سبتمبر 26، 2010
سبتمبر 25، 2010
من التاريخ السري لعمرو السيد
سلسلة النحس - الحلقة الأولى
كان هذا صوت البنطلون الذي ألبسه وهو ينقطع في مكان حرج ومحرج أمام باب شقتي الذي لا يريد أن ينفتح.
المكان: سلم العمارة
الزمان: الرابعة فجراً
الحدث: مصيبة
لنعد قبل هذا الحدث بساعات قليلة.
في محاولة مني لاستصلاح الحياة, قررت أن أتناول الطعام في أحد المطاعم الفاخرة, وأن أذهب للسينما, وأعود بعد أن أشرب الكثير من العصائر والمشروبات الباردة وبذا أكون قد عشت حياتي كأي أعزب يعيث دون هم. والحقيقة أنه لولا تديني لفكرت في اصطحاب “مزة” إلى البيت وفي شرب الكثير من الجعة (بتتقال كده في الأفلام الأجنبي, قال جعة قال ههههههه).
ومثل أي عميل بريء ذهبت إلى المطعم وانتظرتهم كي "يعبروا أهلي" لكن أحداً لم ينظر إلي. أوقفت أحدهم فأخبرني أنني المخطئ وأن علي أولا اختيار الأسماك التي سآكلها. في تململ واضح, ذهبت إلى القسم الخاص باختيار الأسماك, أنا عادة لا أحب اختيار أي شيء, حتى أنني لا أحب شراء الملابس لهذا السبب ومع حالة الاكتئاب التي أعيشها فليس من المعقول أن أختار.
أسحب قدمي بينما أقول في نفسي “من فضلك أخبرني بأنه لا يوجد طعام, أو أنني غير مرحب بي هنا, لكن لا تخبرني بأن علي أن أختار وأحتار, ليس لدي طاقة نفسي لذلك”..
:(
بشيء من القرف وبكثير من اللامبالاة قلت للبائع إنني أريد أن أتناول وجبة جيدة فقط وإنني لا أريد أن أرهق نفسي بالتفاصيل. فإذا به "يستندل" ويتركني لمعاناة الاختيار. حسناً أشرت إلى بعض الجمبري وسمكة كبيرة من البوري, جاء آخر وأخذ يسألني أسئلة كثيرة عن الطريقة التي أفضلها كي يعدوا لي هذه الأسماك:
حضرتك تحب الجمبري مشوي؟
طيب هي إيه الاختيارات التانية؟
اللي تحبه حضرتك يا فندم
أي حاجة..
طيب السمك سنجاري ولا مشوي ولا...
اللي تشوفه
لا اللي تحبه حضرتك يا فندم.
حضرتي عاوز ياكل مش عاوز يرد على أسئلة. أوففففف
بعد ساعة جاء الطعام, شوربة الجمبري كانت باردة, والجمبري لم يعجبني والسمكة البوري كانت بلا طعم.
حسناً لن أشتبك معهم, أنا لا أريد أن أعكر صفو ليلتي, لننطلق إلى السينما.
المقعد المجاور لي لم يكن مقعداً بالمعنى الكامل, لكنه كان صورة مصغرة من غرفة نوم مكشوفة, حيث الفتى لم يترك جزءاً في فتاته لم يلمسه, تشتت نظري بين الفلمين, ذلك المعروض على الشاشة, والآخر الذي يعرض بجانبي, ثم أخ, يده تلمسني أنا. يا وقعة أهلك المطينة..
- أنا آسف.
قالها بينما رأسه تواجه الفتاة, ورغبة قاتلة داخلي تدفعني إلى العمل لصالح قناة ميلودي لوقف قلة الأدب وتحدي الملل. في المقعد الذي يليني من الناحية الأخرى كان "الكابل" مهذب للغاية, فكان الولد رومانسي بشكل "ينقط" ولم يكن هذا وقتاً مناسباً أبداً لكل هذا.
الفيلم لم يكن يستحق المشاهدة, مرة أخرى الكثير من الوقت يضيع في محاولة مني للخروج من أزمتي لكن دون جدوى, سأعود إلى البيت.
أمام باب الشقة المفتاح لم يدر في القفل, جربت مرارا وتكرارا, ربما يحتاج القفل إلى تزييت. كانت الساعة الرابعة فجرا (لأنني خرجت من حفلة منتصف الليل), مشطت الشوارع بحثاً عن جراج أو بنزينة, كنت أوقظ العامل في الجراج فيغتاظ ثم يعود إلى نومه ولا يعطيني زيتاً ولا جازاً ولا بنزيناً, مشيت مسافة طويلة قبل أن أجد بنزينة. ثم عدت إلى المنزل.
أخذت أزيت المفتاح ثم أدخله, كررت هذا مئات المرات, لكن القفل ظل عنيداً. قررت أن أفتح الباب عنوة, بقدمي ركلت الباب, ثم بكتفي, صوت ارتطامي بالباب مرتفع بما يكفي لأن يسمعه الجيران, وهم لا يعرفونني لأنني ساكن جديد. سيتأكدون من أني حرامي, وسيأخذونني إلى قسم البوليس, الكثير من الأفكار تعتدي على عقلي.
لا يهم, لا يهم.. ركلة أخرى ثم.......
تششششششششششككككك
انقطع بنطلوني..
يا فضيحتي.
وقفت أمام الباب, بمفتاح صدئ لا يفتح, وبنطال مقطع, وعقل شارد, لماذا يحدث هذا كله لي؟ فكرت في أن أبيت ليلتي عند أحد أخوالي الذين يقطنون في نفس المدينة, لكن ماذا سيقولون حين يرونني ببنطلون مقطع أدخل بيتهم في الفجر, ماذا سيظنون.. يا فضيحتك يا عمرو يا سيد.
هنا فقط اسودت الدنيا بشكل قاتم, وقررت أن أفتح الباب, كان تصميمي كبيراً هذه المرة, فركلته بكل ما لدي من قوة حتى انفتح.
في غرفة نومي, تجردت من ملابسي, فقاعات شوربة الجمبري الباردة كانت تتصاعد بينما إحساس كبير بالاكتئاب يتملكني.
عاااااااااااااااااااااااااااااااااااا
سبتمبر 22، 2010
Love callin' out to the broken
Seems like you're fighting for your life, wh
But why? oh why? wh
Wide awake in the middle of your nightmare, wh
You saw it comin' but it hit you outta nowhere, wh
And there's always scars wh
When you fall that far wh
We lose our way, wh
We get back up again wh
It's never too late to get back up again, wh
One day you gon' shine again, wh
You may be knocked down, wh
But not out forever, wh
It's never too late to get back up again,wh
سبتمبر 21، 2010
رمضان
ضاع مني..
لذا فأنا أشاهد فيديو الصلاة الملحق بحسرة شديدة, وأدع بدعاء عمر طاهر: ”اللهم إني أسألك الجنة بلا عمل عملته، اللهم إن كنت عصيتك فقد تركت من معاصيك أبغضها إليك وهو الإشراك بك، وإن كنت قصرت عن بعض طاعتك فقد تمسكت بأحبها إليك شهادة أنك الواحد وأن رسلك جاءت بالحق عندك لا نفرق بين أحد من رسلك، اللهم لا تحرمني خير ما عندك بسبب شر ما عندي، اللهم لا تكلني إلي نفسي أو إلي الناس فأضيع”.
الدعاء من مقال لعمر طاهر بعنوان “بالنيابة عن المسلمين الجدد” نشر في الدستور .
سبتمبر 17، 2010
My mood
من غربة المصب
إليك: يا حبيبتي الاميرة
الأغنية الأولى
مازلت أنت.....أنت
تأتلقين يا وسام الليل في ابتهال صمت
لكن أنا ،
أنا هنـــــــا:
بلا (( أنا ))
سألت أمس طفلة عن اسم شارع
فأجفلت..........ولم ترد
بلا هدى أسير في شوارع تمتد
وينتهي الطريق إذا بآخـر يطل
تقاطعُ ،
تقاطع
مدينتي طريقها بلا مصير
فأين أنت يا حبيبتي
لكي نسير
معا......،
فلا نعود،
لا نصل.
من قصيدة خمس أغنيات إلى حبيبتي
أمل دنقل
سبتمبر 13، 2010
عيد!
في ليلة العيد كانت مشاعر مختلفة تتدافع داخلي مثل ذرات غاز تدفع بقوة جدار بالون كبير. كنت أشعر بأن شيئاً ما ينفجر داخلي ويتفتت, لكنني لم أظهر هذا لأحد ولم تلحظه سوى أمي التي كانت لأيام ترى وجومي وتبكي قائلة بأنني سألحق بأبي الذي مات مكتئباً, ثم تذكر لي أحلامها التي ترى فيها أبي وقد بني لي بيتاً وزينه.
كانت سماعة الطبيب قد تركت إحساساً ثابتاً بالقشعريرة بينما كانت تتحسس صدري ثم ظهري. الكثير من التفاصيل تتنازعني, رقدت في السرير راغباً في الانتهاء, باحثاً عن يد أبي في البعيد, رأيته مع جدي وجده وجدتي السر وجدتي سيدة, كان مبتسماً بأسنان لامعة البياض وكان الهواء يحرك جلابيبهم وسط بخور كثيف. حين انتبهت, لاحظت أنني لم أسمع تكبيرات العيد ولم أصل صلاته للمرة الأولى في حياتي.
على الرغم من كآبة الليلة إلا أن ضوء الصباح كان مبهجاً. بدأ شعور بالفخر يغزوني بينما كنت أفكر, فقد أدركت أنني أنكسر لأن لي قلباً. كان النفس لايزال ثقيلاً, لكنني شعرت به أخف.
ربما نحن نولد من جديد.. هكذا قلت لنفسي
المواليد الجدد فقط هم من يشعرون بألم أثناء التقاط أنفاسهم, فتنطلق أفواههم باكية كأن ميلادهم لن يكون يوماً يحتفلون بذكراه كل عام. أمنت أختي على كلامي بينما لم تستطع أن تخفي فرحتها بأنها أخيراً وبعد طول انتظار ستعطيني حقنة في العضل, سحبت من أرجاء الغرفة أنفاساً ثقيلة واستبدلتها بضحك فكانت ضحكاتها مصدر سعادة لي.
سبتمبر 07، 2010
وصف مصر
بمجرد أن دلفت إلى التاكسي استدار لي السائق وقال بصوت مرتفع: "اوعى تكون فاكر إن البلد دي فيها حكومة.. الحكومة دي علينا مش لينا".. كان الرجل متوتراً بعض الشيء أشار إلى عسكري المرور وقال إن الضابط "بيقسم معاه في الأبيب". ثم لم يسكت سوى بعد أن حكى لي عما أعرفه جيداً من أحوال البلد.
والحقيقة إن ما يفعله عسكري المرور وضابطه هو ما يفعله أغلب الشعب المصري إلا من رحم ربي. فالكثير من أصحاب السلطة يأخذون باليمين ما يخفونه عن الشمال, وما أكثر من ينهبون أموال الحكومة من موظفين صغاراً كانوا أو كباراً إلى الدرجة التي يمكنني أن أقول فيها وبقلب مطمئن إن رئيس الدولة هو أشرف موظفيها على الإطلاق, فالرجل لم يختلس ولم يدلس, ولم يداري نفسه عنا كما نفعل, كل ما يفعله هو أنه يعمل على توريث البلاد لابنه, في النور, ودون وجود من يستطيع أن يوقف خططه. كثيراً ما سمعت من الناس عما يفعلونه هم أنفسهم بأموال البلاد. عن الإيصالات التي يتم تسويتها وعن الميزانية التي لا تنفق ولا تعود, وعن العشرة في المائة التي يتقاضاها الكبار نظير التضييق على المنتفعين.
أنا أرى أننا كشعب ينبغي أن نختشي على أنفسنا وألا نتحدث عما يحدث من إهدار لموارد بلادنا إن كنا كبارا وصغارا نقوم بهذا كل يوم. كما لا يمكننا لوم السيد الرئيس على توريثه مصر لابنه, فشعبنا يورث المهن لأبنائه بشكل مستمر (يعني هي جات على الريس؟). فالمستشار يرى أن المكان الطبيعي لأولاده هو المحكمة, وأساتذة الجامعة وزعوا اقطاعيات فيما بينهم وهم يورثونها كل يوم لأبنائهم. إننا كشعب يبدد نفسه أولا قد لا يكون لأغلبنا الحق في الاعتراض على التوريث.
وأنا أرى أن لجمال مبارك الحق الكامل في الحكم إن اختاره الشعب, لكنني بذلك لا أنضم إلى صف سعد الدين إبراهيم, بل على العكس, أنا أنضم إلى صف العقل, فنحن لا نختار المرشح بناء على قرابته أو بعده من الرئيس السابق ولكن بناء على برنامجه الانتخابي, وأنا على الرغم من تأييدي الكامل لبيان التغيير إلا أنني سأرشح جمال مبارك لو كان برنامجه الانتخابي أفضل من غيره!
وربما يكون من الأفضل أن نعترف أمام أنفسنا بوجود احتمالية كبيرة لأن يؤول الحكم في النهاية لجمال مبارك بغض النظر عن صلاحيته للحكم وبغض النظر عما سيقدمه في برنامجه الانتخابي. فالرئيس مبارك لديه قدرة غير عادية على تنفيذ ما بعقله دون أن يعترضه أحد, فلا تستطيع المظاهرات أن تهزه, ولا المقالات الصحفية ولا الامتعاض البادي في العيون. تأمل قدرة الرئيس على إيقاف الإخوان المسلمين عند حد معين لا يستطيعون معه الاعتراض أو التسليم, وقدرته على إيقاف نمو أي قضية حقوقية دون أن يؤلب نفوس المطالبين, وقدرته على إعطاء حوافز وزيادات افتراضية لموظفي الدولة يتصبرون بها ويدعون لسيادته بينما لا يجدون لها أثراً في الواقع الحقيقي, وبراعته في التعامل مع المسألة الفلسطينية بشكل لا يجعلنا طرفاً فيها ولا يخرجنا منها. لدى الرئيس براعة غير مسبوقة في إبقاء الأحوال كما هي دون حراك, وفي تغطية مياه البركة الراكدة بشكل لا يسمح للأحجار بالوصول إليها.
في البداية, عندما عاد جمال مبارك من عمله في بنك أوف أمريكا, أعلن الرئيس أن ابنه سيعمل في "البيزنس" وأنه لن يعمل في السياسة, ثم تم تعيينه رئيساً للجنة السياسات في الحزب الوطني, ثم تغيرت سياسة الحزب لدعم "الشباب" تحت شعار الحزب الوطني "فكر جديد", ولا يخفى على أحد أن الفكر الجديد كان فكر ابن الرئيس وأن الشباب هم في الأصل شاب واحد فقط.
لكن السيد جمال مبارك يخطئ لو تصور أن حكم مصر سيكون نزهة خلوية وأن الأمور ستمشي معه "حلاوة" كما هي مع والده. فالجقيقة أن من سيحكم مصر بعد الرئيس مبارك سوف "يشيل الطين", إذ أن السفينة التي كنا نخشى من غرقها غرقت واللي كان كان. فمع نجاح التجربة الروسية في التخلي عن قناة السويس بجعل ناقلة الغاز بالتيكا تبحر عبر القطب المتجمد إلى الصين, الأمر الذي أدى إلى توفير عشرة أيام في رحلة سفرها وتوفير الآلاف من الدولارات بشكل يدعو بقية الدول إلى أن تحذو حذو روسيا, ويعد المشكلات المتوالية التي نعيشها في القمح والكهرباء, وبعد الارتفاع المهول في أسعار السلع الأساسية, وبعد المشكلة الفادحة لمياه النيل, ومع خطر غرق الجزء الشمالي لمصر خلال السنين القادمة في مياه المتوسط, نستطيع أن نقول بقلب غير مطمئن هذه المرة, أن من سيمسك بزمام السلطة في هذا البلد لن يستطيع أن يحكمها لثلاثين عاماً أخرى, وأن مصر جابت آخر ما عندها, وأنها تحولت لعجوز هرمة لن تستطيع البقاء طويلاً.
إن الفضائح الثقافية المتوالية التي كان آخرها فضيحة سرقة لوحة "زهرة الخشخاش", والفضائح الزراعية التي يذل بها هذا الوطن من مبيدات مسرطنة وري بمياه الصرف وغيرها, والفضائح الصحية التي تبدأ بمخالفات العلاج على نفقة الدولة وتنتهي بجمع التبرعات لمستشفى قومي تموله الحكومة, يجعل جملة سائق التاكسي صحيحة مائة بالمائة.
والحكومة على قدر غيابها عن التصدي بإحكام لهذه المشكلات, فهي تلعب دوراً ساخراً لا يليق. فوزير الكهرباء يقترح إطفاء نصف أنوار الشوارع للتخفيف من أزمة الطاقة, ووزير البترول يعلن ازدياد الاحتياطي من الغاز والبترول ووصوله إلى معدلات قياسية بعد ما تردد عن احتياج مصر للغاز واحتمالية استيراده من إسرائيل بعد توريده لهم وبأضعاف الثمن, وهو تصريح يسخر من عقلية المواطن, ويسفهه.
المشكلة أننا في هذه الأيام التي ينبغي فيها أن نعمل لتلافي أخطار كارثية ستبيدنا خلال ثلاثين عاماً على الأكثر, ننشغل بإمضاء توقيعات لترشيح البرادعي وبحملات لحض جمال مبارك على ترشيح نفسه في مسرحية هزلية لا يمكن لشعب في العالم أن يمثلها بهذا الإتقان, ناهيك عن الانتباه إلى قضايا هامشية والتلذذ بمتابعة مسلسلات الفضائح بين أشخاص مثل وزير الثقافة فاروق حسني ووكيلها محسن شعلان!!
سبتمبر 06، 2010
الوجه المبهج للألم..
هذه هي المرة الخامسة التي أحاول فيها الكتابة, لا أدري متى أصبحت مثل ساحر فقد قواه السحرية, فكلما لوح بعصاه وقال "جلا جلا" لم يحدث شيء, لا أعلم متى فقدت القدرة على الكتابة والدعاء والبكاء والتنفس والكلام, فتحولت إلى قطعة اسفنج تصلبت بعد أن شربت الكثير من الألم.
حكت لي أختي قبل عامين عن أم خالد المرأة الأمية التي كانت تصلي بجانبها والتي لم تقرأ أي شيء من القرآن في قيام ولم تسبح في ركوع أو سجود, هي فقط كانت تدعو الله أن يرزق خالد لأنه "غلبان وبيجري على اخواته" وأن يرزق ابنتها بابن الحلال الصالح, ثم كانت تبكي كلما دعت بأن تحج, ربما لعلمها بأن هذا أمر بعيد المنال, أو ربما لاشتياقها الشديد.
والحقيقة أنني اليوم أحسد أم خالد, وأتمنى لو أصبح مثلها فأقول لله كل ما يوجعني وأن أسأل دون أن يردني ذلك الشعور القاتم الذي تكون داخلي بأن الله لن يستمع لي ولن يستجيب.
في دعاء القنوت كان الشيخ يدعو بأن يشفي الله مرضى المسلمين وأن يرد دين المدينين ويفرج هم المكروبين. تبادر إلى ذهني أن هذا الدعاء الذي يردده كل شيوخنا تقريباً لو قيل في ساعة استجابة أو لو قاله رجل صالح وحيد لما تبقت لدينا أي مشكلات تقريباً, وأن الله لو يستجيب لما كان الحال كما الحال!
كنت في الماضي أصلي وأجهش بالبكاء كلما صفعتني الحياة, لكنني اكتشفت هذه الأيام أن البكاء قدرة لدى البشر, وأنه نعمة لا يرزقها الله للجميع, فذلك الشعور القاسي بداخلك لم تعد الدموع قادرة على التعبير عنه, لذا فأنت تضحك بصوت أعلى من ضحكتك المعتادة, وتشغل نفسك بأشياء تافهة وخروجات ليس لها هدف, كما أنك تهتم أكثر بمظهرك كي تعلن للجميع أنك سعيد.
قطعة اسفنج حجرية..
أعلم كل ما سيقوله البعض عن الدعاء وأحفظه, بل وأردده لنفسي كثيراً, أعلم كل شيء, لكن لكل منا جزء لاواعي لا يدرك مثل هذه الحكم العبقرية.
البكاء قدرة لدى هؤلاء الذين يعلمون أنهم حين يبكون سيجدون من يمسح دموعهم, ومن يفكر في حلول لهم, بل ويشارك في تنفيذ الحل. في دور الأيتام, لا يبكي الصغار عند الجوع أو العطش, بل يصمتون فهم يعلمون جيداً أن البكاء ليس وسيلة للتأثير على المشرفات اللاتي نسين واجبات عملهن, وأن الطعام لن يأتي بهذه الحيلة. هكذا أنا, أعلم أنني إن بكيت فلا شيء سيحدث سوى أنني سأتحول إلى كيان ضعيف مستكين تتلاعب به الأيام والسنون.
بين الكثير من علامات الاستفهام والكثير من المثيرات المؤلمة تصبح الكتابة معجزة لا يرجى تحققها, أمتنع أيضاً عن الكلام لأن ما أريد الحديث فيه لا يهم أحد ولا ينبغي أن يسمعه أحد, وما يتحدث به الآخرون لم يعد يهمني, ومع هذا الصمت يعبر الجسد عن تألمه بأشكال أخرى غير البكاء, وأنا جسدي يمتنع عن التنفس في أيام الألم, تعبير جيد يظهر المعنى ويقويه, تعبير جيد يستحق جسدي عليه مكافأة كبيرة.
أفكر أن… جلا جلا
لابد من وجود وجه إيجابي لكل ألم..
جلا جلا
لا يوجد موت, لا يرحل الراحلون عنا, هم يرحلون عن الناس من حولنا ليسكنوا داخلنا, فنتقمص أفعالهم, ونسترجع مواقف دارت معهم ويصبح كلامهم أكثر وضوحاً وأشد وقعاً. لا يرحل الراحلون الذين نحبهم..
جلا جلا
الألم صديق الحب..
لا تكتمل قصص الحب الجيدة سوى حين تنتهي نهاية مأساوية وموجعة بين طرفين لم يكن لهما قصد في التعرف على بعضهما, ولم يكن لهما يد في الانفصال. فيذوبان في عقل كل منهما, تذوب الشخصيات والأفعال وأخطاء الماضي ويتحول كل منهما إلى فكرة مرتبطة باسم يتردد على العقل, اسم يجلب معه البهجة الممزوجة بالألم.
جلا جلا..
أنت لم تكن مجنوناً, ولا عبيطاً ولا حالماً, ولم تعد أي شيء, ولم تعد تشعر بشيء, ربما يكون هذا أفضل كي تواجه حياة وحيدة طويلة قاسية.
جلا جلا..
لا بكاء, ولا دموع, ولا تنفس..
جلا جلا.. جلا جلا.. جلا جلا
كتبها عمرو الساعة 2:14 م 11 تعليقات