فبراير 03، 2011

الأزمة



لندلف إلى صميم الموضوع...

نحن الآن أمام طريقين, الأول أن نلجأ إلى الشرعية والثاني أن نستكمل الثورة, فأي الطريقين نسلك ولماذا؟ في هذا السؤال تكمن الأزمة.

تعالوا نتخيل سيناريو الأحداث إذا ما توقفنا عن التظاهر.. بالطبع لن يترك النظام من أشعلوا الثورة ينعمون بالهدوء أو الاستقرار, بل سيتعقبهم, فالرئيس وعمر سليمان يفكران بنفس الطريقة تقريباً, وهما متقاربان جدا ومتحابان للغاية, نعلم جميعا ما سيحدث إذا تمت التهدئة, فالنظام لن يستطيع أن يقبض على هؤلاء الشباب بتهمة العمل الوطني بعدما أثنى عليهم, لذا فهو سيلطخ مآربهم وسيقول إنهم عملاء (وهذا ما يحدث الآن بالفعل) وإن جهات خارجية لن يفصح عنها تحركهم, وسيتم تصفيتهم واحداً تلو الآخر بتهم سياسية أو غير سياسية.

لا يمكننا أيضاً أن نطالب بإيقاف التظاهر, خوفا من وأد النظام للحلم, فبوقف التظاهر يكون الشعب المصري قد أخذ أكبر "قلم" على حد تعبير فهمي هويدي. لكن التفكير الواقعي يقول إن النظام لن يستطيع أن يحبس الجميع, لقد انهار حاجز الخوف, وميزة الثورة الحالية (وخطرها الأكبر في ذات الوقت) أنها ثورة بلا قيادة حقيقية, بمعنى أنها عفوية, وبالتالي فلا يوجد أشخاص بعينهم يستطيع أن ينتقم الرئيس منهم هذه المرة, سيبحث النظام ولن يجد أو ربما سيجد الكثيرين وسيحتار أيهم يمكن أن يصبح الضحية. لكن البقية الباقية من الشباب لن تسكت على التصفية وبهذا يكون النظام قد جلب على نفسه المزيد من الكوارث.

ماذا لو استمرت المظاهرات ولم يجد الرئيس أمامه بداً من الاستقالة؟ الاستمرار في الثورة هو الطريق الثاني الذي سيوجب علينا أن نرضى بأحد الاحتمالات التالية:

الاحتمال الأول: أن يقوم فتحي سرور بالتحكم في مقاليد الأمور وقيادة الحكومة المؤقتة, وهو ما لن يرضى به شباب الثورة لعلمهم بأن فتحي سرور أسوأ من الرئيس ذاته, وأنه من ترزية القوانين وضاربي القرارات في وقت نحتاج فيه إلى رجال يحكمهم ضميرهم قبل أي شيء.

الاحتمال الثاني: أن يقوم عمر سليمان بوصفه نائب الرئيس بتولي زمام السلطة, وعمر سليمان هو الساعد الأيمن للرئيس حيث يدين له بولاء منقطع النظير, عمر سليمان الذي تشهد له دول العالم بأنه من أكفأ رجال المخابرات في المنطقة تورط قبل ذلك في الكثير من جرائم التعذيب لصالح الولايات المتحدة طبقا لستيفن جراي. وبالتالي فلن يقبل به الواعون من شباب الثورة, لأنه سيكون أسوأ من النظام نفسه في تعقبهم ولأنه ببساطة من رجال الحرس القديم.

الاحتمال الثالث هو تشكيل مجلس حكماء أو حكومة ائتلاف وطني, وهو ما لن يرضى به الكثيرون, فلن يقبل أحد أن يتلقى أمراً من السيد البدوي أو رفعت السعيد أو نعمان جمعة, كما لن يرضى الكثيرون عن البرادعي أو أحمد زويل أو أي شخصية سياسية أو غير سياسية تحاول ركوب الموجة.

مع عدم قبول الاحتمالات الثلاثة لا يكون أمام مصر سوى الفوضى... ومع عدم وجود قيادة للثورة وعدم وجود قوة عسكرية لها وعدم اجتماع أفرادها بأي شكل نظامي على قرار واحد فلابد من الرجوع للدستور. والدستور يعطي للرئيس الصلاحيات للتعديل دون غيره, من ثم فنحن ندور لنجد أنفسنا أمام أنفسنا, ونخلع الرئيس لنجدنا في حاجة إليه.

هذه هي الأزمة إذاً, إن مطالب المتظاهرين مشروعة لكن لا يوجد سيناريو واحد مكتمل, فالاستمرار في التظاهر يوردنا مهالك الفوضى والتوقف عنه يعطي الفرصة للنظام لالتقاط الأنفاس ومن ثم إهدار المكاسب التي حققها الشباب. لهذا ربما ينبغي علينا أن نكون أذكى من النظام نفسه وألا نستخدم نفس السلاح الذي بات يعرفه ويتوقعه, فأغلب الظن أن الرئيس الآن يجلس في شرفته يفكر في الكيفية التي سيفرق بها اعتصام التحرير ومظاهرات الجمعة المقبلة, إن كنا نريد الفوز فلابد أن ننوع في طرقنا ولابد لنا من أن نلعب اللعبة بطريقة النظام نفسها..

هناك الكثير من المقترحات التي يمكن أن تصل بالمتظاهرين لمطالبهم, مثل كتابة بيان بالمطالب وخطة زمنية لتنفيذها, وجمع توقيعات على البيان من الملايين كي يكتسب البيان القوة. التظاهر في مناطق مختلفة بدلا من تواجد المتظاهرين في مكان واحد يتم الاعتداء عليهم فيه, تكوين جماعات ضغط من المحامين الشباب وإقامة حزب للمعارضة البيضاء داخل البلاد لأن المعركة ليست مع الرئيس وحده ولكن مع الحزب الوطني بأكمله بل ومع أحزاب المعارضة التقليدية والإخوان. تغيير المطالب نفسها, فلا ينبغي أن تتضمن إقالة الرئيس كأول مطلب بل ينبغي أن تتوجه إلى الإصلاحات, مثل إلغاء قانون الطوارئ والسماح بإطلاق الحريات وتعديل الدستور بشكل يضمن تداول السلطة, يمكن بعد هذا للغاضبين أن يطالبوا بمحاكمة الرئيس والحكومات السابقة. لكن ينبغي أن نتوجه في البداية كشباب إلى الإصلاح وليس للانتقام.

الاستمرار في مظاهرة الشكل الواحد يهدد بتخلي الأهالي عن الشباب خاصة مع الأزمات التموينية المتوقعة وقصر ذات يد الكثيرين. فالمواطنون البسطاء يعتقدون الآن أن سبب توقف أعمالهم هو التظاهر وأن مبارك هو مرادف للاستقرار. الاستمرار في تظاهر التحرير كشكل أوحد لرفض النظام يعني خسارات اقتصادية مستمرة وخسارات مستمرة في الأرواح بين شباب طاهر بل وفقد التعاطف من أصحاب رأس المال ومن الشارع, سينسى هؤلاء أن الحكومة السابقة هي سبب توقف أعمالهم وسيصبح إقناعهم بالحقيقة دربا من خيال.

هذه البلاد غير مستعدة للديمقراطية كما ترون, فمع حديث الرئيس الأخير ونيته عدم الترشح لفترة جديدة سالت دموع ربات البيوت, وهي دموع حقيقية للأسف, وسمح لهن بالبكاء على الفضائيات والتلفزيون الحكومي, فبات الرئيس مثل زوج طلبت منه زوجته الطلاق لسوء معاملته فلما لمح بموافقته بكت. وفهم بكائها على أنه رغبة في الاستمرار معه.

الأزمة إذا كما ترون تتمثل في نظام صارم عنيد, وشعب عاطفي جاهل, ومتظاهرين يتملكهم الغضب وحب مصر لكن ليس لديهم خطط للغد ولا رؤية واضحة! طريق الخروج من الأزمة لا ينبغي أن يكون الثورة وحدها ولا السير تحت ظل الشرعية وحدها, بل ينبغي أن يشتمل على مقومات من الاثنين.

هناك 3 تعليقات:

جارة القمر يقول...

بعد ما حدث بالأمس

لازم نكمل ... ومش هيبقى فى فوضى لو مبارك فعلا حاول تسليم السلطة تسليما سلميا من غير كل الكر والفر دا

جارة القمر يقول...

اخواتى اطمنت عليهم الحمد لله اعلق براحتى بقى

كلامك و تحليلك صح جدا يا عمرو الاحتمالات اللى انت عرضتها هى الحلول المطروحة على الساحة فعلا

الاعلام و النظام نجحوا فعلا فى جعل الاهالى يربطون بين ما يحدث من قلة فى المواد التموينية و فوضى وبين المتظاهرين فى التحرير ... متناسيين ان السبب الاساسى فى الفوضى هو رحيل شرطة غير منظم بالمرة من الشوارع و اخراج بلطجية ورد سجون من أماكنهم ليرهبوا الشعب ثم بعث متظاهرين مؤيدين لمبارك الى التحرير محملين بقنابل و حجارة و عصيان ... لم يفكر أحدهم أن يطلبوا من الدولة حجز البلطجية عن الشباب فى التحرير بدلا من أن تطلب من الشباب الرحيل

أيعقل ان يرحل الشباب بعد أن تكبدوا ما تكبدوا لاخذ حقوقهم الشرعية فى الحياة بكرامة

يا ترى لو مبارك كان خرج على الناس من أول يوم للمظاهرات و ابدى استعداده للتغير كما ابدى بعد المظاهرة المليوينة كان هيحصل كل دا كان هيبقى ادامنا كل الحلول والمشاهدات اللى فى الشارع دى

فى اعتقادى عمر سليمان لا يختلف عن مبارك كثيرا ... أحمد شفيق رجل صح جه فى وقت غلط

مش قادرة اقولك انهو سيناريو من دول هيمشى مين هينتصر ارادة الشعب ولا ارادة البلطجية

عمرو يقول...

ميادة
حمد الله على سلامتهم
:)

بس لسة كلامك كله حماس مش خطوات فعلية, الحماس ده مش بيطمن الخايفين!