مايو 30، 2008

حي الفئران

نعم هو موروث شعبي عندنا في مصر.. فالمخطئون عادة ما يوضعون في غرفة الفئران. حتى وقت كتابة هذه السطور كنت أتصور أن يتكلم أحدهم عن وضع طفل في غرفة الفئران أو لنقل طفلين على أقصى تقدير, لكن أن يحاول أي ما يكون أن يقنعني أن شق الأمة موضوع في حي للفئران فهذا أمر لا أفهمه.
شاهدوا معي الفيديو التالي والذي يصور المسلمين الوحشين الذين وضعوا المسيحيين المسالمين في حي الفئران أو حي الزبالين كما يفضل أن يطلق عليه الفيلم



أعترف أن هناك تمييزا عنصريا يمارس ضد المسيحيين في مصر.. لكن هذا التمييز لا يخرج من عباءة الدفاع عن مصر إسلامية إنما هو تمييز لحفظ مصالح النظام.. إن الإضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون إنما هو إحدى صور البهدلة التي يتعرض لها المصريون بشكل عام. فكلنا في الهم سواسية.

مايو 28، 2008

أن تعيش لتحزن


أعرفه جيدا حين يأتي. صرت خبيرا به وصار صديقا مخلصا. هو ذلك الحزن المخملي الرقيق القوي يتسحب على صدري آخر الليل, يطبق عليه فيشغلني عن الحر في الصيف ويدفئني في برد الشتاء.

ربما تقولون عني بعد قراءة الكلمات السابقة إني شخصية ماسوشية محبة للألم وتعذيب الذات لكن هذا غير صحيح على الإطلاق. فأنا لا أحب الحزن لكنه يعشقني ويلازمني وينام إلى جواري كل ليلة. نعم وهو لا يفعل هذا إلا مع العظماء من أمثالي. اقرؤوا معي تميم البرغوثي
أنا عالم بالحزن منذ طفولتي ... رفيقي فما أخطيه حين أقابله
وإن له كفا إذا ما أراحها... على جبل ما قام بالكف كاهله
يقلبني رأسا على عقب بها ... كما أمسكت ساق الوليد قوابله
ويحملني كالصقر يحمل صيده ... ويعدو به فوق السحاب يطاوله
فإن فر من مخلابه راح هالكا ... وإن ظل في مخلابه فهو آكله

الأسبوع الماضي أعطاني أستاذي عنتر صيلحي دراسة بعنوان "رجال حول مائدة الأدب" وهي تحكي سيرة حياة أربعة من أدباء اللغة الإنجليزية هم يوجين أونيل وجون كيتس وويليام ورثوردس وإدجار آلان بو. بعد قراءة الدراسة دار في عقلي الكثير حول علاقة الألم والحزن بقامة الأديب وحرفيته.. وانتهيت إلى أن الحزن صديق العظماء وعلى قدر عظم المرء تكون قوة الصداقة

فإدجار آلان بو عاش حياته مهاجما من كتاب جيله والنقاد ومات مخلفا أدبا لا حصر له لكن حياته على المستوى الشخصي كانت أشبه بمسرحية تراجيدية أو فيلما هنديا. حيث ولد يوجين لأبوين ممثلين ماتا وهو في نعومة أظفاره وعندما شب أحب بشدة ابنة عمه فتزوجها لكنها أيضا ماتت وتركته يقاسي ألم الفقد. ظل آلان بو يبحث عن الحب ما تبقى من حياته وظل يبحث عن حبيبته بين النساء ثم وجد في أحد شوارع باتليمور يهذي ومات في المستشفى وهو يقول "إلهي خلص روحي المعذبة"

أما كيتس فمات عنه أبوه وهو في التاسعة ثم أمه بداء السل فلم يجد في الدنيا شخصا محبا إلا أخيه الذي مات أيضا بنفس المرض .. يتخبط كيتس في البداية ثم يبحث عن الحب ويجده في المنزل المجاور ليموت تاركا الدنيا وعذابها

لن أتكلم عن ويليام ورثوردس فالرجل عاش مرفها لكن كل متارف حياته انقلبت عليه في النهاية ليعيش مأساة حقيقية يموت بعدها حزنا. أما يوجين أونيل فهو معشوق الحزن الأول. حيث ولد الرجل لأم بخل عليها زوجها بمسكن وطبيب مجيد فكان أن ولد يوجين في غرفة بفندق على يد طبيب مبتدئ أعطى الأم جرعة مورفين كي تتحمل آلام الولادة مما جعلها تدمنه بعد ذلك ليعيش يوجين محملا بهم أمه المدمنة وأبيه البخيل. آلام كثيرة تجمعت على أونيل الأمر الذي جعله ينتحر كمدا في غرفة بفندق شيراتون ليقول قولته الشهيرة "أتيت إلى العالم في غرفة بفندق وها أنا أتركه في غرفة بفندق"

إذا جمعتم معي كلام الدراسة مع حكايات نعرفها جيدا عن ناس من أمثال سعاد حسني التي غنت "الحياة بقى لونها وردي" بينما كانت تقاسي آلاما لا حصر لها وكبف ماتت تلك الميتة الغريبة الغامضة.. إذا فعلتم ذلك وجدتم معي أن الحزن صديق العظماء

هنيئا لي بصديقي العزيز