أم لبيب تسأل الشيخ في قناة الناس والدموع تكاد تخرج من السماعة, تقول إنها كانت ترتدي النقاب وإن زوجها أمرها بخلعه فامتثلت, وهي تشعر بالذنب لأنها "مش كده".
الشيخ يبتسم ابتسامة العارفين الداخلين إلى الجنة حتفاً بغير حساب.. يبتسم ابتسامة تعني بأن لديه من العلم ما يفوق مقدار التبن الموجود على كوكب الأرض. ثم يخبرها بأن الله أنعم عليها وهي رفضت نعمته.. وأن عليها أن تعود إلى نقابها لأن العلماء أوجبوا النقاب إذا كانت المرأة جميلة مثلها (مغازلة صريحة لأم لبيب مع أنها لم تذكر شيئا عن جمالها) وإذا امتلأ المجتمع بالفساق (زينا كده)..
آآآآآآآآهاهاه آآآآآآآآآآآآآهاهاها... هاااااااااااااااه هههاااااااااااااااه
ينتهي البرنامج بتنهيدات من كورال كبير لأن الموسيقى حرام. وينتهي بي الحال وأنا "مفروس" وعلى وشك الانفجار.
الواقع أن النقاب أمر لا يقره العقل قبل الدين. من قال إن على الإنسان رجلا كان أم امرأة أن يغطي وجهه فلا يعرفه أحد. الوجه هو الهوية, وطريقة المجتمع في التعارف والتقارب, تخيل أن أختك المنتقبة تعرضت لحادث في الشارع وأنت تمشي ببلاهة بجوارها, تنظر إلى الملتفين حولها ولا تحرك ساكناً... تخيل أن يمر أهلك في الشارع فلا تعرفهم.. هل هذا منطقي؟
الوجه هو وسيلة الإنسان للتواصل فأقل من عشرين بالمائة فقط من تواصلنا يتم عن طريق الكلام ونسبة كبيرة تتم من خلال التعبيرات الوجهية. لكن من يتمسكون بالنقاب لا يرون أن المرأة ينبغي أن تتواصل من الأساس, فهي ليست إلا لهم. ومن هنا يمكننا أن نقول إن التمسك بالنقاب تمسك ذكوري في الأساس, فالرجل يريد ألا يطلع أحد على حريمه وأن يراهم هو وهو فقط.
لا توجد آية واحدة في القرآن تدعم النقاب. الآيات التي وردت في الحجاب ثلاثة. الأولى في سورة النور: "و لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ". وهنا لا يوجد أمر بارتداء الخمار, وإنما بجعله على الصدر. البدويات لا يمشين عاريات الرأس لأن رمال الصحراء تجبرهن على تغطية شعورهن خشية أن يستقر الرمل في فروات رؤوسهن مما يستدعي غسل الشعر بشكل مستمر, ويعني الكثير من المعاناة بالنسبة لهن إن كانت شعورهن طويلة. من رأى أهل الصحراء يعلم أن النساء هناك يلبسون فساتين مفتوحة الصدر, حتى أن المرأة لو قامت انكشف جانب كبير من نهديها, ونهدي المرأة أكثر ما يثير شهوة الجنس لدى الرجل, والأمر بتغطية النهدين منطقي ومعقول ومبرر. أما تغطية الوجه فلم يرد في هذه الآية.
الآية الثانية من سورة الأحزاب: " و إِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ". هذه الآية يتم اتخاذها دليلاً على النقاب وأيضاً على ضرورة حبس المرأة عن الرجل وعدم الاختلاط بينهما. الآية نزلت في أمهات المؤمنين لكن هذه ليست القضية, فالمغالون يتجاهلون هدف الآية الأساسي. المتاع يعني أي شيء نستغله ونستخدمه, وهذا على الأغلب يكون في البيت, والمشكلة كانت أن بيت الرسول صلى الله عليه وسلم كان مقصدا للبار والفاجر, وللمسلم والكافر, وكان تردد الناس على بيت الرسول يؤذيه, فنزلت الآية كي تحد من اختراق هؤلاء لخصوصية بيوت الرسول. فالمرأة في بيتها تكون متخففة من ملابسها والتردد علىها بهذا الشكل لا يرضيها ولا يرضي زوجها, أما بيوتنا فهي ليست مقصداً دائما لهؤلاء وإن كانت كذلك وجب فيها ما بالآية. بقية الآية يوضح ذلك.. " مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ". الآية على ما فيها من أمر بحجب أمهات المؤمنين إلا أنها تحمل الكثير من الخصوصية وتعميمها يتعارض مع حديث صريح ورد عن الرسول (سأتحدث عنه) ومع ما ورد من أخبار الصحابيات أو ما ورد في ترتيب الصفوف أثناء صلاة الجماعة في المذاهب الأربعة.
الآية الثالثة من سورة النور " وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ." يبدو واضحاً على ما أعتقد أن الآية لم تتحدث عن نقاب أو حتى عن الحجاب بالمفهوم الحالي للكلمة ولم تحدد صفة وإنما حددت معنى. فالأصل أن المرأة التي ترجو النكاح لا تبين زينتها ولا تتبرج أما التي لا ترجو النكاح فيمكنها أن تخفف من ثيابها دون تبرج أيضاً وإن كان الأبدى ألا تتخفف منها.
ما ورد من الروايات عن أمهات المسلمين في الحجاب لم يبين له كيفية أيضاً وإن كن جميعا قلن إنهن كن يحتجبن عن الرجال (أي يتحدثن إليهم من وراء حجاب). رغبة أمهات المسلمين في الاحتجاب لا تعني أن يكون هذا تشريعا نلزم به بقية نساء الأرض. هذا شأن أمهات المسلمين طبقا لظروفهن وينبغي ألا يغرينا بتطبيقه على النساء كافة طالما لم يقره الرسول ويوجبه.
لا يوجد من الأحاديث ما يصف النقاب الذي يشيرون إليه, ولا ما يؤكد على ضرورة تغطية المرأة لوجهها, ولا أعلم كيف يمكن للمغالين في دين الله أن يتخلصوا من حديث صحيح عن الرسول: "يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لا يظهر منها إلا هذا وهذا وأشار إلى الوجه والكفين"
كيف يمكن لهؤلاء أن يتجاهلوا كلام النبي الصريح ويحددوا لنا شرعة ومنهاجاً من عقولهم ووفق غيهم؟!
فكروا معي.. لماذا يصر بعضهم على أن اللون المناسب للنقاب هو الأسود؟ هل لأنهم استقوه من الشيعة مثلاً؟!
الشعور بالذنب الذي يورثه الدين لمن يريدون اتباع المغالين كفيل بهز الإسلام وهز صورته وإخراج أجيال تفعل ما لا تؤمن به, وتقوم بأفعال غير منطقية قهرية يرتدون عنها سريعاً, أو يتحولون ضدها, أو يلتزمون بها ويعمدون إلى الخروج على الدين بطريقة أخرى وفي مسائل أخرى من أجل الحصول على مقدار ضئيل من الحرية. ربما يجدر بكم أن تقرؤوا تدوينة أحمد الشمسي "عن الحشرات المتأسلمة الزاحفة" كي تروا بأعينكم أمثلة على ما أقول.
هؤلاء المتأسلمون يفسدون علينا ديننا بغيهم ومغالاتهم وتشددهم.