المساعد (في البلدان ذات مؤشر حاجز السلطة المرتفع) يتحرج من أن يقول للطيار إنه أخطأ في كذا أو كذا, ويلمح بدلاً من أن يصرح, وتكون نتيجة ذلك في كثير من الأحيان تحطم الطائرة.
هذا يعني أن الثقافات التي أرضعت مواطنيها الخنوع, أو على الأقل الاحترام المطلق للسلطة لا يمكن لصناعة الطيران فيها أن تستقر. ضرب مالكوم الكثير من الأمثلة على زيادة حوادث الطائرات التي تنتمي لبلاد بعينها تقع في قمة مقياس حاجز السلطة ومنها كولومبيا وكوريا الجنوبية. الجميل في الأمر أن هذه المشكلة تم حلها بواسطة شركات الطيران من خلال تدريب مساعدي الطيارين على الاعتراض!
الواضح أن البلاد التي تربي مواطنيها وتهذبهم كي يخرجوا أبناء صالحين مطيعين هي أول من يتضرر حين يخطئ القائد ويضل فلا يصححه أحد. وحين يضل القائد تضيع البلد. دائماً ما أكرر في نفسي مثلاً يابانياً قرأته قبل سنتين: "تتعفن السمكة من رأسها".
وأنا أقول ريحة العفن دي جاية منين. :)
هناك 13 تعليقًا:
:(
عارف جهاز رسم القلب لما يرسم خط مستقيم و تسمع صوت صفارته؟ انا مخي كل الاشارات فيه دلوقتي تحولت لخط مستقيم و سامعة صوت صفارة متصل سادي، و شامّة ريحة العفن...
امممممممم
بس مش معنى كدة اننا نسيب السمكة تتعفن كلها..معرفش ازاى بس ممكن ننقذها..مبحبش مقولة ما هى بايظة هعمل ايه يعنى
فى واحد صديق..او كان صديق..الشخص دة كان جامد فى كل حاجة بالمعنى الحرف للكلمة..مفيش حاجة بتعدى على دماغه من غير ما يبرع فيها
بعد شوية لقى نفسه بيتعب..قالك البلد حالها مايل وخسارة اتعب نفسى..
عارف..النجاح فى اى حتة ممكن جدا وعشان كدة النجاح فى بلدنا ليه طعم مختلف
أهلا إيزولد
ليه يا بنتي بس. هو أنا قلت حاجة غلط لا سمح الله
إنجي
مين جاب سيرة مصر؟ آه عشان يعني السمكة وراسها وكده.. لا أنا كان قصدي كولالامبور
بعد الشر علينا يا أختشي
:)
انا بسجل اعجابى بطريقة السرد
:)
حلوة السحبة دى من دراسة عاملة مش عارف مين دا .. لمقارنة بين فرنسا والمانيا .. لحوادث الطيران .. للمثل اليابانى .. :)
بجد هايل ...
بالنسبة للسمكة بقى .. فاكيد هيا اللى غلطانة .. حد قالها يكون عندها راس اصلا ؟؟
تحياتى .. بوست حلو
أهلا حياة
أنا النهاردة الفجر كده صحيت وزرت مدونتك على فكرة.. بس مش عارف ليه ما علقتش.. لكن مؤكد لما تنزلي جديد هاعلق.
بالنسبة للتدوينة فأن فكرتي عن التدوين أساسا إنه تداعي أفكار
:)
شرفتيني
" المهذبون يلقون حتفهم ...."!!!!!.=
" إللي إختشوا ماتوا ......."!!!!..
أحترم العقلية اليابانية والألمانية ؛ فهم شعوب إستطاعت أن تتحدي ويلات الحروب والدمار الذي خلفته .
* بالصدفة أقرأ الآن كتاب قديم ورقه أصفر " لأنيس منصور" بعنوان " أنت في اليابان " إنها بلاد تستحق الإنحناء تعظيما لشعبها العبقري ....؛؛
نهارك سعيد يا بروف .
ديدي
نهارك أسعد يا ديدي
حلو الكتاب ده؟ لو حلو مدي إيدك في الشاشة وناوليهولي
:)
انتو شكلكم كده هتودونا ف داهيه وانا مش معايا بطاقه وماشيه بكارت ميناتل
ههههههههههههه
الله عليكم لما تقعدوا تفننوا كده وانا مش هنا
عمور باشا
مالها كوالامبور..ماهى قاعده اهى ومستمتعه بافلونزا الخنازير وميت فل وعشره..وكل العجايب فيها..وعلى راى احد الجهابذه..ان خرب بيت ابوك خد منه طوبه..وادينا كل واحد مستنيه ياخد الطوبه
هههههههههههه
بالنسبه لريحة العفن..فى معطر جو جامد جدا هشوفلك اسمه..تشمه وتروح ف دنيه تانيه..زى احمد حلمى ف فيلم جاكى شان اما كان يشم جزمته وينام
ههههههههههههه
ولا ارانى الله مكروها ف عزيز لديكم
ويبقا انت اكيد فين
ف كوالالمبور
يابنات وحشتونى والله نفر نفر وفرد فرد
ايزولد وانجى وديدى وعلياءوفاطمه وبونبونه اللى دايما بتسال عنى فيها الخير
وهبهوبتى معلش الدنيا تلاهى ومحدش يزعل منى..ومعلش يا استاذ عمرو مخدتش بالى ان حضرتك نزلت كل البوستات اللى فاتت دى...متيهالى فاتنى واحد او اتنين..هروح اقرا واعلق..
"تتعفن السمكة من رأسها".
الله
مثل معبر جدا جدا
فانا هنا اسجل اعجابى الشدي ببلد اليابان
بدْا من التقدم والتكنولوجيا
مرورا بالطبيعه الساحرة
والريف اليابانى الجميل
وانتهاءا بالكلمات القليله التى تعبر عن الكثير
مقال موفق
وعنوان معبر
فى انتظار المزيد :)
واحدة من الناس
ولا يهمك المهم انك بخير
هبة جمال عمارة
رغم إني ما سمعتش قبل كده عن مصطلح الريف الياباني لكن أنا كمان باحب اليابان
:)
كنت باجى اقرا لكن مش عارفة ليه مش عرفت اعلق ... المهم البوست دا حلو اوى اولا طريقة العرض للفكرة حلوة ثانيا لانى ماكنتش اعرف مؤشر حاجز السلطة دا ميرسى يا عمرو
المهذبون لا يلقون حتفهم وحدهم، وإنما بيشدوا عباد الله الغلابة معاهم أيضاً..
في حالة الطيارة، ممكن فعلاً أن يكون مساعد الطيار مهذباً لدرجة إنه ما يقولش للطيار "إنت ها تسوحنا"..
أما في حالة السياسية، فإن مساعد السياسي لا يمتنع عن توجيه رئيسه لأنه مكسوف منه، ولكن لأنه "أبيض" وما بيفهمش، علشان زي ما إنت عارف ده أهم شرط في اختيار المساعدين..
وتعرف الأسوأ من اختيار المساعدين اللي ما بيفهموش إيه؟ اللي فاكر نفسه "فتك" لدرجة إنه ما بيختارش مساعدين أصلاً.. :)
إرسال تعليق